الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الثاني: فالبينات، فإذا قامت البينة بأنه كان مكرها على إقراره، فإقرار المكره لا يصح أيضًا، وإن أمكن أن يكون مطابقا، كان إقرار تلجئة، وهو أن يتفق المقر والمقر له على الإقرار ظاهرا، مثل بقاء المقر به للمقر فهو باطل، فإذا شهدت بينة بأنهما اتفقا قبل الإقرار كان ذلك مبطلا لهذا الإقرار، وإذا كان الإقرار إنشاء في الباطن مثل إقرار المريض لمن يقصد التبرع له، إما بعطية وإما بإبراء فيجعل الإنشاء إقرارا لينفذ.
قال: فإذا قامت البينة بأنهما اتفقا قبل الإقرار على ذلك مثل أن يشهد الشاهد أنه قيل للمريض: أعط فلانا ألف درهم، أو أوص له بها، فقيل له: بل اجعل ذلك إقرارا، أو أنه قال المريض: كيف أصنع حتى أعطي فلانا ألفا من أصل المال؟ فقيل له: أقر له بها، أو: أن اثنين تراضيا على ذلك ثم أمرا به المريض، فإنه يجب العمل بهذه البينة، أو يقول: ما له عندي شيء، أو: ما لأحد عندي شيء لكن أنا مقر، أو: أقر له بألف، أو: اشهدوا عليَّ أن له عندي ألفا، أو يقول بعد ذلك: له عندي ألف، فيكون قد تقدم الإقرار ما يبطله وما ينافيه، وإن شهدت بينة بأن هذا المقر به لم يكن ملكا للمقر له، بل كان ملكا للمقر إلى حين الإقرار إن كان عينا، أو كانت ذمته بريئة منه إن كان دينا، فهل تقبل هذه البينة فإنها تضمنت نفيا؟ فينبغي أن يقال: إن كان نفيا يحاط به قبل ذلك، وإلا لم يقبل، وهل يستفصل المقر له: من أين لك هذا الملك؟ نعم.
قال: وكذلك يستفصل المدعي عند التهمة والمدعى عليه) [النكت على المحرر: 2/ 360 - 362].
1550 - من يملك الإقرار:
- قال ابن مفلح: (من ملك شيئا ملك الإقرار به، ومن لا فلا، وهذا
المشهور في كلام الأصحاب، وثم صور مستثناة.
وقال الشيخ تقي الدين: ما يملك إنشاءه يملك الإقرار به، وما لا يملكه فإن كان مما لا يمكنه إنشاؤه بحال ملك الإقرار به أيضا، كالنسب والولاء وما يوجب القود عليه، إذ لا طريق إلى ثبوته إلا بالإقرار به، فصار كالشهادة بالاستفاضة فيما يتعذر علمه غالبا بدونها، لكن يستثنى النكاح والولد على ما فيه من الخلاف.
وإن كان مما يمكنه إنشاء سببه في الجملة كالأفعال الموجبة للعقوبة
(1)
قبل إذا لم يكن متهما فيه.
وأحسن من هذا أن ما لا يصح أو ما لا يحل إنشاؤه منه إن كان متهما في إقراره به لم يقبل وإلا قبل.
وهنا يتبين أن المقر شاهد على نفسه بما لا يمكنه إنشاؤه، ومن هذا إقراره بالبينونة فإنه لا يملك إنشاءها، لكنه لا يتهم على إسقاط حقه من الرجعة وسقوط حقها من النفقة ضمنا وتبعا.
وقد ذكر القاضي في إخبار الحاكم بعد العزل لما قاسه على الإخبار قبل العزل، فقيل له: المعنى في الأصل أنه يملك الحكم، فلهذا ملك الإقرار به، وليس كذلك ههنا، لأنه لا يملكه، فلم يملك الإقرار به، كمن باع عبدا ثم أقر أنه أعتقه، أو باعه بعد أن باعه، لم يقبل منه.
فقال: هذا غير ممتنع، كالوصي إذا ادعى دفع المال إلى الصبي بعد بلوغه، أو ادعى الإنفاق عليه، فإنه يقبل وإن كان في حال لا يملك التصرف عليه.
(1)
في هامش النكت: (بهامش الأصل: «في نكت ابن شيخ السلامية: الموجبة للمال»).
وكذلك العبد المأذون إذا حجر عليه فأقر بثمن مبيع في حال الإذن، وكذلك المكاتب إذا أقر بعد العجز بثمن مبيع في حال الكتابة يقبل ذلك وإن لم يملك ذلك في حال الإقرار، كذلك ههنا.
وكذلك الموصى.
وكذلك المودع إذا ادعى رد الوديعة أو تلفها بعد عزل المودع له.
وكذلك العبد إذا أقر بجناية عمدا، فإنه يقبل إقراره وإن لم يكن مالكا لما أقر به.
قال: ولا معنى لقولهم إن دعوى النفقة لا يمكن إقامة البينة عليها، فإنه منقوض برد الوديعة يمكن إقامة البينة عليه
(1)
ويقبل، والإنفاق على الزوجة لا يمكن إقامة البينة عليه، ومع هذا لا يقبل قوله فيها.
قال الشيخ تقي الدين: تسمية هذه الأشياء إقرارا يجوز، وقد ذكر الجد وغيره تسمية بعض هذا إقرار.
والتحقيق أن يقال: المخبر إن أخبر بما على نفسه فهو مقر، وإن أخبر بما على غيره لنفسه فهو مدعي، وإن أخبر بما على غيره لغيره فإن كان مؤتمنا عليه فهو مخبر، وإلا فهو شاهد، فالقاضي والوكيل والمكاتب والمأذون له والوصي كل هؤلاء مأذون لهم
(2)
مؤتمنون، فإخبارهم بعد العزل ليس إقرارا، وإنما هو خبر محض. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 362 - 363 (3/ 207 - 209)]
(3)
.
(1)
في ط 1 زيادة: (يقبل قوله فيها).
(2)
كذا، وفي «الاختيارات» للبعلي:(ما أدوه فهم).
(3)
«الاختيارات» للبعلي (527).