الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في تغيير الشيب
المبحث الأول تغيير الشيب بغير السواد
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الصبغ من الأمور التي تتعلق بالهيئة والزينة، فلا يبلغ الأمر فيها إلى الوجوب، ولو كانت العلة مخالفة المشركين.
• موافقة المشركين الأصل فيها الكراهة إلا لقرينة، وقد يصل الأمر فيها إلى الكفر، وقد يكون الشأن فيها على خلاف الأولى، والكراهة هي المتيقنة إلا لقرينة، ولا قرينة تدل على وجوب الصبغ.
• موافقة المشركين في ترك الصبغ ليس كموافقتهم في أصل العبادة، فأمر الصبغ متعلق بالهيئة والزينة، والشأن فيها أخف، وإذا كنا قد أمرنا بالصلاة بالنعال، وهي صفة في العبادة، والصلاة بدون نعال لا يبلغ به حد الكراهة، فالموافقة في ترك الصبغ من باب أولى.
• الاقتصار على صيام عاشوراء ليس مكروهًا مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم وعد بصيام التاسع معه لقصد المخالفة.
[م-866] اختلف العلماء في تغيير الشيب بغير السواد،
فقيل: يسن خضاب الشيب بغير السواد من حمرة أو صفرة.
وهو مذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
وقيل: مباح تغيير الشيب، وهو ظاهر مذهب المالكية
(4)
.
وقيل: لا يسن تغيير الشيب، وهذا القول مروي عن عمر
(5)
، وسعيد بن
(1)
حاشية ابن عابدين (6/ 422).
(2)
قاله النووي في المجموع (1/ 345).
(3)
الآداب الشرعية (3/ 336)، الإنصاف (1/ 123)، قال ابن قدامة في المغني (1/ 66): «قال أحمد: إني لأرى الشيخ المخضوب فأفرح به. وذاكر رجلًا، فقال: لم لا تختضب؟ فقال: أستحي. قال: سبحان الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
جاء في الموطأ (2/ 949) قال يحيى: سمعت مالكًا يقول في صبغ الشعر بالسواد: لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي قال: وترك الصبغ كله واسع إن شاء الله، ليس على الناس فيه ضيق.
فقوله: ترك الصبغ كله واسع، يعني إن شاء صبغ، وإن شاء ترك، وهذا شأن المباح، والله أعلم.
وعبارة بعض المتون المالكية: «لا بأس به، جائز» ونحوها.
قال في حاشية العدوي (1/ 446): «وأما صبغه بغير السواد فلا بأس به بالحناء والكتم، ثم قال شارحه: وكلامه محتمل للندب والإباحة، وهي أقرب.
وقال في الفواكه الدواني (2/ 307): «وجوازه - يعني الصبغ - للرجال في شعر الرأس واللحية دون اليدين والرجلين؛ لأن فيهما من زينة النساء .... إلخ فعبر بالجواز الدال على الإباحة.
(5)
روى الطبراني في الأوسط (1825) قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا محمد بن حمير، عن ثابت بن عجلان،
عن سليم بن عامر، قال: رأيت أبا بكر الصديق يخضب بالحناء والكتم، وكان عمر لا يخضب، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورًا يوم القيامة.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا محمد.
[إسناده حسن، إلا أنه معلول]
ورواه ابن حبان في صحيحه (2983) من طريق الهيثم بن خارجه به. واقتصر على المرفوع.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 185، 159): «وعن ابن عمر أن عمر كان لايغير شيبه، فقيل له: يا أمير المؤمنين: ألا تغير فقد كان أبو بكر يغير؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
من شاب شيبة في الاسلام كأنت له نورًا يوم القيامة.
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه طريف بن زيد قال العقيلي لا يتابع على هذا الحديث.
وقد راجعت الأوسط ولم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجدت فيه حديث ابن عمر دون قصة عمر، واقتصر على المرفوع، انظر الأوسط (1024).
ويعكر على هذين الحديثين: ما رواه مسلم (2341) قال: حدثني أبو الربيع العتكي، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت، وقال: لم يختضب، وقد اختضب أبوبكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتًا.
وهذا أرجح من حديث الطبراني. والله أعلم.