الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على تحريم تحليف البريء دون الظالم) [الفروع 6/ 475 (11/ 189 - 190)].
- وقال أيضا: (ولا يعتد بيمينه إلا بأمر حاكم بمسألة المدعي طوعا، وعنه: يبرأ بتحليف المدعي، وعنه: ويحلفه له، وإن لم يحلفه، ذكرهما شيخنا من رواية مهنا أن رجلا اتهم رجلا بشيء فحلف له، ثم قال: لا أرضى إلا أن تحلف لي عند السلطان، أله ذلك؟ قال: لا، قد ظلمه وتعنته)[الفروع 6/ 476 (11/ 192)].
- وقال أيضا: (قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن منصور: إذا كان يعلم أن عنده مالًا لا يؤدى إليه حقه، فإن أحلفه أرجو أن لا يأثم.
قال القاضي: وظاهر هذا أن له أن يحلفه مع علمه بكذبه.
وقال الشيخ تقي الدين: هذا يدل على أن تحليف البريء حرام دون الظالم.
وقال أيضًا: إن هذه الرواية تدل على الجواز، وظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب: الكراهة) [النكت على المحرر: 2/ 226].
1445 - الحكم بالنكول:
1446 -
وتحليف المدعي:
1447 -
ورد اليمين عليه:
- قال ابن القيم: (قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورضي عنه: وليس المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم في النكول ورد اليمين بمختلف، بل
هذا له موضع، وهذا له موضع، فكل موضع أمكن المدعي معرفته والعلم به، فرد المدعى عليه اليمين= فإنه إن حلف استحق، وإن لم يحلف لم يحكم له بنكول المدعى عليه.
وهذا كحكومة عثمان والمقداد، فإن المقداد قال لعثمان: احلف أن الذي دفعته إلي كان سبعة آلاف وخذها، فإن المدعي هنا يمكنه معرفة ذلك، والعلم به، كيف وقد ادعى به؟ فإذا لم يحلف لم يحكم له إلا ببينة أو إقرار.
وأما إذا كان المدعي لا يعلم ذلك، والمدعى عليه هو المنفرد بمعرفته، فإنه إذا نكل عن اليمين حكم عليه بالنكول، ولم ترد على المدعي، كحكومة عبد الله بن عمر وغريمه في الغلام، فإن عثمان قضى عليه أن يحلف أنه باع الغلام، وما به داء يعلمه، وهذا يمكن أن يعلمه البائع، فإنه إنما استحلفه على نفي العلم، أنه لا يعلم به داء، فلما امتنع من هذه اليمين قضى عليه بنكوله.
وعلى هذا إذا وجد بخط أبيه في دفتره أن له على فلان كذا وكذا، فادعى به عليه، فنكل، وسأله إحلاف المدعي أن أباه أعطاني هذا، أو أقرضني إياه لم ترد عليه اليمين، فإن حلف المدعى عليه، وإلا قضى عليه بالنكول، لأن المدعى عليه يعلم ذلك.
وكذلك لو ادعى عليه: أن فلاناً أحالني عليك بمائة، فأنكر المدعى عليه، ونكل عن اليمين، وقال للمدعي: أنا لا أعلم أن فلانا أحالك، ولكن احلف وخذ، فههنا إن لم يحلف لم يحكم له بنكول المدعى عليه.
وهذا الذي اختاره شيخنا رحمه الله هو فصل النزاع في النكول، ورد اليمين، وبالله التوفيق) [الطرق الحكمية 66].
- وقال أيضا: (وقال الأوزاعي وشريح وابن سيرين والنخعي: إذا نكل ردت اليمين على المدعي، فإن حلف قضي له، وهذا مذهب الشافعي ومالك، وقد صوَّبه الإمام أحمد، واختاره أبو الخطاب وشيخنا في صورة الحكم بمجرد النكول في صورة)[الطرق الحكمية 89 ـ 90].
- وقال أيضا: (ولما كانت أفهام الصحابة رضي الله عنهم فوق أفهام جميع الأمة، وعلمهم بمقاصد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وقواعد دينه وشرعه أتم من علم كل من جاء بعدهم عدلوا عن ذلك، إلى غير هذه المواضع الثلاثة، وحكموا بالرد مع النكول في موضع، وبالنكول وحده في موضع.
وهذا من كمال فهمهم وعلمهم بالجامع والفارق، والحِكَم والمناسبات، ولم يرتضوا لأنفسهم عبارات المتأخرين، واصطلاحاتهم، وتكلفاتهم، فهم كانوا أعمق الأمة علما، وأقلهم تكلفا، والمتأخرون عكسهم في الأمرين.
فعثمان بن عفان، قال لابن عمر: احلف بالله، لقد بعت العبد، وما به داء علمته، فأبى، فحكم عليه بالنكول، ولم يرد اليمين في هذه الصورة على المدعي، ويقول له: احلف أنت أنه كان عالما بالعيب، لأن هذا مما لا يمكن أن يعلمه المدعي، ويمكن المدعى عليه معرفته، فإذا لم يحلف المدعى عليه لم يكلف المدعي اليمين. فإن ابن عمر كان قد باعه بالبراءة من العيوب، وهو إنما يبرأ إذا لم يعلم بالعيب، فقال له: احلف أنك بعته، وما به عيب تعلمه، وهذا مما يمكن أن يحلف عليه دون المدعي، فإنه قد تتعذر عليه اليمين أنه كان عالما بالعيب، وأنه كتمه مع علمه به.
وأما أثر عمر بن الخطاب، وقول المقداد: احلف أنها سبعة آلاف، فأبى أن يحلف فلم يحكم له بنكول عثمان.
فوجهه أن المقرض إن كان عالما بصدق نفسه وصحة دعواه حلف وأخذه، وإن لم يعلم ذلك لم تحل له الدعوى بما لا يعلم صحته، فإذا نكل عن اليمين لم يقض له بمجرد نكول خصمه، إذ خصمه قد لا يكون عالما بصحة دعواه، فإذا قال للمدعي: إن كنت عالما بصحة دعواك فاحلف وخذ= فقد أنصفه جد الإنصاف.
فلا أحسن مما قضى به الصحابة رضي الله عنهم، وهذا التفصيل في المسألة هو الحق، وهو اختيار شيخنا ــ قدس الله روحه ــ) [الطرق الحكمية 94 ـ 95].
- وقال أيضا: (وقولهم: إن الحلف حق، قد وجب عليه، فإذا أبى أن يقوم به ضرب حتى يؤديه.
فيقال: إن في اليمين حقاً له، وحقاً عليه، فإن الشارع: مكنه من التخلص من الدعوى باليمين، وهي واجبة عليه للمدعي، فإذا امتنع من اليمين، فقد امتنع من الحق الذي وجب عليه لغيره، وامتنع من تخليص نفسه من خصمه باليمين.
فقيل: يحبس، أو يضرب حتى يقر، أو يحلف. وقيل: يقضى عليه بنكوله، ويصير كأنه مقر بالمدعى. وقيل: ترد اليمين على المدعي.
والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد، وقول رابع بالتفصيل، كما تقدم، وهو اختيار شيخنا) [الطرق الحكمية 95].
- وقال أيضا: (فأما تحليف المدعي ففي صور:
أحدها: القسامة، وهي نوعان: قسامة في الدماء
…
والثانية: القسامة مع اللوث في الأموال، وقد دل عليها القرآن كما سنذكره إن شاء الله تعالى
…
وأما دلالة القرآن على ذلك: فقال شيخنا قدس الله روحه: لما ادعى ورثة السهمي الجام المفضض المخوص وأنكر الوصيان الشاهدان أنه كان هناك جام، وظهر الجام المدعى وذكر مشتريه أنه اشتراه من الوصيين، صار هذا لوثا يقوي دعوى المدعيين، فإذا حلف الأوليان بأن الجام كان لصاحبهم صدقا في ذلك.
وهذا لوث في الأموال نظير اللوث في الدماء، لكن هناك ردت اليمين على المدعي بعد أن حلف المدعى عليه، فصارت يمين المطلوب وجودها كعدمها، كما أنه في الدم لا يستحلف ابتداء، وفي كلا الموضعين يعطى المدعي بدعواه مع يمينه، وإن كان المطلوب حالفا أو باذلا للحلف.
وفي استحلاف الله للأوليين دليل على مثل ذلك في الدم حتى تصير يمين الأوليين مقابلة ليمين المطلوبين، وفي حديث ابن عباس: حلفا أن الجام لصاحبهم، وفي حديث عكرمة: ادعيا أنهما اشترياه منه، فحلف الأوليان أنهما ما كتما وغيبا، فكان في هذه الرواية أنه لما ظهر كذبهما بأنه لم يكن له جام ردت الأيمان على المدعيين في جميع ما ادعوا.
فجنس هذا الباب: أن المطلوب إذا حلف ثم ظهر كذبه هل يقضى للمدعي بيمينه فيما يدعيه؛ لأن اليمين مشروعة في جانب الأقوى، فإذا ظهر صدق المدعي في البعض، وكذب المطلوب، قوي جانب المدعي، فحلف كما يحلف مع الشاهد الواحد، وكما يحلف صاحب اليد العرفية مقدما على
اليد الحسية. انتهى) [الطرق الحكمية 210 - 212].
- وقال ابن مفلح: (وقال شيخنا: مع علم مدع وحده بالمدعى به لهم ردها، وإذا لم يحلف لم يأخذ، كالدعوى على ورثة ميت حقا عليه يتعلق بتركته، وإن كان المدعى عليه هو العالم بالمدعى به دون المدعي، مثل أن يدعي الورثة أو الوصي على غريم الميت فينكر، فلا يحلف المدعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تضطروا الناس في أيمانهم إلى ما لا يعلمون» .
قال: وأما إن كان المدعي يدعي العلم والمنكر يدعي العلم فهنا يتوجه القولان ــ يعني الروايتين ــ فإن حلف حكم له، وإن نكل صرفهما) [الفروع 6/ 477 (11/ 193 - 194)].
- وقال أيضا: (قال الشيخ تقي الدين: سنح لي في الآية
(1)
أن ورثة السهمي لما ادعوا الجام المفضض والمخوَّص، فأنكر الوصيان الشاهدان أنه كان هناك جام، فلما ظهر الجام المدَّعَى، وذكر مشتريه أنه كان اشتراه من الوصيين، صار هذا لوثا يقوي دعوى المدعيين، فإذا حلف الأوْليان: أن الجام كان لصاحبهم صدقا في ذلك، وهذا لوث في الأموال، نظير اللوث
في الدماء، لكن هناك ردت اليمين على المدَّعي بعد أن حلف المدعى عليه، فصارت يمين المطلوب وجودها كعدمها، كما أنه في الدم لا يستحلف ابتداء، وفي كلا الموضعين يعطى المدعي بدعواه مع يمينه، وإن كان المطلوب حالفا أو باذلا للحالف.
وفي استحلاف الله للأوليين دليل على مثل ذلك في الدم، حتى تصير يمين الأوليين مقابلة ليمين المطلوبين، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: حلفا أن الجام لصاحبهم، وفي حديث عكرمة: ادعيا أنهما اشترياه منه، فحلف الأوليان على أنهما ما كتما ولا غيبا، وهي أشياء، فكان في هذه الرواية: أنه لما كذبهما بأنه لم يكن له جام: ردت الأيمان على المدعيين في جميع ما ادعوه.
فجنس هذا الباب: أن المطلوب إذا حلف ثم ظهر كذبه، هل يقضي للمدعي بيمينه فيما يدعيه؟ لأن اليمين مشروعة في جانب الأقوى، فإذا ظهر صدق المدعي في البعض، وكذب المطلوب، قوي جانب المدعي، فحلف كما يحلف مع شاهد واحد، وكما يحلف صاحب اليد العرفية مقدما على اليد الحسية.
قال: وقال القاضي في «أحكام القرآن» : قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} يعني: ظهور شيء من مال الميت في يد الوصي لم يشهدا به {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} [المائدة: 107] يعني: في اليمين، لأن الوصي يحصل مدعيا، والورثة ينكرونه، فصارت اليمين عليهم، وعسي أنه لو لم يكن للميت إلا وارثان فكانا يدعيا عليها، لأن هذه الآية وردت على سبب
معين، فيحتمل أن يكون الورثة اثنين
(1)
.
وقال في مسألة القضاء بالنكول: هذه الآية وردت في شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا شهدوا على الميت، وحلف الشهود إذا كانوا من أهل الذمة، ثم ظهر في يد الوصي شيء من مال الميت، لم يشهد به الشهود، فإن للورثة أن يحلفوا أنه لم يوص به، لأنهم منكرون لدعوى الوصي أنه موصًى له، فيكون قوله تعالى:{أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 108] يعني: أيمان الورثة فيما ظهر أنه لم يكن موصًى به بعد أيمان الشهود أنه كان موصى به.
قال الشيخ تقي الدين: كيف بعد أيمان الشهود: أنه كان موصى به، وقد قال: لم يشهد به الشهود؟ ! لكن كأنه قصد بعد أيمان الشهود فيما شهدوا أنه موصى به، وهذا المعنى ضعيف؛ لأن رد اليمين بهذا الاعتبار لأوصيتم
(2)
على به حتى يحلفوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم، اللهم إلا أن يقال: هذا يحملهم على أن يشهدوا بجميع ما قبضه الوصي، ولا يكتموا الشهادة ببعض ما قبضه، لئلا ترد، لكن الشهادة عليه بالقبض ليست شهادة على الميت، وهل حكمها حكمها؟ قد بينته
(3)
في غير هذا الموضع.
وقال ــ يعني: القاضي ــ: من يقول برد اليمين على المدعي إذا نكل المطلوب يقول: معنى الآية: أقر برد أيمان عند عدم أيمانهم.
(1)
في ط 1: (اثنان) ، والمثبت من ط 2.
(2)
في حاشية «النكت» : (كذا بالأصل).
(3)
في ط 2: (كبينته).
وقال الشيخ تقي الدين: وقد ذكر المالكية مسألة يحكم فيها بيمين المدعيين على أحد القولين، وهو ما إذا غار قوم على بيت رجل فأخذوا ما فيه، والناس ينظرون إليهم، ولم يشهدوا على معاينة ما أخذوه، ولكن على أنهم أغاروا وانتهبوا.
فقال ابن القاسم وابن الماجشون: القول قول المنتهب مع يمينه، لأن مالكا قال في منتهِب الصرَّة، يختلفان في عددها: القول قول المنتهب مع يمينه.
وقال مطرف وابن كنانة وابن حبيب: القول قول المنتهب منه مع يمينه فيما يشبه، ويحمل على الظالم.
قال مطرف: ومن أخذ من المغيرين ضمن ما أخذه رفاقه، لأن بعضهم عون لبعض، كالسراق والمحاربين، ولو أخذوا جميعًا وهم أملياء، كل واحد منهم ما ينوبه، وقاله ابن الماجشون، وأصبغ في الضمان، قالوا: والمغيرون كالمحاربين إذا شهروا السلاح على وجه المكابرة كان ذلك على أصل مأمرة بينهم، أو على وجه الفساد، وكذلك والي البلد يغير على أهل ولايته، وينهب ظلما مثل ذلك في المغيرين.
قال الشيخ تقي الدين: المحاربون قصدهم المال مطلقا، والمغيرون قصدهم من قوم بأعيانهم.
قال ابن القاسم: ولو ثبت أن رجلين غصبا عبدا ففات فله به أخذ قيمته من المليء، ويتبع المليء ذمة رفيقه المعدم بما ينوبه. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 278 - 280]
(1)
.
(1)
انظر: «الجواب الصحيح» (6/ 463 - 468)، «الاختيارات» للبعلي (495 - 496).