الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يعارض الخاص، وهذا الجواب قوي لو صح الحديثان، فالمقيد يقدم على المطلق إذا كانا صحيحين، وإلا فلا يقيد الحديثَ الصحيحَ حديثُ ضعيفُ، والله أعلم.
الوجه الثاني: قال: إن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص قد صبغوا بالسواد، فلو كان حرامًا لما فعلوه، وكذلك كانوا في زمان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فلو كان حرامًا لأنكروا عليهم
(1)
.
• وأجيب:
بأن العصمة إنما هي للوحي، وكم من حديث صحيح ثابت خالفه أفراد من الصحابة، فنعتذر للصاحب بأنه لا يتعمد الخطأ، لكن لا نبطل النص الشرعي لمخالفة بعض الصحابة، والله أعلم.
الدليل الثاني:
(2230 - 181) فقد روى أحمد بن حنبل، قال: ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن هشام، عن محمد بن سيرين، قال:
سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم، قال: وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه مكرمة
لأبي بكر، فأسلم، ولحيته ورأسه كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروهما، وجنبوه السواد
(2)
.
[لم يذكر قصة أبي قحافة في الحديث إلا محمد بن سلمة عن هشام، وقد رواه غيره عن هشام، ولم يذكرها، كما رواه جمع من الرواة عن أنس بدون ذكرها، والحديث في
(1)
جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب (ص: 477، 487).
(2)
مسند أحمد (3/ 160).
الصحيحين بدون ذكر قصة أبي قحافة فلا أظنها محفوظة من حديث أنس]
(1)
.
(1)
تخريج حديث الباب:
الحديث اختلف فيه على هشام بن حسان:
فرواه محمد بن سلمة كما في مسند أحمد (3/ 160)، وأبي يعلى (2831)، ومشكل الآثار للطحاوي (3686)، وكشف الأستار للبزار (2981)، وصحيح ابن حبان (5472)، ومستدرك الحاكم (3/ 244)، فرووه عنه، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أنس بذكر قصة أبي قحافة في حديث الباب.
وخالفه كل من:
عبد الله بن إدريس، كما في صحيح مسلم (2341)، ومشكل الآثار للطحاوي (3685).
وروح كما في مسند أحمد (3/ 206).
ووهب بن جرير كما في مشكل الآثار للطحاوي (3691)، ثلاثتهم رووه عن هشام بن حسان به، بلفظ: سئل أنس بن مالك هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلا، قال ابن إدريس: كأنه يقلله، وقد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم. هذا لفظ الإمام مسلم.
وهؤلاء الواحد منهم أحفظ من محمد بن سلمة، ولا مقارنة.
كما رواه غير هشام عن ابن سيرين، ورواه جمع عن أنس من غير طريق ابن سيرين، ولم يذكروا قصة أبي قحافة، وهذا يجعلني أجزم أن ذكر قصة أبي قحافة في حديث أنس ليست محفوظة. والله أعلم.
أما من رواه عن ابن سيرين، فقد رواه البخاري (5894) ومسلم (6145)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 309)، من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: سألت أنسًا أخضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ الشيب إلا قليلًا.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (2100) قال: حدثنا هارون، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال:
سألنا أنسًا هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لم يبلغ ذلك - وذكر قلة من شيبة- ولكن أبو بكر رحمه الله خضب بالحناء والكتم.
وأخرجه مسلم (2341) وأبو يعلى الموصلي في مسنده (2729)، من طريق عاصم الأحول،
عن ابن سيرين، قال: سألت أنس بن مالك هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب؟ فقال: لم يبلغ الخضاب كان في لحيته شعرات بيض. قال: قلت له: أكان أبو بكر يخضب؟ قال: فقال: نعم بالحناء والكتم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهؤلاء أيوب وعاصم الأحول، وهارون رووه عن ابن سيرين بما يوافق رواية عبد الله بن إدريس، ووهب بن جرير، وروح، عن هشام، عن ابن سيرين، أفيكون محمد بن سلمة مقدمًا على هؤلاء الستة! ! لا شك أن طريقة جمهور المحدثين تأبى قبول زيادة الثقة مطلقًا، وإنما الترجيح للأكثر والأحفظ، وقد اجتمعا في روايتنا هذه.
وأما من رواه عن أنس من غير طريق ابن سيرين، فإليك تخريج رواياتهم:
الطريق الأول: قتادة، عن أنس.
أخرجه أحمد (3/ 192) قال: ثنا بهز، ثنا همام، عن قتادة، قال:
سألت أنس بن مالك أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ ذلك، إنما كان شيء في صدغيه، ولكن أبو بكر رضي الله تعالى عنه خضب بالحناء والكتم.
وأخرجه أحمد (3/ 251) حدثنا عفان.
والبخاري (3550) قال: حدثنا أبو نعيم.
والترمذي في الشمائل (36)، والنسائي في المجتبى (5086)، من طريق أبي داود، كلهم (بهز وعفان، وأبو نعيم، وأبو داود) رووه عن همام.
وأخرجه أحمد (3/ 216)، ومسلم (2341) والنسائي (5087) من طريق المثنى بن سعيد، كلاهما (همام والمثنى بن سعيد)، عن قتادة به.
الطريق الثاني: ثابت، عن أنس.
أخرجه أحمد (3/ 227) حدثنا يونس، حدثنا حماد - يعني ابن زيد - عن ثابت،
أن أنسًا سئل: خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يخضب، ولو شئت أن أعد شمطاتٍ كن في لحيته لفعلت، ولكنَّ أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم، وكان عمر يخضب بالحناء.
ومن طريق حماد بن زيد أخرجه البخاري (5895)، ومسلم (2341)، وأبو داود (4209)، وأبو يعلى في مسنده (3364).
وأخرجه عبد الرزاق (20178)(20185) من طريق معمر، عن ثابت، عن أنس. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الترمذي في الشمائل (37)، والبغوي (3653).
الطريق الثالث: حميد، عن أنس.
أخرجه أحمد (3/ 100) من طريق معتمر بسند صحيح. =