الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتعليل الثاني ضعيف، لأنه يوجب أن لا تقبل شهادتهما بالقيمة والقدر، لأنهما يستحقان عليه الأجرة، ولأن الأمناء تقبل أقوالهم فيما يستحقون عليه أجرة، كالوصي في العمل والإنفاق، وذلك لأنهما تراضيا بأن يكون حكما بينهما، يجعل كالحاكم لو أعطيناه جعلا على ما ذكره بعض أصحابنا، وشبيه بهذا: ما لو رضي الخصم بشهادة عدوه، أو أبي خصمه ومن يتهم عليه، أو رضي بقضائه، وكذلك شهادة الظئر المستأجرة بالرضاع، وشهادة القابلة بالولادة. انتهى كلام الشيخ تقي الدين.
وقال أيضا: بناها القاضي على أن شهادة الإنسان على فعل نفسه تقبل كالمرضعة، ضَعَّف مأخذ من وافقه أنهما ليسا شهادة على فعل نفسه. انتهى كلامه.
وقال القاضي: قال مالك والشافعي: لا تجوز شهادتهما.
قال الشيخ تقي الدين: وكذلك قال القاضي في مسألة الحكم بالعلم: في حكمه بعلمه سبب يوجب التهمة، وهو أنه يثبت حكمه بقوله، فهو كقاسمي الحاكم إذا شهدا بالقسمة لم يحكم بشهادتهما، لأنهما أثبتا فعلهما بشهادتهما) [النكت على المحرر: 2/ 269 - 270 (3/
112)].
1511 -
شهادة الكافر:
- قال ابن القيم: (الطريق السابع عشر
(1)
: الحكم بشهادة الكافر، وهذه مسألة لها صورتان:
إحداهما: شهادة الكفار بعضهم على بعض.
(1)
أي: من طرق الحكم.
والثانية: شهادتهم على المسلمين.
فأما المسألة الأولى فقد اختلف فيها الناس قديما وحديثا، فقال حنبل: حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن أبي حصين عن الشعبى قال: تجوز شهادة اليهودي على النصراني.
قال حنبل: وسمعت أبا عبد الله قال: تجوز شهادة بعضهم على بعض، فأما على المسلمين فلا تجوز، وتجوز شهادة المسلم عليهم.
وبالغ الخلال في إنكار رواية حنبل، ولم يثبتها رواية. وأثبتها غيره من أصحابنا، وجعلوا المسألة على روايتين.
قالوا: وعلى رواية الجواز فهل يعتبر اتحاد الملة
(1)
؟ فيه وجهان. ونصروا كلهم عدم الجواز، إلا شيخنا، فإنه اختار الجواز) [الطرق الحكمية 137 ـ 138 (1/ 474 - 475)].
- وقال أيضا: (قال شيخنا رحمه الله: وقول الإمام أحمد في قبول شهادتهم في هذا الموضع
(2)
: هو ضرورة، يقتضي هذا التعليل قبولها ضرورة حضرا وسفرا.
وعلى هذا، لو قيل: يحلفون في شهادة بعضهم على بعض، كما يحلفون في شهاداتهم على المسلمين في وصية السفر لكان متوجها.
ولو قيل: تقبل شهادتهم، مع أيمانهم في كل شيء عدم فيه المسلمون لكان له وجه، ويكون بدلا مطلقا.
(1)
في ط 1: (المسألة) ، والتصويب من ط 2.
(2)
أي: شهادة الكفار على المسلمين في السفر.
قال الشيخ: ويؤيد هذا ما ذكره القاضي وغيره محتجا به، وهو في «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد: أن رجلا من المسلمين خرج، فمر بقرية، فمرض، ومعه رجلان من المسلمين فدفع إليهما ماله، ثم قال: ادعوا لي من أشهده على ما قبضتماه، فلم يجد أحدا من المسلمين في تلك القرية، فدعوا أناسا من اليهود والنصارى فأشهدهم على ما دفع إليهما
…
وذكر القصة، فانطلقوا إلى ابن مسعود فأمر اليهودي والنصراني أن يحلفا بالله لقد ترك من المال كذا وكذا، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين، ثم أمر أهل المتوفي أن يحلفوا أن شهادة اليهود والنصارى حق، فحلفوا، فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهد به اليهودي والنصراني، وذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه.
فهذه شهادة للميت على وصيته، وقد قضى بها ابن مسعود مع يمين الورثة لأنهم المدعون، والشهادة على الميت لا تفتقر إلى يمين الورثة، ولعل ابن مسعود أخذ هذا من جهة أن الورثة يستحقون بأيمانهم على الشاهدين إذا استحقا إثما، فكذلك يستحقون على الوصية مع شهادة الذميين بطريق الأولى.
وقد ذكر القاضي هذا في مسألة دعوى الأسير إسلاما، فقال: وقد قال الإمام أحمد في السبي إذا ادعوا نسبا، وأقاموا بينة من الكفار: قبلت شهادتهم. نص عليه في رواية حنبل وصالح وإسحاق بن إبراهيم، لأنه قد تتعذر البينة العادلة، ولم يجز ذلك في رواية عبد الله، وأبي طالب.
قال شيخنا ــ -رحمه الله تعالى- ــ: فعلى هذا كل موضع ضرورة، غير المنصوص فيه فيه روايتان، لكن التحليف ههنا لم يتعرضوا له، فيمكن أن
يقال: لأنه إنما يحلف حيث تكون شهادتهم بدلا، كما في مسألة الوصية، بخلاف ما إذا كانوا أصولا، والله أعلم) [الطرق الحكمية 148 - 149].
- وقال أيضا: (قال شيخنا رحمه الله: وهل تعتبر عدالة الكافرين في الشهادة بالوصية في دينهما، عموم كلام الأصحاب يقتضي أنها لا تعتبر، وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم.
وصرح القاضي بأن العدالة غير معتبرة في هذه الحال، والقرآن يدل عليه.
وصرح القاضي أنه لا تقبل شهادة فساق المسلمين في هذا الحال، وجعله محل وفاق، واعتذر عنه، وفي اشتراط كونهم من أهل الكتاب روايتان، وظاهر القرآن: أنه لا يشترط، وهو الصحيح، لأنه سبحانه قال للمؤمنين:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] وغير المؤمنين هم الكفار كلهم، ولأنه موضع ضرورة، وقد لا يحضر الموصى إلا كفار من غير أهل الكتاب، وإن تقييده بأهل الكتاب لا دليل عليه، ولأن ذلك يستلزم تضييق محل الرخصة، مع قيام المقتضي لعمومه.
فإن قيل: فهل يجوز في هذه الصورة أن يحكم بشهادة كافر وكافرتين؟
قيل: لا نعرف عن أحد في هذا شيئاً، ويحتمل أن يقال بجواز ذلك، وهو القياس، فإن الأموال يقبل فيها رجل وامرأتان، وهذا قول أبي محمد بن حزم، وهو يحتج بعموم قوله صلى الله عليه وسلم :«أليست شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ » وهذا العموم جوز الحكم أيضا في هذه الصورة بأربع نسوة كوافر، وليس ببعيد عند الضرورة إذا لم يحضره إلا النساء، بل هو محض الفقه.
فإن قيل: فهل ينقض حكم من حكم بغير حكم هذه الآية؟
قيل: أصول المذهب تقتضي نقض حكمه، لمخالفة نص الكتاب.
قال شيخنا ــ رضي الله عنه ــ في «تعليقه على المحرر» : ويتوجه أن ينقض حكم الحاكم إذا حكم بخلاف هذه الآية، فإنه خالف نص الكتاب العزيز بدلالات ضعيفة) [الطرق الحكمية 149 ـ 150].
- وقال ابن مفلح: (ولا شهادة لكافر إلا عند العدم بوصية ميت في سفر مسلم أو كافر، نقله الجماعة، وذكر في «المغني» و «الروضة» وشيخنا أنه نص القرآن، وفي «المذهب» رواية: لا تقبل، وفي اعتبار كونه كتابيا روايتان، بل رجلا
(1)
، وقيل: وذميا
(2)
، ويحلفه الحاكم، قيل: وجوبا، وقيل: ندبا، وفي «الواضح»: مع ريب، بعد العصر، ما خان ولا حرف وإنها لوصية الرجل، وعنه: وتقبل للحميل
(3)
، وعنه: وموضع ضرورة، وعنه: سفرا، ذكرهما شيخنا، قال: كما تقبل شهادة النساء في الحدود، إذا اجتمعن في العرس أو الحمَّام، وعنه: وبعضهم على بعض، نصره شيخنا وابن رزين) [الفروع 6/ 578 - 579 (11/ 354 - 356)].
- وقال أيضا: (قال الشيخ تقي الدين: وهل تعتبر عدالة الكافرين في الوصية في دينهما؟ عموم كلام الأصحاب يقتضي: أنه لا يعتبر، وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم.
(1)
قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع» : (أي: يعتبر كونه رجلا، فلا يقبل فيه امرأة).
(2)
قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع» : (أي: وقيل: ويعتبر كونه ذميا، فعلى هذا: لا يقبل حربي، لكن المقدم خلافه).
(3)
قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع» : (المراد بالحميل: الغارم لإصلاح ذات البين، والله أعلم).
وصرح القاضي: بأن العدالة غير معتبرة في هذه الحال، والقرائن تدل عليه، وكذلك الآثار المرفوعة والموقوفة.
وأما المسلمون فصرح القاضي: أنه لا تقبل شهادة فساق المسلمين في هذه الحال، جعله محل وفاق، واعتذر عنه. انتهى كلامه.
وسيأتي في ذكر مسألة: «ومالا يطلع عليه الرجال كعيوب النساء» من كلامه ما يخالفه.
وقال أكثر العلماء ــ منهم الأئمة الثلاثة ــ: لا تقبل شهادتهم على المسلمين بحال، ولم أجد بهذا قولا في مذهبنا) [النكت على المحرر: 2/ 272 - 273].
- وقال أيضا: (وقد ذكر القاضي أبو يعلى هذه المسألة، فقال: وقد قال الإمام أحمد في السبي إذا ادعوا نسبا، وأقاموا بينة من الكفار: قبلت شهادتهم، نص عليه في رواية حنبل وصالح وإسحاق بن إبراهيم، لأنه قد تتعذر البينة العادلة. ولم يجز ذلك في رواية عبد الله وأبي طالب، لأنه لا نص في ذلك.
قال الشيخ تقي الدين: فعلى هذا كل موضع ضرورة غير المنصوص فيه روايتان، لكن التحليف هنا لم يتعرضوا له، فيمكن أن يقال: لأنه إنما يحلف حيث تكون شهادتهم بدلا في التحميل، بخلاف ما إذا كانوا أصولا قد علموا من غير تحميل.
وقال أيضًا: نقل ابن صدقة عن الإمام أحمد: سئل الإمام أحمد عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق، ولا يحضر إلا النساء، هل تجوز
شهادتهن؟ قال: نعم، تجوز شهادتهن في الحقوق، ذكرها القاضي مستشهدًا بقبول الشهادة حال الضرورة.
وظاهر هذه: أنه تقبل شهادة النساء منفردات في الوصية مطلقا، كما تقبل شهادة الكفار، وهذا يؤيد ما ذكرته، يعني ما تقدم من أنها تقبل في السفر والحضر إذا لم يكن ثم مسلم.
وفي موضع آخر قال ــ يعني القاضي ــ: نقلت من خط أبي حفص عن سندي القزاز قال: وسئل عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويُعتِق ولا يحضره إلا النساء، هل تجوز شهادتهن في الحقوق؟ يحتمل أنها تقبل مع يمين الموصى له، كأحد الزوجين.
ويتوجه أن يكون ذلك فيما ليس له منكر، فإن الشهادة على الميت ليست كالشهادة على الحي، فإنه إما أن يقر أو يجحد، فإن جحد كان جحده معارضا لأحدهما، وسلم الآخر، بخلاف مالا معارض له، ولهذا قلنا: إن الإمام لا يرجع حتى يسبح به اثنان في الصلاة، وهذا فرق معنوي.
وقال أيضا: قول الإمام أحمد: «أقبل شهادتهم إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم، هذه ضرورة» فيقتضى عمومه: أنها لا تقبل في السفر على كل شيء عند عدم المسلمين، فتقبل على الإقرار، وعلى نفس الموت لأجل انتقال الإرث، وزوال النكاح، وعلى القتال، وعلى غير ذلك، وهذا هو القياس الجلي، فإنها إذا قبلت على الوصية فلأن تقبل على الموت أولى وأحرى، وليس في الوصية معنى إلا وقد يوجد في غيرها مثله، أو أقوى، أو قريب، ولذلك قلنا: شهادتهم في إحدى الروايتين بالنسب والولادة في مسألة الحميل، إذ ليس هناك من يعلم النسب من المسلمين.
قال: وقوله: «هذه ضرورة» يقتضى هذا التعليل قبولها في كل ضرورة، حضرًا وسفرًا، وعلى هذا: فشهادة بعضهم على بعض ضرورة، فلو قيل: إنهم يحلفون في شهادة بعضهم على بعض، كما يحلفون في شهادتهم على المسلمين وأصحابهم في وصية السفر لكان متوجهًا، ولو قيل: بقبول شهادتهم مع أيمانهم في كل شيء عُدم فيه المسلمون لكان له وجه، وتكون شهادتهم بدلًا مطلقا.
يؤيد ما ذكرته: ما ذكره القاضي وغيره محتجا به ــ وهو في «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد أن رجلا من المسلمين خرج، فمر بقرية، فمرض ومعه رجلان من المسلمين، فدفع إليهما ماله، ثم قال: ادعوا لي من أشهده على ما قبضتماه، فلم يجدوا أحدا من المسلمين في تلك القرية، فدعوا أناسا من اليهود والنصارى، فأشهدهم على ما دفع إليهما
…
وذكر القصة، فانطلقوا إلى ابن مسعود، فأمر اليهود أن يحلفوا بالله: لقد ترك من المال كذا، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين، ثم أمر أهل المتوفى أن يحلفوا: أن شهادة اليهود والنصارى حق، فحلفوا، فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهدت به اليهود والنصارى، وكان ذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه.
قال أبو العباس: فهذه شهادة الميت على وصيته، قد قضى بها ابن مسعود مع يمين الورثة، لأنهم المدعون، والشهادة على الميت لا تفتقر إلى يمين الورثة، ولعل ابن مسعود أخذ هذا من جهة أن الورثة يستحقون بأيمانهم على الشاهدين إذا استحقا إثما، فلذلك يستحقون على الوصيين بشهادة الذميين بطريق الأولى، وهذا يؤيد ما ذكرته باطنها. انتهى كلامه.
يعني: باطن الورقة، وسيأتي ذلك) [النكت على المحرر: 2/ 275 - 278].
- وقال أيضا: (قوله
(1)
: «وعنه
(2)
: تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض» نقل الجماعة ــ المروذي وأبو داود وحرب والميموني ــ: لا تجوز شهادة بعضهم على بعض، ولا على غيرهم، لأن الله تعالى قال:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، وليس الذمي ممن نرضى، وبه قال مالك والشافعي.
قال القاضي: ونقل حنبل عنه: تجوز شهادة بعضهم على بعض.
واختلف أصحابنا في ذلك، فقال أبو بكر الخلال وصاحبه: غلط حنبل فيما نقل، والمذهب: أنه لا تقبل.
وكان شيخنا
(3)
يحمل المسألة على روايتين:
إحداهما: تجوز شهادة بعضهم على بعض، على ظاهر ما رواه حنبل، والثانية: لا تجوز، وهو الصحيح. انتهى كلامه.
قال أبو الخطاب: وقال ابن حامد وشيخنا: المسألة على روايتين، قال:
(1)
أي: صاحب «المحرر» .
(2)
أي: الإمام أحمد.
(3)
في حاشية «النكت» : (لعله يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لأنه شيخ ابن مفلح) ا. هـ. أقول: بل الكلام هنا لا زال للقاضي، ويريد بشيخه: ابن حامد، وانظر:«الروايتين والوجهين» للقاضي (3/ 82)، وقد ظهر بقراءة «النكت» أن ابن مفلح لا يذكر شيخه إلا بلقبه (تقي الدين)، أو كنيته (أبو العباس)، وأما في كتابه «الفروع» فالأكثر أنه يذكره بقوله:(شيخنا)، وإذا ذكر معه صاحب «المحرر» ، نعته بـ (حفيده).
وهو الصحيح، فإن حنبلا ثقة ضابط، وروايته أقوى في باب القياس، ويعضد هذا: أن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أجاز شهادتهم على المسلمين في الوصية في السفر، فلولا كونهم أهلا للشهادة لما جازت، ونصر أبو الخطاب هذه الرواية، وهي قول أبي حنيفة وجماعة.
قال الشيخ تقي الدين: وهي إن شاء الله أصح. انتهى كلامه.
وقد روى جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة بعضهم على بعض، رواه ابن ماجه وغيره من رواية مجالد، وهو ضعيف عند الأكثر.
ويحتمل أنه أراد اليمين، فإنها تسمى شهادة، قال الله تعالى:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6].
وقال الشيخ تقي الدين: وهذا الخلاف على أصلنا إنما هو حيث لا نجيز شهادتهم على المسلمين، فأما إذا أجزنا شهادتهم على المسلمين فعلى أنفسهم أولى، كما ذكره الجد في الوصية في السفر، وقد ذكر في قبول شهادتهم في كل ضرورة غير الوصية روايتين، كالشهادة على الأنساب التي بينهم في دار الحرب، فعلى هذه الرواية: تقبل شهادة بعضهم على بعض في كل موضع ضرورة، كما تقبل على المسلمين وأولى بنفي التحليف، وضرورة شهادة بعضهم على بعض أكثر من ضرورة المسلمين، فيقرب الأمر. انتهى كلامه.
وقد تقدمت هذه الرواية التي ذكرها، وأما على الرواية التي تقبل شهادة بعضهم على بعض: فتقبل مطلقا، بعضهم تصريحا، وبعضهم ظاهرا، لما في تكليفهم إشهاد المسلمين من الحرج والمشقة، وعلى هذه الرواية لا يختلف.