الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدين مؤجل، انتهى كلامه.
وقال أيضًا: ومن الدعاوى ما يكون على غير مدعى عليه موجود، مثل رجل ابتاع شيئًا وتسلمه، فيدعي أنه ابتاع وتسلم، أو يدعي أن المكان الذي بيده وقف على كذا ونحو ذلك، فهذا مضمونه دعوى تَثَبُّت، لا دعوى حكم.
فإن الطالب إما أن يطلب إقرارا أو إعطاء، وطلب الإقرار مقصوده هو الإعطاء، فإذا طلب إقرارا من معين لا طلب معه، فطلب من الحاكم تثبتا بأن يسمع الشهادة أو الإقرار، فهذا نوع واسع، لما احتاج إليه الناسُ أحدثوا الخصم المسخر، والدعوى المسخرة، وهو باطل وتلاعب بالشريعة، وهو موقوف على سماع الدعوى المقتضية للثبوت فقط لا الحكم، فائدته بقاء الحجة إن حدث منازع، وكأنه دعوى على خصم مظنون الوجود، أو خصم مقدر، وهذا قد يدخل في كتاب القاضي، وفائدته كفائدة الشهادة على الشهادة، وهو مثل كتاب القاضي إلى القاضي، إذا كان فيه ثبوت محض، فإنه هناك يكون مدع فقط من غير مدعى عليه حاضر، لكن هنا لا مدعى عليه حاضر ولا غائب، لكن المدعى عليه مخوف، فإنما المدعي يطلب من القاضي سماع البينة أو الإقرار، كما يسمع ذلك شهود الفرع، فيقول القاضي: ثبت ذلك عندي بلا مدعى عليه، وهذا ليس ببعيد، وقد ذكره قوم من الفقهاء، وفعله طائفة من القضاة. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 233 - 235].
1479 - الشهادة قبل الدعوى في حق الآدمي المعين:
- قال ابن مفلح: (ولا تقبل شهادة قبل الدعوى
(1)
، وقبلها في
(1)
قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع» : (المراد: إذا كانت الدعوى في حق لآدمي معين، لأنه في سياق الكلام عليه، وأما إذا كان في حق الله تعالى، أو لآدمي غير معين، فقد قدم في أول الفصل أنه لا يحتاج فيه إلى دعوى، وأن الشهادة تصح قبلها
…
الخ).
«التعليق» و «الانتصار» و «المغني» إن لم يعلم به، قال شيخنا: وهو غريب، وذكر الأصحاب: تسمع بالوكالة من غير حضور خصم، ونقله مهنا، قال شيخنا: ولو في البلد، وبناه القاضي وغيره على القضاء على الغائب، والوصية مثلها.
قال شيخنا: الوكالة إنما تثبت استيفاء حق أو إبقاءه بحاله، وهو مما لا حق للمدعى عليه فيه، فإن دفعه إلى هذا الوكيل وإلى غيره سواء، ولهذا لم يشترط فيها رضاه، وأبو حنيفة يجعل للموكل عليه فيها حقا، ولهذا لا تجوز الخصومة إلا برضا الخصم، لكن طرد العلة ثبوت الحوالة بالحق من غير حضور المحال عليه، لعدم اعتبار رضاه، والوفاة وعدد الورثة يثبت من غير حضور المدين والمودع، ولو ادعى أنه ابتاع دار زيد الغائب فله أن يثبت ذلك من غير حضور من الدار في يده، وحاصله أن كل من عليه دين أو عنده عين فإذا لم يعتبر رضاه في إقباضها أو إخراجها عن ملكه لا يعتبر حضوره في ثبوتها، وعلى هذا فيجوز أن تثبت الوكالة بعلم القاضي، كما تثبت الشهادة، وتوكل
(1)
علي لعبد الله بن جعفر كالدليل على ذلك، فإنه أعلم الخلفاء أنه وكيله، ولم يشهد على ذلك ولا أثبتها في وجه خصم
…
إلى أن قال
(2)
: فالتوكيل مثل الولاية، وتثبت الولاية بالشهادة على المولى مع حضوره في البلد، ومن هذا كتاب الحاكم إلى الحاكم فيما حكم به) [الفروع 6/ 527 - 528 (11/ 270 - 272)].
(1)
كذا، ولعل الصواب:(توكيل) كما يأتي (ص 1078).
(2)
أي: ابن تيمية، والكلام لابن مفلح.
- وقال أيضا: (وذكر القاضي في «التعليق» : أن الشهود لو شهدوا بحق قبل دعوى المدعي قبلت شهادتهم إن شهدوا بما لا يعلمه صاحب الحق، وإن شهدوا بما يعلمه قبل أن يدعيه لم تقبل.
وفرق بينه وبين اليمين: أنه لو لم تسمع الشهادة أدى إلى ضياع حقه، لأنه غير عالم به فيطالب به، بخلاف اليمين، فإن الامتناع من سماعها بعد حضوره لا يؤدي إلى إسقاطها، لأنه حق له وهو عالم به، ولأن الشهود إذا علموا بالحق لزمهم إقامة الشهادة، لأن في الامتناع كتمانها، ولا يجوز أن يلزمهم إقامتها ولا تسميعها للحاكم.
قال الشيخ تقي الدين ــ بعد ذكر كلام القاضي هذا ــ: وهذا الذي قاله القاضي ــ من صحة الشهادة قبل الدعوى ــ غريب. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 229 - 230].
- وقال أيضا: (قال الشيخ تقي الدين: بناء هذه المسألة على القضاء على الغائب فيه نظر من وجهين:
أحدهما: أنه يخرج فيها روايتان.
الثاني: أن الخصم الحاضر في البلد لا يجوز القضاء عليه، إذا لم يمتنع، وهنا يثبتون الوكالة وإن كان الخصم حاضرًا في البلد، فليس هذا من هذا.
بل الأجود أن يقال: الوكالة لا تثبت حقًا، وإنما تثبت استيفاء حق وإبقاءه، وذلك مما لا حق للمدعى عليه فيه، فإنه سيان عليه دفع الحق إلى هذا الوكيل أو إلى غيره، ولهذا لم يشترط فيها رضاه، وأبو حنيفة يجعل
للموكل عليه فيها حقًا، ولهذا لا يجوز الوكالة بالخصومة إلا برضى الخصم، لكن طرد هذه العلة: أن الحوالة بالحق أيضا تثبت من غير حضور المحال عليه، لأنه لا يعتبر رضاه، وكذلك الوفاة، وعدد الورثة يثبت من غير حضور المدين والمودع، وكذلك لو ادعى أنه ابتاع دار زيد الغائب، فله أن يثبت ذلك من غير حضور مَنِ الدارُ في يده.
وحاصله: أن كل من عليه دين لو عنده عين، إذا لم نعتبر رضاه في إقباضها أو إخراجها عن ملكه لا يعتبر حضوره في ثبوتها.
وعلى هذا: فيجوز أن تثبت الوكالة بعلم القاضي كما تثبت الشهادة، وتوكيل علي بن أبي طالب لعبد الله بن جعفر كالدليل على ذلك، فإنه أعلم الخلفاء أنه وكله، ولم يشهد على ذلك، ولا أثبتها في وجه خصم.
وهذا كله في غيبة الموكل عليه، فأما الموكل إذا كان حاضرا في البلد فلا ريب أن رضاه معتبر في الوكالة، وقد يكون عليه ضرر في ثبوتها، فإن اشترط حضوره تعذر إثباتها بالبينة، لأن جحوده عزل في أحد الوجهين، فهنا قد يقال: ليس في هذا قضاء عليه، بل هو له من وجه آخر، فإن التوكيل مثل الولاية بالشهادة على المولى، مع حضوره في البلد، ومن هذا كتاب الحاكم إلى الحاكم فيما حكم به. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 236 - 237].
- وقال أيضا: (وقال الجوزجاني: سئل الإمام أحمد عن رجل ادعى وكالة رجل غائب؟ قال: إذا ثبت ذلك عند الحاكم فهو جائز.
قال الشيخ تقي الدين: في هذه المسألة ثبوت الوكالة، وسماع البينة بمجرد دعوى المدعي للوكالة من غير حضور مدعًى عليه، فكذلك الوصية،