الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
ذكر أول من اختتن
[م-813] ذكر بعض الفقهاء: أن أول من ختن من الرجال إبراهيم صلى الله عليه وسلم ومن الإناث هاجر رضي الله تعالى عنها
(1)
.
•
دليلهم على ذلك:
الدليل الأول: الإجماع
.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن إبراهيم أول من اختتن
(2)
.
وقال القرطبي: أجمع العلماء على أن إبراهيم أول من اختتن
(3)
.
الدليل الثاني:
(2071 - 22) ما رواه مالك في الموطأ، قال: عن يحيى بن سعيد،
عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم أول الناس ضيَّف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص الشارب، وأول الناس رأى الشيب فقال: يا رب ما هذا؟ فقال: الله تبارك وتعالى وقار يا إبراهيم. فقال: رب زدني وقارًا
(4)
.
(1)
تحفة المحتاج (9/ 199)، وانظر مغني المحتاج (5/ 540)، حاشية الجمل (5/ 174).
(2)
التمهيد (21/ 59).
(3)
تفسير القرطبي (2/ 98).
(4)
الموطأ (2/ 922).
[رجاله ثقات، إلا أنه موقوف على سعيد]
(1)
.
(1)
ومن طريق مالك، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6392).
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1250) من طريق حماد بن زيد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3183) من طريق ابن نمير.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 317) رقم 26467 حدثنا عبدة،
ومعمر بن راشد كما في كتابه الجامع (20245) خمستهم (مالك، وحماد، وابن نمير، وعبدة، ومعمر) عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب موقوفًا على سعيد.
وخالفهم أبو قتادة عبد الله بن واقد، وإبراهيم بن أبي يحيى، وهما متهمان:
أما رواية أبي قتادة: فرواها ابن عدي في الكامل (4/ 194)، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (8641) عنه، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم أول من أضاف الضيف، وأول من قص الشارب، وأول من رأى الشيب، وأول من قص الأظافر، وأول من اختتن بقدومه ابن عشرين ومائة سنة.
قال ابن عدي: وهذا الحديث بهذا الإسناد يرويه أبو قتادة.
قلت: رفعه منكر، أبو قتادة، متهم. قال فيه البخاري: تركوه. وقال النسائي: متروك. وقال أيضًا: ليس بثقة. الضعفاء الصغير. (ص: 68) رقم 198. التاريخ الكبير (5/ 219) الضعفاء والمتروكين (337)، الإكمال ـ الحسني (489).
وقال عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل: سئل أبى عن أبى قتادة الحراني، فقال: ما به بأس، رجل صالح يشبه أهل النسك والخير إلا أنه كان ربما أخطأ. قيل له: إن قومًا يتكلمون فيه. قال: لم يكن به بأس. قلت: إنهم يقولون لم يفصل بين سفيان ويحيى بن أبى أنيسة. قال: لعله اختلط أما هو فكان ذكيًا. فقلت له: إن يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة الحراني كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًّا، وقال: كان أبو قتادة يتحرى الصدق، وأثنى عليه، وذكره بخير، وقال: قد رأيته يشبه أصحاب الحديث، وأظنه كان يدلس، ولعله كبر واختلط. والله أعلم. اهـ الجرح والتعديل (5/ 191).
وقال أبو حاتم الرازي: تكلموا فيه، منكر الحديث، وذهب حديثه. الجرح والتعديل (5/ 191).
وأما رواية إبراهيم بن أبي يحيى، فرواها ابن عدي في الكامل (1/ 122) من طريق ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول من اختتن إبراهيم عليه السلام.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا. فيه إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك.
هذا ما يتعلق برواية سعيد بن المسيب، والاختلاف عليه، وقد رواه غير سعيد بن المسيب، رواه كل من أبي سلمة والأعرج عن أبي هريرة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة:
رواه ابن أبي عاصم في الأوائل (1/ 64): حدثنا يعقوب، حدثنا سلمة بن رجاء، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من اختتن إبراهيم على رأس ثلاثين ومائة سنة.
ومن طريق يعقوب بن حميد رواه الطبراني في الأوائل أيضًا (1/ 36).
وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب، مختلف فيه، قال فيه النسائي: ليس بشيء. وقال أخرى: ليس بثقة. تهذيب التهذيب (11/ 336)، الضعفاء والمتروكين (616).
واختلف قول يحيى بن معين فيه، فقال مرة: ثقة، وقال أخرى: ليس بشيء. تهذيب التهذيب (11/ 336)، الكامل (7/ 151).
وضعفه أبو حاتم الرازي، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فحرك رأسه. قلت: كان صدوقًا في الحديث. قال: لهذا شروط. وقال في حديث رواه يعقوب: قلبي لا يسكن على بن كاسب. المرجع السابق.
وقال البخاري: لم يزل خيِّرًا، وهو في الأصل صدوق. وفي التقريب: صدوق ربما وهم.
وفي إسناده سلمة بن رجاء.
قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. الجرح والتعديل (4/ 160).
وذكره العقيلي في الضعفاء. الضعفاء الكبير (2/ 149).
وقال النسائي: ضعيف. الضعفاء والمتروكين (242).
وأما أبو حاتم الرازي، فقال: ما بحديثه بأس.
وقال أبو زرعة: كوفى صدوق.
وذكره ابن حبان في الثقات. الثقات (8/ 278).
وأما رواية الأعرج، عن أبي هريرة:
رواه ابن عدي في الكامل (4/ 183)، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (6/ 395) رقم 8639 حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، ثنا عاصم، ثنا أبو أويس، حدثني أبو الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان إبراهيم أول من اختتن، وهو ابن عشرين ومائة سنة، فاختتن بالقدوم ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة.
في إسناده أبو أويس عبد الله بن عبد الله:
قال فيه يحيى بن معين ليس بثقة. وفي رواية أخرى: صدوق ليس بحجة. المرجع السابق. الجرح والتعديل (5/ 92). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وليس بالقوي. المرجع السابق. وقال أبو زرعة: صالح صدوق كأنه لين. المرجع السابق.
وقال يحيى بن معين: أبو أويس وأبوه يسرقان الحديث. الكامل (4/ 182).
وقال ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. التهذيب (5/ 245).
وقال عمرو بن علي: فيه ضعف، وهو عندهم من أهل الصدق. المرجع السابق.
وقال يعقوب بن شيبة: صدوق صالح الحديث، وإلى الضعف ما هو. المرجع السابق.
وقال ابن حبان: كان ممن يخطئ كثيرًا، لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك، ولا هو ممن سلك سنن الثقات فيسلك مسلكهم، والذي أرى في أمره تنكب ما خالف الثقات من أخباره، والاحتجاج بما وافق الأثبات منها. المجروحين (2/ 24).
وفي التقريب: صدوق يهم. وباقي الإسناد رجاله كلهم ثقات. فهذا إسناد فيه لين. لكن ذكر الحافظ في الفتح (11/ 90) قال: وقع في الموطأ من رواية أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة موقوفًا على أبي هريرة، أن إبراهيم أول من اختتن، وهو ابن عشرين ومائة، واختتن بالقدوم وعاش بعد ذلك ثمانين سنة. فإن كان موجودًا في الموطأ فهو حديث إسناده على شرط الصحيح. ولم أقف عليه من رواية يحيى. والله أعلم».
فالحديث إسناده ضعيف، إن لم يكن ضعيفًا جدًّا. هذا ما وقفت عليه مما ورد مرفوعًا من حديث (أول من اختتن إبراهيم). ولا شك أن مالكًا، وحماد بن زيد، وابن نمير، وعبدة، ومعمر بن راشد روياتهم أرجح من غيرهم في روايتهم عن سعيد بن المسيب من قوله، فيكون المحفوظ أنه من قول سعيد بن المسيب، إلا إن ثبت قول الحافظ بأن مالكًا رواه عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة موقوفًا على أبي هريرة. ولم يثبت عندي حتى هذه اللحظة. والله أعلم.
ولحديث أبي هريرة شاهدان:
الأول: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
فقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد تعليقًا (21/ 67)، قال: روى ابن وهب، عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمان الحبلي،
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن إبراهيم أول رجل اختتن، وأول رجل قص شاربه وقلم أظفاره واستن وحلق عانته.
وحيي بن عبد الله.
قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير. الجرح والتعديل (3/ 271).
وقال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: حيي المصري؟ قال: ليس به بأس. المرجع السابق.
وقال البخاري: فيه نظر. التاريخ الكبير (3/ 76). =
إلا أن قوله: (أول من رأى الشيب) مشكل. فقد ذكر الحافظ ابن رجب عن الحسن أنه ضعف هذا القول، واستحسنه الحافظ. قال:«وقد استدل الحسن على إبطال قول من قال: أول من رأى الشيب إبراهيم عليه السلام، بعموم قوله الله عز وجل: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) [الروم: 54]. قال الحافظ: وهو استدلال ظاهر حسن»
(1)
.
وقال الباجي عن الآية: يحتمل ـ والله أعلم ـ أنه يخاطب بها هذه الأمة، أو من شاب من زمن إبراهيم عليه السلام إلى يوم القيامة. ويحتمل أنه خوطب بها جميع الخلق، من شاب ومن لم يشب، إلا أنه جمع مع الضعف الأخير الشيب؛ لأن من الخلق من لم يشب، ولم يرد أن جميعهم يشيب، كما أنه لم يرد أن جميعهم يضعف، بل منهم من
= وقال النسائي: ليس بالقوي. الضعفاء والمتروكين (162).
وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 235).
وفي التقريب: صدوق يهم. وباقي الإسناد ثقات. إلا أن الإسناد معلق، ولم أقف عليه موصولًا. والله أعلم.
وأما الشاهد الثاني:
فقد روى الحاكم في المستدرك، من طريق أبي عبد الملك، عن القاسم،
عن أبي أمامة، قال: طلعت كف من السماء بين أصبعين من أصابعها شعرة بيضاء، فجعلت تدنو من رأس إبراهيم، ثم تدنو، فألقتها في رأسه، وقالت: اشتعل وقارًا، ثم أوحى الله إليه أن تطهر، وكان أول من شاب واختتن.
الحديث قطعة من حديث طويل يراجع متنه من الحاكم.
وفي إسناده: أبو عبد الملك: هو علي بن يزيد الألهاني.
قال البخاري: منكر الحديث، عن القاسم بن عبد الرحمن، روى عنه عبيد الله بن زحر، ومطرح. التاريخ الكبير (6/ 301)، الضعفاء الصغير (255).
وقال أيضًا: ذاهب الحديث كما في علل الترمذي الكبير. انظر حاشية تهذيب الكمال
وقال النسائي: ليس بثقة. المرجع السابق. وقال أيضًا: متروك الحديث. الضعفاء والمتروكين (432). انظر ترجمته وافية في كتاب السواك من حديث أبي أمامة، في شواهد:(السواك مطهرة للفم). والله أعلم.
(1)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 12).
يموت في الضعف الأول، ومنهم من يموت في حال القوة قبل الضعف الثاني. والله أعلم وأحكم
(1)
.
والأول أقوى، ويؤيده أن الختان من سنن الفطرة التي فطر الله عليها بني آدم، والفطرة ملازمة، وليست مكتسبة، لكن إن صح الإجماع الذي حكاه ابن عبد البر والقرطبي بأن أول من اختتن إبراهيم، فالحجة الإجماع، ولا كلام مع صحته. وإن لم يصح الإجماع، فالنظر له مجال في عدم ثبوت ذلك. والله أعلم.
* * *
(1)
المنتقى ـ الباجي (7/ 233).