الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن في عبادة الأقلف
المبحث الأول في طهارة الأقلف
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• ما أمكن غسله من بول تحت القلفة، هل هو في حكم الظاهر أو الباطن، وإذا كان في حكم الظاهر، فهل يجب تطهيرها، أو يسقط للحرج، أو أن هذا القدر يسير مغتفر؟
(1)
.
• هل يمكن أن يكون للقلفة حكمان مختلفان: ففي الاستنجاء يكون لها حكم الباطن، وفي الغسل من الجنابة يكون لها حكم الظاهر؟ كما قالوا ذلك في الفم والأنف، حيث لهما حكم الظاهر في الصوم، وحكم الباطن في الغسل، فلا يجب غسلهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: خذ هذا فأفرغه عليك.
[م-825] اتفق الفقهاء على أنه إذا كان هناك حرج في غسل ما تحت القلفة فلا يطلب تطهيرها دفعًا للحرج.
(1)
لو نزل البول إلى قصبة الذكر ولم يخرج لم ينقض الوضوء؛ لعدم ظهوره، فإذا نزل إلى القلفة فإنه بنزوله إليها هل ينقض الوضوء هذا مبني على ما تحت القلفة هل هو في حكم الظاهر أو الباطن، وإذا قلنا في حكم الظاهر فهل يجب غسلها أو لا يجب للحرج؛ لا لأنها في حكم الباطن. انظر فتح الباري (10/ 341)، حاشية ابن عابدين (1/ 135)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 538).
أما إذا كان تطهيرها ممكنًا من غير حرج.
فالشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
ومحمد بن الحسن من الحنفية
(3)
، يوجبون تطهير ما تحت القلفة في الاستنجاء.
لأنها واجبة الإزالة، وما تحتها له حكم الظاهر.
وذهب الحنفية والمالكية
(4)
، إلى استحباب غسلها في الاستنجاء، لأن الاستنجاء عندهم سنة، وليس بواجب.
وأما في الغسل الواجب:
فقال المرداوي من الحنابلة: «لو خرج المني إلى قلفة الأقلف أو فرج المرأة وجب الغسل رواية واحدة. وجزم به في الرعاية، وحكاه ابن تميم عن بعض الأصحاب»
(5)
.
وقال الكاساني أيضًا: «يجب على الأقلف إيصال الماء إلى القلفة.
وقال بعضهم: لا يجب. وليس بصحيح؛ لإمكان إيصال الماء إليه من غير حرج»
(6)
.
واختلف الحنفية في وجوب غسل القلفة في الغسل الواجب.
(1)
أسنى المطالب (1/ 69)، تحفة المحتاج (1/ 276)، نهاية المحتاج (1/ 224، 225).
(2)
قال ابن قدامة في المغني (1/ 106): «والأقلف إن كان مُرْتَتِقًا لا تخرج بشرته من قلفته، فهو كالمختتن، وإن كان يمكنه كشفها كشفها فإذا بال واستجمر أعادها، فإن تنجست بالبول لزمه غسلها كما لو انتشر إلى الحشفة» .
(3)
بدائع الصنائع (1/ 26).
(4)
قال الباجي في المنتقى (1/ 69): «ومن نسي الاستجمار وصلى، فقد روى أشهب عن مالك أرجو أن لا تكون عليه إعادة. قال الشيخ أبو محمد: أراه يريد إذا مسح.
وقال محمد بن مسلمة في المبسوط: من تغوط أو بال، فلم يغسله، ولم يمسح حتى صلى يعيد في الوقت». قلت: ومفهومه: بعد الوقت لا يعيد؛ لأنه ليس بواجب عندهم.
(5)
الإنصاف (1/ 231).
(6)
المرجع السابق (1/ 34).
فقال الزيلعي: لا يجب عليه أن يدخل الماء داخل جلدة الأقلف؛ لأن خِلْقَةً كقصبة الذكر. قال: وهذا مشكل؛ لأنه إذا وصل البول إلى القلفة ينتقض الوضوء، فجعلوه كالخارج في هذا الحكم، وفي حق الغسل كالداخل حتى لا يجب إيصال الماء إليه عند بعض المشايخ.
وقال الكردي: يجب إيصال الماء إليه عند بعض المشايخ، وهو الصحيح، فعلى هذا لا إشكال فيه
(1)
.
• الراجح:
التفريق بين الاستنجاء وبين الغسل له أصل، فالفم والأنف لهما حكم الظاهر في الصوم، وحكم الباطن في الغسل.
* * *
(1)
تبيين الحقائق (1/ 14). وأجاب عن هذا الإشكال صاحب البحر الرائق، فقال (1/ 48):«لا يجب إدخال الماء داخل جلدة الأقلف في غسله من الجنابة وغيرها للحرج الحاصل. لا لكونه خلقة كقصبة الذكر، وهذا هو الصحيح المعتمد، وبه يندفع ما ذكره الزيلعي من أنه مشكل؛ لأنه إذا وصل البول إلى القلفة انتقض وضوؤه، فجعلوه كالخارج في هذا الحكم، وفي حق الغسل كالداخل حتى لا يجب إيصال الماء إليه. وقال الكردي: يجب إيصال الماء إليه عند بعض المشايخ، وهو الصحيح، فعلى هذا لا إشكال فيه» . اهـ فإن هذا الإشكال إنما نشأ من تعليله لعدم الوجوب بأنه خلقة كقصبة الذكر، وأما على ما عللنا به تبعًا لفتح القدير فلا إشكال فيه أصلًا. إلخ كلامه. وانظر الجوهرة النيرة (1/ 10).