الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله
(1)
: «وعنه
(2)
: يثبت المال إن كان المجني عليه عبدًا، نقلها ابن منصور».
قال الشيخ تقي الدين: لاختلاف المستحق في العبد كما في الحدود والحقوق، لكن في الواجب أحدهما، وهناك جميعهما، كما أن في القود شيئين لو أخذ، فهي أربعة أقسام، لأنه إما الاثنان أو أحدهما على البدل لواحد أو لاثنين، لكن إن كان الحقان لاثنين متلازمين كالخلع لم يقبل، وإن كانا غير متلازمين كالقطع والتعزير قبلت، فصارت خمسة. انتهى كلامه) [النكت على المحرر: 2/ 325].
1530 - قبول شهادة المرأة فيما لا يطلع عليه إلا النساء:
- قال ابن القيم: (قال شيخنا ابن تيمية ـ -رحمه الله تعالى- ـ: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل إنما هو لإذكار إحداهما الأخرى، إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيما يكون فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم الضبط.
وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال:«وأما نقصان عقلهن: فشهادة امرأتين بشهادة رجل» فبين أن شطر شهادتهن إنما هو لضعف العقل، لا لضعف الدين، فعلم بذلك أن عدل النساء بمنزلة عدل الرجال، وإنما عقلها ينقص عنه، فما كان من الشهادات لا يخاف فيه الضلال في العادة لم
(1)
أي: صاحب «المحرر» .
(2)
أي: الإمام أحمد.
تكن فيه على نصف رجل، وما تقبل فيه شهادتهن منفردات إنما هي أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأذنها، من غير توقف على عقل، كالولادة، والاستهلال، والارتضاع، والحيض، والعيوب تحت الثياب، فإن مثل هذا لا ينسى في العادة، ولا تحتاج معرفته إلى إعمال عقل، كمعاني الأقوال التي تسمعها، من الإقرار بالدين وغيره، فإن هذه معان معقولة، ويطول العهد بها في الجملة) [الطرق الحكمية 116].
- وقال ابن مفلح: (قوله
(1)
لا بد من عادة أو غالبا، قاله الشيخ تقي الدين وغيره، وهو صحيح، وهذا هو المنصوص في المذهب، وذكر القاضي أنه أصح الروايتين، وأن الإمام أحمد نص عليه في رواية الجماعة
…
قوله: «وعنه: يفتقر إلى امرأتين»
…
قال الشيخ تقي الدين: وعن أحمد ما يقتضي أن قبول الواحدة إنما هو إذا لم يكن غيرها، وقوله في رواية أبي طالب: تقبل شهادة القابلة بالاستهلال هذه ضرورة= يدل عليه.
وذكر القاضي عند مسألة تعديل الواحد: أنه تجوز شهادة الطبيب في الجراحة، وكل موضع يضطر إليه فيه، مثل القابلة إذا لم يكن إلا طبيب واحد، أو بيطار واحد.
(1)
أي: صاحب «المحرر» .
ومقتضى هذا: أنه في العيوب التي تحت الثياب إن وجد امرأتان، وإلا اكتفي بواحدة كما في البيطار. انتهى كلامه.
وذكر أيضًا أن القاضي جعل الشرط في ذلك دون القابلة، وقد تقدم وجه هذا) [النكت على المحرر: 2/ 327 - 329].
- وقال أيضا: (قال الشيخ تقي الدين: قال أصحابنا: والاثنتان أحوط، وليس الرجل أحوط من المرأة، جعله القاضي محل وفاق. انتهى كلامه)[النكت على المحرر: 2/ 331].
- وقال أيضا: (قال الشيخ تقي الدين: حديث أبى مسروعة في الأمة الشاهدة بالرضاع يستدل به على شهادة المرأة الواحدة، وعلى شهادة الأمة، وعلى أن الإقرار بالشهادة بمنزلة الشهادة على الشهادة، وعلى أن الشهادة بالرضاع المطلق تؤثر، حملا للفظ المطلق على ماله قدر. انتهى كلامه)[النكت على المحرر: 2/ 331].
- وقال أيضا: (روى الخلال عن الإمام أحمد، أنه قال: وسئل: هل تجوز شهادة امرأة في الاستهلال والحيض والعدة والسقط والحمَّام؟ قال: كل ما لا يطلع عليه إلا النساء تجوز شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة.
ونص الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه على قبول شهادة المرأة في الحمَّام يدخله النساء بينهن جراحات.
وقال حنبل: قال عمي: ولا تجوز إلا فيما لا يراه الرجال.
ووجه ابن عقيل عدم قبول شهادة الصبيان في الجراح في الصحراء بأن قال: لأنه لو قبل لأجل العذر لقبل شهادة النساء بعضهن على بعض في
الجراح في الحمَّامات، بل حمَّام النساء لا يدخله رجل قط، والصحراء قد لا تخلو من رجل.
فلو جاز هنا لعذر لجاز في شهادة النساء في تجارحهن في الحمَّامات.
وقالت المالكية، وإحدى الروايات عن أحمد: إن الجراحة تدعو إلى قبول شهادتهم في هذا الموضع كما دعت الحاجة إلى قبول شهادة النساء منفردات في الولادة، لأنهن يخلون بها.
قالوا: ولهذا قال الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه في المرأة تشهد على ما لا يحضره الرجال من إثبات إهلال الصبي، وفي الحمَّام يدخله النساء فيكون بينهن الجراحات.
قال القاضي في «التعليق» ضمن مسألة شهادة الصبيان: الجواب: أنه ليس العادة أن الصبيان يخلون في الأهداف أن يكون معهم رجل، بل لا بد أن يكون معهم من يعلمهم أو ينظر إليهم، فلا حاجة تدعو إلى قبول شهادتهم على الانفراد.
ثم نقول: إذا كان الشخص على صفة لا تقبل شهادته لم يجز قبولها وإن لم يكن هناك غيره، ألا ترى أن النساء يخلو بعضهن ببعض في المواسم والحمَّامات، وربما يجني بعضهن على بعض ولا تقبل شهادة بعضهن على بعض على الانفراد، وكذلك قطاع الطريق والمحبسون بها لا تقبل شهادة بعضهم على بعض، وإن لم يكن معهم غيرهم.
قال الشيخ تقي الدين: الصورة التي استشهد بها قد نص الإمام أحمد على خلاف ما قاله، لكنه ملحق، وعلى المنصوص هنا أن كل مجمع للنساء
لا يحضره الرجال لا تقبل شهادتهن فيه كالشهادة على الولادة.
وليس بين هذا وبين ما سلمه القاضي وغيره فرق، إلا أن المشهود به في الحمَّام ونحوها لا يقع غالبا، بخلاف الاستهلال ونحوه، فإنه يقع غالبًا، ولا يشهده إلا النساء، ولهذا فرق المالكية بين الصبيان والنساء بأن الصبيان اجتماعهم مظنة القتال بخلاف النساء.
وأيضا فإن الاستهلال ونحوه هو جنس لا يطلع عليه الرجال، وجراح الحمَّام ونحوها جنس يطلع عليه الرجال، وإنما كونه في الحمَّام هو الذي منع الاطلاع، وهذا نظير نص أحمد على قبول شهادة البيطار والطبيب ونحوه للضرورة، فصارت الضرورة مؤثرة في الجنس وفي العدد.
فيتوجه على هذا أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة، مثل الحبس وحوادث البر وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل، وله أصول:
أحدها: شهادة أهل الذمة في الوصية إذا لم يكن مسلم، وشهادتهم على بعضهم في قول.
الثاني: شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال.
الثالث: شهادة الصبيان فيما لا يشهده الرجال، ويظهر ذلك بمحتضر في السفر إذا حضر اثنان كافران واثنان مسلمان مصدقان ليسا بملازمين للحدود، واثنان مبتدعان، فهذان خير من الكافرين، والشروط التي في القرآن إنما هي شروط التحمل لا الأداء، وقد ذكر القاضي هذا المعنى في