الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعار الإسلام الختان، فكانوا يبادرون إليه بعد الإسلام، كما يبادرون إلى الغسل»
(1)
.
قلت: ومما يؤيد كلام ابن القيم، أن قيصر أطلق على الرسول صلى الله عليه وسلم ملك الختان كما في البخاري
(2)
.
•
دليل القائلين بالوجوب
.
الدليل الأول:
اختتن إبراهيم، وكان الختان مما ابتلى الله به إبراهيم، فكان من شريعته، وقد أمرنا باتباع ملته عليه الصلاة والسلام، كما في قوله تعالى:(ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)[النحل: 123].
(2081 - 32) أما الدليل على اختتانه، فقد أخرج البخاري من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختتن إبراهيم عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم. ورواه مسلم
(3)
.
وأما الدليل على كون الختان مما ابتلى الله به إبراهيم:
(2082 - 33) فقد روى البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو زكريا العنبري، ثنا: محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبدالرزاق، ثنا: معمر
(1)
تحفة المودود (ص: 191).
(2)
جاء في البخاري (7) من حديث طويل، وفيه:(كان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمة. قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استخبره هرقل، قال: إذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا، فنظروا إليه، فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون، فقال: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر). الحديث قطعة من حديث طويل.
(3)
صحيح البخاري (3356)، ومسلم (2370).
عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه،
عن ابن عباس في قوله عز وجل: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) قال: ابتلاه الله عز وجل بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد: في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط والبول بالماء.
[صحيح]
(1)
.
والابتلاء غالبًا إنما يقع بما يكون واجبًا.
وأما الدليل على كوننا مأمورين باتباع ملته، فقال سبحانه وتعالى:(ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)[النحل: 123]
(2)
.
• وتعقب هذا الاستدلال بوجهين:
الوجه الأول:
أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب، فكذلك فعل الخليل عليه الصلاة والسلام لا يدل على الوجوب، فمن أين لكن أن إبراهيم فعل ذلك على سبيل الوجوب، فإن من الجائز أن يكون فعله على سبيل الندب، فيحصل امتثال الأمر باتباعه على وفق ما فعل، وقد قال الله سبحانه وتعالى في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:(وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف: 158]، ومع هذا الأمر باتباعه فقد تقرر في الأصول أن أفعاله صلى الله عليه وسلم بمجردها لا تدل على الوجوب، قد يقال: هناك قرينة تدل على عدم الوجوب حيث إن إبراهيم فعل ذلك، وله ثمانون سنة.
الوجه الثاني:
هناك قرينة أخرى من الحديث تدل على أن الختان ليس بواجب؛ لأن من الخصال
(1)
سنن البيهقي (1/ 149). وسيأتي تخريجه، انظر ح (2082).
(2)
ذكر هذا الاستدلال البيهقي في السنن (8/ 325).