الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
دليل من قال بالتخيير بين الحلق والقص:
استدل بأدلة الفريقين، وأعمل أدلة كل قول، فرأى أن الأمر واسع إن شاء قصر، وإن شاء حلق.
• جواب القائلين بأن السنة القص:
قال ابن عبد البر: في هذا الباب أصلان:
أحدهما: أحفوا الشوارب، وهو لفظ مجمل، محتمل للتأويل.
والثاني: قص الشارب، وهو مفسر، والمفسر يقضي على المجمل مع ما روي فيه أن إبراهيم أول من قص شاربه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قص الشارب من الفطرة: يعني: فطرة الإسلام، وهو عمل أهل المدينة، وهو أولى ما قيل به في هذا الباب. والله الموفق للصواب.
وأجابوا عن الإحفاء الوارد في الحديث:
بما روى ابن القاسم عن مالك، أن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إحفاء الشوارب إنما هو أن يبدو الإطار، وهو ما احمر من طرف الشفة والإطار جوانب الفم المحدقة به. اهـ
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أنهكوا الشوارب) لا حجة فيه؛ لأن إنهاك الشيء لا يقتضي إزالة
جميعه، وإنما يقتضي إزالة بعضه. قال: صاحب الأفعال: نهكته الحمى نهكًا: أثرت فيه، وكذلك العبادة
(1)
.
• جواب القائلين بالحلق:
قال الطحاوي: رأينا الحلق قد أمر به في الإحرام، ورخص في التقصير فكان الحلق أفضل من التقصير، وكان التقصير من شاء فعله ومن شاء زاد عليه، إلا أنه يكون بزيادته عليه أعظم أجرا ممن قص، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم الشارب، قصه حسن وإحفاؤه أحسن وأفضل
(2)
.
وقال أيضًا: وما احتج به مالك أن عمر كان يفتل شاربه إذا غضب أو اهتم، فجائز أن يكون كان يتركه حتى يمكن فتله، ثم يحلقه كما ترى كثيرًا من الناس يفعله
(3)
.
وقال أيضًا: «وأما حديث المغيرة، فليس فيه دليل على شيء؛ لأنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ولم يكن بحضرته مقراض يقدر على إحفاء الشارب.
وقال أيضًا: فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يحفون شواربهم، وفيهم أبو هريرة، وهو ممن روينا عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من الفطرة قص الشارب).
ويحتمل أن حديث: (من الفطرة قص الشارب) يحتمل أن تكون الفطرة هي التي لا بد منها، وهي قص الشارب، وما سوى ذلك فضل حسن، وأن مابعد ذلك من الإحفاء هو أفضل، وفيه من إصابة الخير ما ليس في القص
(4)
.
• الراجح:
الذي أميل إليه والله أعلم أن السنة تتحقق بالحلق أو بالتقصير، وإن كان
(1)
المنتقى شرح الموطأ (7/ 264).
(2)
شرح معاني الآثار (4/ 231).
(3)
نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 66).
(4)
شرح معاني الآثار (4/ 233) ببعض التصرف اليسير.
التقصير عندي أولى، لأن أحاديثه أكثر وأصح، ولأنه صلى الله عليه وسلم فعله كما في حديث المغيرة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع أن ينهكه أكثر مما فعل مما يدل على أن التقصير حتى تظهر الشفة أفضل، والله أعلم.
* * *