الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخلف من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله: (حين يخلف) وقد ترجم ابن حبان في صحيحه لهذا الحديث بقوله: ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم قد يكون أيضًا أطيب من ريح المسك في الدنيا
(2)
.
الدليل الثاني:
(2329 - 280) ما رواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق الهيثم بن أبي الحواري، عن زيد العمي، عن أبي نضرة،
(1)
مسند أحمد (2/ 480). وقوله: (حين يخلف). انفرد بذلك شعبة، وقد رواه جمع عن الأعمش، ولم يقولوا:(حين يخلف). وإليك بيانهم:
الأول: أبو معاوية، وهو أثبت أصحاب الأعمش على الإطلاق. وروايته في مسلم رقم (1151)، وابن ماجه (1638).
الثاني: سفيان الثوري، كما في مصنف عبد الرزاق (4/ 306) رقم 7893، ومسند أحمد (2/ 266، 477).
الثالث: وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 273) رقم 8894، ومسند أحمد (2/ 443، 477)، وصحيح مسلم (1151)، سنن ابن ماجه (1638)، سنن البيهقي (4/ 273، 304).
الرابع: أبو نعيم الفضل بن دكين، كما في مسند أحمد (2/ 393)، وصحيح البخاري (7492)، وسنن البيهقي (4/ 235، 273).
الخامس: جرير كما في صحيح مسلم (1151)، وسنن النسائي الصغرى (2215)، والكبرى (2525)، وصحيح ابن حبان (3422).
السادس: ابن نمير، كما في مسند أحمد (2/ 477).
كما أن شعبة خالف جميع من رواه عن أبي هريرة، وهم جمع كثير، كلهم لم يذكروا هذه اللفظة، منهم:
الأعرج، وسعيد بن المسيب، وهمام بن منبه، ومحمد بن زياد، ومحمد بن سيرين، وأبو سلمة، وأبو صالح السمان، وجابر بن زيد، وقيس بن أبي حازم، وموسى بن يسار. وسلمان الأشجعي: أبو حازم. وداود بن فراهيج. وعجلان مولى المشمعل، ومجاهد. وغيرهم. راجع تخريج هذه الطرق في أدلة القول الأول. فهذا العدد الكثير يجعل الباحث يجزم بشذوذ لفظة:«حين يخلف» .
كما اختلف على شعبة، فرواه أبو داود الطيالسي (2413) عن شعبة، عن الأعمش بدون قوله:(حين يخلف). كما هي رواية الجمهور. والله أعلم.
(2)
صحيح ابن حبان (8/ 211).
عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبي قبلي
…
وفيه: وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك
…
وذكر الباقي.
[الحديث ضعيف]
(1)
.
• الراجح:
المحفوظ أن حديث الخلوف مطلق، (ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) وإذا كان مطلقًا فتقييده بالآخرة يحتاج إلى دليل، وما دام أن لفظة:(يوم القيامة) غير محفوظة بموجب القواعد الحديثية، وكذلك لفظة:(حين يخلف) فالذي يترجح عندي أن ذلك عام في الدنيا والآخرة.
وقد رجح أن ذلك عام ابن القيم في الوابل الصيب، حيث قال: «وفصل النزاع في المسألة أن يقال:
حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة؛ فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال من الخير والشر، فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك، كما يظهر فيه رائحة دم المكلوم في سبيله كرائحة المسك، وكما تظهر فيه السرائر، وتبدو على الوجه، وتصير علانية، ويظهر فيه قبح رائحة الكفار، وسواد وجوههم.
وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف، وحين يمسون؛ فلأنه وقت ظهور أثر العبادة، ويكون حينئذ طيبها على ريح المسك عند الله تعالى وعند ملائكته، وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد، فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى، وبالعكس، فإن الناس يكرهونه لمنافرته طباعهم، والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته أمره ورضاه ومحبته، فيكون عنده أطيب من ريح المسك عندنا، فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد، وصار علانية.
(1)
شعب الإيمان (3603)، وسبق الكلام فيه أثناء تخريج ح:(2315).
وهكذا سائر الأعمال من الخير والشر، وإنما يكمل ظهورها علانية في الآخرة، وقد يقوى العمل ويتزايد حتى يستلزم ظهور بعض أثره على العبد في الدنيا في الخير والشر، كما هو مشاهد بالبصر والبصيرة» اهـ
(1)
.
* * *
(1)
الوابل الصيب (ص: 61 ـ 62).