الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نكاح الكفار
1010 - إذا أسلم الزوجان في مجلس واحد:
- قال ابن القيم: (
…
بل إذا أسلما في المجلس الواحد فقد اجتمعا على الإسلام، ولا يؤثر سبق أحدهما الآخر بالتلفظ به، وهذا اختيار شيخنا) [أحكام أهل الذمة
1/ 318]
(1)
.
1011 -
إذا أسلم أحد الزوجين قبل الآخر:
- قال ابن القيم: (وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على أبي العاص بالنكاح الأول بعد ست سنين.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، لم يحدث شيئا. وفي لفظ له: بعد ست سنين. وفي لفظ: بعد سنتين.
قال شيخ الإسلام: هذا هو الثابت عند أهل العلم بالحديث، والذي روي أنه جدَّد النكاح ضعيف.
قال: وكذلك كانت المرأة تسلم ثم يسلم زوجها بعدها والنكاح بحاله، مثل أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، فإنها أسلمت قبل العباس بمدة، قال عبد الله بن عباس: كنت أنا وأمي ممن عذر الله بقوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء: 98].
(1)
انظر: «الفتاوى» (32/ 336 - 337).
ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أسلم نساء الطلقاء، وتأخر إسلام جماعة منهم ــ مثل: صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وغيرهما ــ الشهرين والثلاثة وأكثر، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فرقا بين ما قبل انقضاء العدة وما بعدها، وقد أفتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنها ترد إليه وإن طال الزمان، وعكرمة بن أبي جهل قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد رجوعه من حصار الطائف وقسم غنائم حنين في ذي القعدة، وكان فتح مكة في رمضان، فهذا نحو ثلاثة أشهر يمكن انقضاء العدة فيها وفيما دونها، فأبقاه على نكاحه ولم يسأل امرأته هل انقضت عدتك أم لا؟ ولا سأل عن ذلك امرأة واحدة مع أن كثيرا منهن أسلم بعد مدة يجوز انقضاء العدة فيها، وصفوان بن أمية شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا وهو مشرك، وشهد معه الطائف كذلك، إلى أن قسم غنائم حنين بعد الفتح بقريب من شهرين، فإن مكة فتحت لعشر بقين من رمضان، وغنائم حنين قسمت في ذي القعدة، ويجوز انقضاء العدة في مثل هذه المدة.
قال: وبالجملة فتجديد رد المرأة على زوجها بانقضاء العدة لو كان هو شرعه الذي جاء به لكان هذا مما يجب بيانه للناس من قبل ذلك الوقت، فإنهم أحوج ما كانوا إلى بيانه، وهذا كله مع حديث زينب يدل على أن المرأة إذا أسلمت وامتنع زوجها من الإسلام فلها أن تتربص وتنتظر إسلامه، فإذا اختارت أن تقيم منتظرة لإسلامه فإذا أسلم أقامت معه فلها ذلك، كما كان النساء يفعلن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كزينب ابنته وغيرها، ولكن لا يمكنه من وطئها ولا حكم له عليها ولا نفقة ولا قسم، والأمر في ذلك إليها لا إليه، فليس هو في هذه الحال زوجا مالكا لعصمتها من كل وجه، ولا يحتاج إذا أسلم إلى ابتداء عقد يحتاج فيه إلى ولي وشهود ومهر وعقد، بل إسلامه
بمنزلة قبوله للنكاح، وانتظارها بمنزلة الإيجاب، وسر المسألة أن العقد في هذه المدة جائز لا لازم، ولا محذور في ذلك ولا ضرر على الزوجة فيه، ولا يناقض ذلك شيئا من قواعد الشرع.
وأما الرجل إذا أسلم وامتنعت المشركة أن تسلم فإمساكه لها يضر بها، ولا مصلحة لها فيه، فإنه إذا لم يقم لها بما تستحقه كان ظالما، فلهذا قال تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فنهى الرجال أن يستديموا نكاح الكافرة، فإذا أسلم الرجل أمرت امرأته بالإسلام فإن لم تسلم فرق بينهما.
قال شيخنا: وقد يقال بل هذا النهي للرجال ثابت في حق النساء، ويقال: إن قضية زينب منسوخة، فإنها كانت قبل نزول آية التحريم لنكاح المشركات، وهذا مما قاله طائفة منهم محمد بن الحسن.
قلت: وهذا قاله غير واحد من العلماء، قال أبو محمد بن حزم: أما خبر زينب فصحيح ولا حجة فيه؛ لأن إسلام أبي العاص كان قبل الحديبية، ولم يكن نزل بعد تحريم المسلمة على المشرك. وكذلك قال البيهقي.
قال شيخنا: لكن يقال: فهذه الآية كانت قبل فتح مكة بعد الحديبية، ثم لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة رد نساء كثيرا على أزواجهن بالنكاح الأول لم يحدث نكاحا، وقد احتبس أزواجهن عليهن، ولم يأمر رجلا واحدا بتجديد النكاح البتة، ولو وقع ذلك لنقل، ولما أهملت الأمة نقله) [أحكام أهل الذمة 1/ 324 - 327].
- وقال أيضا: (قال شيخ الإسلام: وأما القول بأنه بمجرد إسلام أحد
الزوجين المشركين تحصل الفرقة قبل الدخول أو بعده= فهذا قول في غاية الضعف، فإنه خلاف المعلوم المتواتر من شريعة الإسلام، فإنه قد علم أن المسلمين الذين دخلوا في الإسلام كان يسبق بعضهم بعضا بالتكلم بالشهادتين، فتارة يسلم الرجل وتبقى المرأة مدة ثم تسلم، كما أسلم كثير من نساء قريش وغيرهم قبل الرجال، وروي أن أم سليم امرأة أبي طلحة أسلمت قبل أبي طلحة، وتارة يسلم الرجل قبل المرأة ثم تسلم بعده بمدة قريبة أو بعيدة.
وليس لقائل أن يقول: هذا كان قبل تحريم نكاح المشركين لوجهين:
أحدهما: أنه لو قدر تقدم ذلك فدعوى المدعي أن هذا منسوخ تحتاج إلى دليل.
الوجه الثاني: أن يقال: لقد أسلم الناس ودخلوا في دين الله أفواجا بعد نزول تحريم المشركات، ونزول النهي عن التمسك بعصم الكوافر، فأسلم الطلقاء بمكة وهم خلق كثير، وأسلم أهل الطائف وهم أهل مدينة، وكان إسلامهم بعد أن حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ونصب عليهم المنجنيق ولم يفتحها، ثم قسم غنائم حنين بالجعرانة واعتمر عمرة الجعرانة، ثم رجع بالمسلمين إلى المدينة، ثم وفد وفد الطائف فأسلموا، ونساؤهم بالبلد لم يسلمن، ثم رجعوا وأسلم نساؤهم بعد ذلك
…
الخ
(1)
) [أحكام أهل الذمة: 342].
- وقال ابن مفلح: (واختار شيخنا فيما إذا أسلمت قبله بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده ما لم تنكح غيره، والأمر إليها، ولا حكم له عليها، ولا حق
(1)
والكلام متصل حول هذه المسألة، ولم أتحقق من موضع انتهاء كلام شيخ الإسلام.