الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع
إجابة الدعوة في وليمة الختان
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها.
هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ وهل لفظ الوليمة عام في كل دعوة، أو خاص بوليمة النكاح؟
(1)
.
وإذا كان خاصًّا بوليمة النكاح، فهل يقاس على النكاح غيره من الدعوات أو يقال: اختصاص وليمة النكاح بالإجابة؛ لأنه مأمور بها
(2)
، ولما فيها من إعلان النكاح بخلاف وليمة الختان فإنها إما مكروهة أو من قبيل الجائز، فلا يصح القياس؟
• النكاح شرع له وليمة بالنص بغرض الإطعام.
والعقيقة والأضحية إنما شرعا لإراقة الدماء ولم يشرع لهما وليمة
(3)
.
والختان لم يشرع له إراقة دم خاص، ولا وليمة، فهل يقال: الأصل عدم المشروعية، فإن فعل كره، أو يقال: إن الأصل في مثل هذا الإباحة الأصلية؟
(1)
قولان لأهل العلم، فالمالكية يرون أن إطلاق الوليمة خاص بالعرس، والشافعي يرى العموم. انظر نهاية المطلب (13/ 187)
(2)
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوليمة النكاح، فقال صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة، فهي مندوب إليها، ومحضوض عليها، ومن أهل العلم من أوجبها بظاهر الأمر. انظر البيان والتحصيل (10/ 362).
(3)
كره المالكية عمل وليمة للعقيقة؛ لمخالفة السلف، وخوف المباهاة والمفاخرة، بل تطبخ ويأكل منها أهل البيت والجيران، والغني والفقير، ولا بأس بالإطعام من لحمها نيئًا، ويطعم الناس في مواضعهم. انظر شرح الخرشي (3/ 48)، الشرح الكبير (2/ 136).
[م-830] اختلف العلماء في وليمة الختان وإجابة الدعوة إليها.
فقيل: وليمة الختان سنة، وإجابة دعوتها كذلك وهو مذهب الحنفية
(1)
، وقول في مذهب الشافعية
(2)
،
وقول في مذهب الحنابلة
(3)
.
وقيل: استحباب وليمة الختان محله في الذكور دون الإناث، لأنه يخفى ويستحى من إظهارها، لكن الأوجه استحبابه فيما بينهن خاصة، اختاره الأذرعي من الشافعية
(4)
.
وقيل: عمل الوليمة مباح، وإجابة دعوتها مباحة، وهو مذهب المالكية
(5)
،
(1)
بدائع الصنائع (7/ 10).
(2)
قال الشافعي في الأم (6/ 159): «وكل دعوة كانت على إملاك أو نفاس أو ختان أو حادث سرور دعي إليها رجل فاسم الوليمة يقع عليها، ولا أرخص لأحد في تركها، ولو تركها لم يبن لي أنه عاص في تركها كما يبين لي في وليمة العرس» . اهـ
قال النووي في روضة الطالبين (7/ 333): «وفي وليمة العرس قولان، أو وجهان: أحدهما: أنها واجبة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(ولو بشاة). وأصحها أنها مستحبة، كالأضحية، وسائر الولائم، والحديث على الاستحباب، وقطع القفال بالاستحباب.
وأما سائر الولائم فمستحبة، وليست بواجبة على المذهب، وبه قطع الجمهور، ولا تأكد وليمة النكاح. قال المتولي: وخرج بعضهم في وجوب سائر الولائم قولان، لأن الشافعي قال بعد ذكرها، ولا أرخص في تركها». وانظر حاشيتي قليوبي وعميرة (3/ 296)، وقال في إعانة الطالبين (3/ 357):«الوليمة مستحبة لغير العرس» ، وقال أيضًا (4/ 175):
(3)
قال في الإنصاف (5/ 320): «هذا قول أبي حفص العكبري، وقطع به في الكافي، والمغني، والشرح، وشرح ابن منجا، وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى، قاله في المستوعب» . وقال في المغني (7/ 218): «حكم دعوة الختان، وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة، لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة عليها مستحبة، غير واجبة» . اهـ
(4)
مغني المحتاج (4/ 403).
(5)
قال في مواهب الجليل (4/ 3): «فيما يؤتى من الولائم، وهي خمسة أقسام:
واجبة الإجابة إليها: وهي وليمة النكاح.
ومستحبة الإجابة: وهي المأدبة، وهي الطعام يعمل للجيران للوداد.
…
ومباحة الإجابة: وهي التي تعمل من غير قصد مذموم، كالعقيقة للمولود، والنقيعة للقادم من السفر، والوكيرة لبناء الدار والخرس للنفاس، والإعذار للختان، ونحو ذلك.
ومكروه: وهو ما يقصد به الفخر والمحمدة
…
». إلخ كلامه.