الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وتعقب هذا الجواب:
بأنه لم ينحصر التفرقة في الوجوب، فقد يكون في حق النساء للإباحة، وقد فسر الحنفية في كتبهم بأن معنى مكرمة: أي أطيب وألذ في الجماع
(1)
.
فتكون معنى مكرمة للنساء أي محل لكرمهن، أي بسببه يصرن كرائم عند أزواجهن
(2)
، فتكون ذات منزلة وكرامة، لأنه يتسبب عنه رونق الوجه وبريقه ولمعانه، ويطيب الجماع للزوج، وقد جاء في الحديث:(اخفضي ولا تنهكي؛ فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج)
(3)
. وقد سبق تخريجه.
ولو صح الحديث لكان معنى مكرمة والله أعلم: أي أن الشارع أكرمها بهذا التشريع. وإكرامها: إما لأنه لم يلزمها فجعل الخيار لها؛ لأنه جعله في مقابل السنة في ختان الرجل أي لازم له، وإما أن هذا التشريع قصد به إكرامها، ولم يقصد به إهانتها، وهذا يشترك فيه الرجل والمرأة، ولا معنى لتخصيص المرأة بهذا. والله أعلم.
الدليل الثاني:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرنه في المستحبات دون الواجبات فيأخذ حكمهن.
(2077 - 28) فقد روى البخاري رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار، ونتف الآباط. ورواه مسلم
(4)
.
فإذا كانت هذه الخصال المذكورة مع الختان مستحبة، فكذلك الختان.
(1)
تبيين الحقائق (6/ 227)، البحر الرائق (7/ 96)، الفتاوى الهندية (6/ 445)، حاشية
ابن عابدين (6/ 751).
(2)
المغرب (ص: 407).
(3)
حاشية العدوي (1/ 596) مع بعض التصرف اليسير.
(4)
صحيح البخاري (5891) ومسلم (257).
• وأجيب على ذلك:
أولًا: دلالة الاقتران ضعيفة. وقد قال سبحانه وتعالى: (كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)[الأنعام: 141].
وإتيان الحق واجب والأكل مباح، ومثله قوله تعالى:(فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم)[النور: 33]، والإيتاء واجب، والكتابة سنة، فالأمر المباح أو المندوب حين اقترن بالأمر الواجب لم يعط حكمه. فكذلك الختان
(1)
.
ثانيًا: لا نسلم أن هذه الأمور الخمسة مستحبة، بل واجبة؛ فالأمور التي من الفطرة، وفطر عليها البشر لا يمكن أن تكون مخالفتها مخالفة لأمور مستحبة فقط.
قال ابن العربي: «والذي عندي أن الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة؛ فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين، فكيف من جملة المسلمين»
(2)
.
(2078 - 29) وقد روى مسلم في صحيحه من طريق جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني،
عن أنس بن مالك قال: قال أنس: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة
(3)
.
(1)
المجموع (1/ 338).
(2)
نقله عنه الصنعاني في العدة شرح العمدة (1/ 351).
(3)
صحيح مسلم (258).
الحديث مداره على أبي عمران الجوني، عن أنس، ورواه عن أبي عمران جماعة:
الأول: جعفر بن سليمان، بلفظ: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار
…
على البناء للمجهول.
أخرجه الطيالسي ط هجر (2255)، ومن طريقه أبي عوانة (469).
ويحيى بن يحيى كما في صحيح مسلم (259)، وشعب الإيمان للبيهقي (2513).
وبشر بن هلال الصواف كما في سنن ابن ماجه (295). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخلف بن هشام البزاز كما في مسند ابن الجعد (3294).
والهيثم بن جميل، كما في الضعفاء للعقيلي (2/ 208) خمستهم رووه عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار
…
الحديث على البناء للمجهول.
ورواه قتيبة بن سعيد، عن جعفر بن سليمان، واختلف على قتيبة:
فرواه مسلم (258).
والبيهقي (1/ 150) من طريق أبي سعيد محمد بن شاذان، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، عن جعفر ابن سليمان به، بلفظ وقت لنا.
ورواه الترمذي (2759) عن قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان، بلفظ: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه النسائي عن قتيبة مرة في المجتبى (14) بلفظ: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومرة في السنن الكبرى (15) بلفظ: وقت لنا على البناء للمجهول.
فالذي يظهر أن المحفوظ من لفظ قتيبة هو الموافق لرواية الجماعة عن جعفر بن سليمان، بلفظ: وقت لنا. وأن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في لفظ جعفر بن سليمان وهم.
الثاني: صدقة بن موسى، عن أبي عمران الجوني.
أخرجه ابن الجعد في مسنده (3291).
وأخرجه أحمد (3/ 122، 203) وأبو يعلى (4185) وابن الجعد في مسنده (3293)، عن يزيد ابن هارون.
وأخرجه أحمد (3/ 255) عن محمد بن يزيد.
وأخرجه ابن الجعد في مسنده (3292) من طريق هشيم،
وأخرجه أبو داود (4200)، والبيهقي (1/ 150) من طريق مسلم بن إبراهيم، أربعتهم عن صدقة الدقيقي، عن أبي عمران، عن أنس، قال: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وتقليم الأظفار وحلق العانة في كل أربعين يومًا مرة.
وأخرجه الترمذي (2758) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا صدقة بن موسى به. بلفظ: وقت لهم في كل أربعين ليلة. الحديث
ولعل الحديث انقلب على الترمذي، فجعل صيغة البناء للمجهول (وقت لنا) من لفظ صدقة ابن موسى. ولفظ: (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظ جعفر بن سليمان. والصواب العكس.
قال ابن عدي: رواه عن أبي عمران صدقة بن موسى، وجعفر بن سليمان. فقال صدقة: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال جعفر: وقت لنا في حلق العانة، فذكره. وما أعلم رواه عن أبي عمران غيرهما».
فمن العلماء من قال رواية جعفر أصح، من هؤلاء، أبو داود، والترمذي. =
وقول الصحابي: (وقت لنا) على البناء للمجهول له حكم الرفع، كقول
= قال أبو داود: «رواه جعفر بن سليمان، عن أبي عمران، عن أنس، لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وقت لنا. وهذا أصح» .
وقال الترمذي في السنن: «هذا أصح من حديث الأول، وصدقة بن موسى ليس عندهم بالحافظ» .
وكلمة أصح قد لا تعني الصحة المطلقة.
ومن العلماء من ضعف الحديث بطريقيه، من ذلك ابن عبد البر، وقد أعله بعلتين:
الأولى: أن جعفر بن سليمان ليس بالقوة، وقد تفرد به.
قال ابن عبد البر (21/ 68): «هذا حديث ليس بالقوي من جهة النقل» . اهـ
وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 208) في ترجمة صدقة: «والرواية في هذا الباب متقاربة في الضعف، وفي حديث جعفر نظر» .
قال القرطبي في تفسيره (2/ 107): «هذا الحديث يرويه جعفر بن سليمان. قال العقيلي: في حديثه نظر» .
وفي الإكمال للقاضي عياض (2/ 62): «قال أبو عمر: لم يروه إلا جعفر بن سليمان، وليس بحجة لسوء حفظه، وكثرة غلطه» .
وقد نقل كلام القاضي عياض النووي في شرحه لصحيح مسلم، ورده، فقال (3/ 150):«قد وثق كثير من الأئمة المتقدمين جعفر بن سليمان، ويكفي في توثيقه احتجاج مسلم، وقد تابعه غيره» . اهـ
وقال الحافظ في الفتح متعقبًا كلام الحافظ ابن عبد البر (10/ 346): «وتعقب بأن أبا داود والترمذي أخرجاه من رواية صدقة بن موسى، وصدقة بن موسى وإن كان فيه مقال لكن تبين أن جعفر لم ينفرد به، وقد أخرج ابن ماجه نحوه من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس، وفي علي ضعيف .. إلخ كلامه رحمه الله.
وقال ابن عدي: رواه عن أبي عمران صدقة بن موسى، وجعفر بن سليمان. فقال صدقة: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال جعفر: وقت لنا في حلق العانة، فذكره. وما أعلم رواه عن أبي عمران غيرهما.
العلة الثانية: المخالفة، أشار إليها ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 336)، قال:«أكثر الرواة لهذا الحديث إنما يذكرون فيه: (حلق العانة) خاصة دون (تقليم الأظفار وقص الشارب)» .
فكأنه يرى أن تفرد جعفر وصدقة بزيادة قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الأبط يجعل ذلك شاذًّا، هذا ممكن لو أمكن الوقوف على الطرق التي ذكرت حلق العانة فقط لينظر في أيها أرجح. ولم يتيسر ذلك في المطبوع من الكتب، ولم يذكر طرقها ابن عبد البر، والله أعلم.
الصحابي: (أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا).
قال الشوكاني: المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز تجاوزها
(1)
.
(2079 - 30) ومما يدل أيضًا على الوجوب ما رواه أحمد، عن يحيى ووكيع، عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار،
عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يأخذ من شاربه فليس منا
(2)
.
[صحيح]
(3)
.
(1)
نيل الأوطار (1/ 169).
(2)
مسند أحمد (4/ 366، 368).
(3)
رجاله كلهم ثقات.
والحديث أخرجه أحمد (4/ 366)، عن وكيع كما في إسناد الباب.
ورواه أحمد كما في إسناد الباب، والترمذي (2761) من طريق يحيى بن سعيد، ومن طريق يحيى ابن سعيد أخرجه النسائي في الكبرى (14).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 226) رقم 25493 حدثنا عبدة بن سليمان.
وأخرجه الترمذي في الأدب (2762) والنسائي (13) من طريق عبيدة بن حميد،
ومن طريق عبيدة أخرجه ابن حبان (5477).
وأخرجه النسائي في الكبرى (9293) وفي المجتبى (5047) ومن طريق النسائي أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (357) من طريق المعتمر.
وأخرجه عبد بن حميد، كما في المنتخب (264) والبيهقي في شعب الإيمان (6445) عن يعلى بن عبيد.
وأخرجه عبيد بن حميد كما في المنتخب (264) عن محمد بن عبيد.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 37) رقم 7886 من طريق حمزة الزيات.
وأخرجه في المعجم الكبير (5033، 5034، 5036) من طريق أبي نعيم، ومندل بن علي، وحمزة الزيات فرقهم، كلهم (وكيع، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدة، وعبيدة بن حميد، والمعتمر، ويعلى ابن عبيد، ومحمد بن عبيد، وحمزة الزيات، وأبو نعيم ومندل، وحمزة) كلهم رووه عن يوسف بن صهيب به.