الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في حلق شعر عانة الميت
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• حرمة الميت كحرمة الحي.
• كشف العورة محرم، ولا ينتهك المحرم لحاجة تكميلية.
• وقيل: كشف العورة محرم لغيره، والحاجة تبيحه.
[م-839] اختلف الفقهاء في حلق عانة الميت إذا كانت طويلة:
فقيل: يحرم حلق عانته، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: يكره، وهو المشهور من مذهب المالكية
(3)
، والشافعية
(4)
. قال مالك: إن ذلك بدعة
(5)
.
(1)
قال في بدائع الصنائع (1/ 301): «والسنة أن يدفن الميت بجميع أجزائه، ولهذا لا تقص أظفاره وشاربه ولحيته، ولا يختن، ولا نتف إبطه، ولا تحلق عانته» . اهـ. وانظر فتح القدير (2/ 111)، والمبسوط (2/ 59)، الفتاوى الهندية (1/ 158).
(2)
قال في كشاف القناع (2/ 97): «ويحرم حلق شعر عانته - يعني الميت - لما فيه من لمس عورته» . اهـ. ورجحه ابن قدامة في المغني (2/ 210) وقال في الإنصاف (2/ 494): على الصحيح من المذهب. اهـ وانظر شرح منتهى الإرادات (1/ 349).
(3)
المنتقى ـ الباجي (2/ 7)، التاج والإكليل (2/ 52)، وعبر الخرشي (2/ 136)، وعليش في منح الجليل (1/ 507) والعدوي في حاشية (1/ 412) والدسوقي في حاشيته: بالكراهية مع تنصيص بعضهم على أن ذلك بدعة.
(4)
المجموع (5/ 141)، أسنى المطالب (1/ 304)، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (2/ 86). وقال في تحفة المحتاج (3/ 113): الأظهر كراهته، وانظر حاشية الجمل (2/ 154)، حاشية البجيرمي على المنهج (1/ 462).
(5)
المدونة (1/ 156).
وقيل: لا يكره، ولا يستحب، وهو قول عند الشافعية
(1)
.
وقيل: إن كانت عانته طويلة استحب حلقها، وهو رأي الشافعي في الجديد
(2)
،
(1)
قال الشافعي في الأم (1/ 319): «فإن كان على يديه - يعني الميت - وفي عانته شعر فمن الناس من كره أخذه عنه، ومنهم من رخص فيه، فمن رخص فيه لم ير بأسًا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم» . اهـ. وانظر المجموع (5/ 141)، المنثور في القواعد (3/ 147).
(2)
قال النووي في المجموع (5/ 141): «في قلم أظفار الميت، وأخذ شعر شاربه، وإبطه، وعانته قولان: الجديد أنها تفعل. والقديم أنها لا تفعل، وللأصحاب طريقان:
أحدهما: أن القولين في الاستحباب والكراهة. أحدهما: يستحب. والثاني: يكره.
وهذه طريقة المصنف هنا، وشيخه القاضي أبي الطيب في تعليقه، وصاحب الحاوي والغزالي في الوسيط والخلاصة، وصاحب التهذيب، والروياني في الحلية، وآخرين من الأصحاب. قال صاحب الحاوي: القول الجديد أنه مستحب، وتركه مكروه، وقطع المصنف في التنبيه، والجرجاني في التحرير باستحبابه.
والطريق الثاني: أن القولين في الكراهة وعدمها. أحدهما: يكره. والثاني: لا يكره ولا يستحب قطعًا، وبهذا الطريق قال الشيخ أبو حامد والبندنيجي وابن الصباغ والشاشي وآخرون، وهو ظاهر نص الشافعي في الأم، فإنه قال: من الناس من كره أخذه، ومنهم من رخص فيه. وأما قول الرافعي: لا خلاف أن هذه الأمور لا تستحب، وإنما القولان في الكراهة فمردود بما قدمته من إثبات الخلاف في الاستحباب مع جزم من جزم، وعجب قوله هذا مع شهرة هذه الكتب، لا سيما الوسيط والمهذب والتنبيه.
وأما الأصح من القولين فصحح المحاملي أنه لا يكره، وقطع به في كتابه المقنع، وصحح غيره الكراهة، وهو المختار، ونقله البندنيجي عن نص الشافعي في عامة كتبه، منها الأم، ومختصر الجنائز، والقديم. وقد قال الشافعي في مختصر المزني: من أصحابنا من رأى حلق الشعر وتقليم الأظفار، ومنهم من لم يره. قال الشافعي: وتركه أعجب إلي. هذا نصه، وهو صريح في ترجيح تركه، ولم يصرح الشافعي في شيء من كتبه باستحبابه جزمًا، إنما حكى اختلاف شيوخه في استحبابه وتركه، واختار هو تركه، فمذهبه تركه، وما سواه ليس مذهبًا له، فيتعين ترجيح تركه، ويؤيده أيضًا أن الشافعي قال في المختصر والأم: ويتتبع الغاسل ما تحت أظافير الميت بعود حتى يخرج الوسخ. قال القاضي أبو الطيب في تعليقه: قال أصحابنا: هذا تفريع من الشافعي على أنه يترك أظافيره، وأما إذا قلنا: تزال، فلا حاجة إلى العود، فحصل أن المذهب أو الصواب ترك هذه الشعور والأظفار؛ لأن أجزاء الميت محترمة، فلا تنتهك بهذا، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في هذا شيء، فكره فعله، وإذا جمع الطريقان حصل ثلاثة أقوال: المختار: يكره.
والثاني: لا يكره، ولا يستحب. والثالث: يستحب». اهـ
وقال في تحفة المحتاج (3/ 112): «والجديد أنه لا يكره في غير المحرم أخذ ظفره ـ يعني الميت - وشعر إبطه وعانته وشاربه، بل يستحب لما فيه من النظافة» . اهـ