الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة بقلم صاحب الفضيلة الشيخ عطية محمد سالم قاضى تميز بالمحكمة الكبرى بالمدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بيد الشكر والعرفان وعين الرضا والإحسان تلقيت من فضيلة الأخ الدكتور. محمد المختار بن والدنا وشيخنا بل وعوض والدى العلامة الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطى الذى نشأت فى ظله وأولانى جل عنايته رحمه الله مما أورثنى عنه مننا عظيمة وأيادٍ كريمة. رحمه الله رحمة واسعة. وجعل فى أبنائه أحسن خلف لخير سلف وهذا ولده الأكبر الذى كساه اللَّه حلل العلم ووقاره وجمال الآداب ومكارم الأخلاق مما تميز به عن أقرانه. قد التزم جادة والده ونسج على منواله وجد واجتهد فحصل بفضل اللَّه على شهادات الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية مع ما كان حريصا عليه من التزود والنهل من بحار علوم والده.
وهذه رسالة الدكتوراه قد شرفنى بنسخة منها. وعلمت باعتزامه على طبعها وقد أحسن الظن لى وكرمنى بإتاحة الفرصة لى بعمل تقريظ لها. فجزاه اللَّه أحسن الجزاء.
وقبل البداءة بذلك فهنا اعتذار. وتبرير اعتذار إليه أنى لم أكن ممن وصلوا إلى مستوى تقريظ رسائل رفيعة المستوى كهذه. واعتذار إلى القراء الأفاضل أن أكتب عمن له على مثل هذا الحق.
ولكن المبرر لذلك هو ارتفاع صوت الحق من صميم عمله العلمى إذ أن ميزان العلم لا يتأثر بالعواطف. ولا يترجح بالرغبات.
ومعلوم أن شرف ورفعة العلم من شرف ورفعة المعلوم. وموضوع هذه الرسالة وهو "أصول الفقه" يجمع العلماء على رفعة شأنه وعلو منزلته فهو بقواعد الأحكام أساسها. وهو لجميع العلوم ميزانها. ومما سمعت من والدنا الشيخ محمد الأمين رحمه الله أن علم الأصول يتناول جميع العلوم فمن علوم القرآن العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمكى والمدنى.
ومن علوم الحديث كذلك وطرق الترجيح وأحوال الرواة وأحوال المجتهدين ومناهج الاجتهاد وولات الأوامر والنواهى وما إلى ذلك.
ومن علوم العربية متن اللغة وتصريف الكلمة ومبنى الأساليب فى علوم البلاغة ومن علوم البحث والجدل ترتيب الأدلة وميزان الترجيح. وكل ذلك خدمة ووسيلة لمعرفة واستخراج الأحكام الفرعية من عمومات أدلتها الإجمالية مما لا غنى لطالب علم عنه حتى قالوا جهلة الأصول عوام العلماء.
وهذا الكتاب الذى قدمه الباحث يعتبر فى هذا العلم قمة شامخة وشمسا مشرقة وبحرًا رائغًا. جاء فى عهد متأخر فاستوعب كل عمل متقدم. وقد يتميز بارتكازه على أسس ثلاثة أساسية الأصول الفقه: علم الكلام وعلوم العربية. والفقه. مع اختصاص مؤلفه بسعة علومه وإمامته فى عديد من العلوم. ظهرت آثار ذلك فى هذا الكتاب حيث زادت مراجعه فيه على ما فوق مائة مرجع.
وهذا مما يلزم الباحث أن يشمر عن ساعد الجد ويركب متن الصدق وقف العزم ليرتفع إلى هذا المستوى العلمى. ويساير هذا الإمام فى هذا العمل الجليل. وقد كان كذلك وللَّه الحمد.
وقد ظهرت آثار ذلك بفضل اللَّه وتوفيقه فى عمله فى القسمين القسم الدراسى حيث أبرز حقائق حياة المؤلف وأوضح معالم المجتمع الذى نشأ وعاش فيه والعصر الذى شهد أحداثه تتلاطم فيه تيارات السياسة الغامضة والحياة المضطربة وكيف كانت المؤثرات حول المؤلف من إيجابيات وسلبيات ودون هذا التراث أكثر من ثلاثين مؤلفًا فى العديد من الفنون والعلوم وفى القسم التحقيقى ساهم فى المنهج
العلمى. فقام بتعريفات تركها المؤلف وبتفصيل ما أجمل. حين يورد المؤلف قوله: وفى المسألة خلاف أو أقوال ولم يعرض صور الخلاف ولا يسوق الأقوال فيكملها الباحث بل ويساعد الطالب عندما يواجه عقبات الخلاف ويقف فى حيرة مترجح ما يراه راجحًا وقد يقتصر المؤلف فى بعض المسائل على عرضها من بعض جوانبها وتبقى فى حاجة تجلية بغير الجوانب فيكمل الباحث تلك الجوانب وكذلك شرحه للمصطلحات العلمية وخاصة فى علم الكلام مما ليس لكثير من الطلبة إلمامًا بها.
وهذا العمل كله بمثابة أضواء كاشفة على الكتاب تظهر أسراره وتكشف أستاره وتشع أنواره وهى كذلك مما يبرز شخصية الباحث. وهو لذلك أهل ولقد عرفته حفظه اللَّه منذ نشأته حيث حفظ كتاب اللَّه فى صغره وتلقى علوم الرسم والتجويد فى مسقط رأسه. ولما قدم إلى والده رحمه الله هو وفضيلة أخيه الدكتور عبد اللَّه حصلا على الشهادة الدراسية الأولى فى العلم الأول ثم التحقا بالمعهد العلمى التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود بالمدينة. فحصلا على ثانوية المعهد وليسانس الجامعة ثم الدراسات العليا وحازا شهادة الليسانس ثم الدكتوراه. مع ملازمتهما دورس والدهما رحمه الله ومن ظواهر ما اكتسباه من منهجية والدهما رحمه الله أن أحدهما اتجه إلى الأصول وهو الدكتور المختار صاحب هذه الرسالة، والآخر اتجه إلى التفسير وهما المادتان اللتان كان رحمه الله يوليهما عنايته ولكنهما بهذه المنهجية أكمل بعضهما بعضًا فى مواصلة حياة والدهما العلمية وإنهما بحق عندى ليمثلان الشخصية المثالية فى طلب العلم والمثابرة عليه وباللَّه التوفيق.
عطية محمد سالم
2/ 12/ 1410 هـ