الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النووي: هذا القول ليس بشيء؛ وهو كالمخالف للإجماع
(1)
.
•
دليل من قال: لا يجب الختان إلا بالبلوغ
.
(2074 - 25) ما رواه البخاري من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد ابن جبير، قال:
سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا يومئذ مختون. قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك
(2)
.
فقوله: (حتى يدرك) أي حتى يبلغ.
قال في تاج العروس: أدرك الشيء إدراكًا بلغ وقته وانتهى
(3)
.
وقال الشوكاني: الإدراك في أصل اللغة بلوغ الشيء وقته. وأراد به ههنا البلوغ
(4)
.
الدليل الثاني من النظر:
قالوا: إن الختان يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة، وهما لا يجبان إلا بالبلوغ.
•
دليل من قال: يجب على الولي أن يختن الصغير قبل البلوغ:
قالوا: إن هذا من مصلحة الصبي، فيجب على الولي القيام بما فيه مصلحته.
قال ابن القيم: وعندي أنه يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ، بحيث يبلغ مختونًا؛ فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به. وأما قول ابن عباس: كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك: أي حتى يقارب البلوغ، كقوله تعالى:(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)
(5)
.
(1)
المجموع (1/ 350).
(2)
صحيح البخاري (6299).
(3)
تاج العروس (13/ 552).
(4)
نيل الأوطار (1/ 140).
(5)
الطلاق: 2.
وبعد بلوغ الأجل لا يتأتى الإمساك. وقد صرح ابن عباس أنه كان يوم يموت النبي صلى الله عليه وسلم مختونًا، وأخبر في حجة الوداع التي عاش بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانين يومًا أنه قد ناهز الاحتلام، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الآباء أن يأمروا أولادهم بالصلاة لسبع، وأن يضربوهم على تركها لعشر، فكيف يسوغ لهم ترك ختانهم حتى يجاوزوا البلوغ
(1)
.
وقول ابن القيم كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام.
(2075 - 26) الحديث رواه البخاري، قال: حدثنا إسحاق، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن أخي بن شهاب، عن عمه، أخبرني عبيدالله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود،
أن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: أقبلت، وقد ناهزت الحلم أسير على أتان لي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بمنى حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول، ثم نزلت عنها فرتعت فصففت مع الناس وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري: وقال يونس عن ابن شهاب: بمنى في حجة الوداع
(2)
.
• الراجح:
قال ابن المنذر: ليس في باب الختان نهي يثبت، ولا لوقته حد يرجع إليه، ولا سنة تتبع، والأشياء على الإباحة، ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة، ولا نعلم مع من منع أن يختن الصبي لسبعة أيام حجة
(3)
.
وقد قال سفيان بن عيينة: قال لي سفيان الثوري: أتحفظ في الختان وقتًا؟ قلت: لا. قلت: وأنت لا تحفظ فيه وقتًا؟ قال: لا
(4)
.
(1)
تحفة المودود ـ ابن القيم (ص: 182).
(2)
صحيح البخاري (1857).
(3)
المجموع (1/ 352).
(4)
التمهيد (21/ 61).
وقد قال أحمد في وقت الختان: لم أسمع فيه شيئًا
(1)
.
وقال ابن تيمية: أما الختان فمتى شاء اختتن، لكن إذا راهق البلوغ فينبغي أن يختن كما كانت العرب تفعل، لئلا يبلغ إلا وهو مختون
(2)
.
وقوله: (ينبغي) لا يدل على الوجوب.
• الراجح من الخلاف:
الصحيح أن الختان لا يجب إلا بالبلوغ؛ لأنه وقت التكليف. وأما قول ابن القيم رحمه الله: يجب على الصبي الختان قبل البلوغ؛ لأن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به. فإن كان يقصد وجوب الصلاة فإن صلاة الأقلف صحيحة، وليس الختان شرطًا في صحة الصلاة.
وأما الاستدلال بحديث: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع) فليس فيه دليل على مسألتنا؛ لأن الصلاة نفسها لا تجب قبل البلوغ على الصحيح، وإنما الأمر للتربية والتعليم. وأما تطهير النجاسة المحتقنة في القلفة فإنه يمكنه تطهيرها بالمبالغة في الاستنجاء، وتتبع أماكن احتقان البول في القلفة لتكون طهارته صحيحة، وبالتالي صحة صلاته. فالختان كسائر التكاليف لا تجب على الصبي إلا بالبلوغ. والله أعلم.
* * *
(1)
الإنصاف (1/ 125).
(2)
الفتاوى الكبرى (1/ 274).