الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار،
عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يأخذ من شاربه فليس منا
(1)
.
[صحيح]
(2)
.
فهذا الحديث يدل على أن الأخذ من الشارب واجب، بل لو قيل: إن تاركه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب لم يكن بعيدًا لهذا العقاب.
فهذا الحديث، والحديث الذي قبله يدلان أن سنن الفطرة ليست مستحبة، وإنما هي واجبة. والاستحداد من سنن الفطرة.
• ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن وجوب الاستحداد لابد له من دليل خاص، أما الاستدلال على اقترانه بالشارب ففي ذلك نظر، والله أعلم.
الوجه الثاني:
على تقدير صحة القياس على الشارب، فإن ذلك ليس صريحًا في الوجوب، قال العراقي:«المراد على تقدير ثبوته ليس على سنتنا وطريقتنا لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، فهذا هو المراد قطعًا»
(3)
.
الدليل الثاني:
(2106 - 57) ما رواه مسلم من طريق جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني،
عن أنس بن مالك، قال: قال أنس: وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار،
(1)
مسند أحمد (4/ 366، 368).
(2)
رجاله كلهم ثقات، وسبق تخريجه، انظر (ح 2079).
(3)
طرح التثريب (2/ 82).
ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة
(1)
.
[ضعفه ابن عبد البر والعقيلي، وسبق تخريجه]
(2)
.
فالتوقيت: حد ما بين الجائز والممنوع، فظاهره يدل على وجوب هذه الأفعال.
وإذا لم يعرف الوجوب إلا عن ابن العربي والشوكاني فإن الاعتماد على قولهما ضعيف، لأن عصرهما متأخر، ولا يمكن أن يكون الحق لا يعرف قائل به إلى عصر ابن العربي، فأخشى أن يكون قوله محدثًا، وأنه محجوج بالإجماع قبله، وإن قيل بقولهما من السلف فله وجه، والله أعلم.
* * *
(1)
صحيح مسلم (258).
(2)
انظر تخريجه (2078).
مبحث
في إجبار الزوج زوجه على الاستحداد
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• كل ما يمنع من أصل الاستمتاع فللزوج أن يجبرها على رفعه، كالغسل من الحيض، والتضمخ بالنجاسة، وأما إذا وجد منها ما لا يمنع من أصل الاستمتاع، ولكن يمنع كماله، كالتنظف والاستحداد، فهل يجبرها على إزالته؟
• حق الزوج على الزوجة أن تطيعه في كل أمر مباح يأمرها به، فكيف إذا أمرها بما هو مشروع.
وقيل:
• الوطء لا يقف على الاستحداد، فلا يملك الزوج إجبار زوجته عليه.
[م-835] إذا قيل: إن الاستحداد واجب فله أن يجبرها قولًا واحدًا؛ لأن الزوج راع في بيته، ومسئول عن رعيته.
وإذا قلنا: إن الاستحداد سنة، فهل له أن يجبرها؟
قيل: له أن يجبرها إذا طال، وهو أصح القولين في مذهب الشافعية
(1)
، وقولٌ
(1)
قال الشافعي في الأم (5/ 8): وله - يعني الزوج - أن يجبرها -يعني زوجته الذمية - على النظافة بالاستحداد. اهـ
وإذا كان هذا في حق الزوجة الذمية التي لم تلتزم بالإسلام، فما بالك بالمرأة المسلمة التي قد التزمت أحكامه.
وفي المجموع (1/ 342) قال النووي: «فيه قولان مشهوران، أصحهما الوجوب، وهذا إذا لم يفحش بحيث ينفر التواق، فإن فحش بحيث نفره وجب قطعًا» .
واحدٌ في مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: ليس له إجبارها حتى يفحش بحيث ينفر التواق
(2)
.
• الراجح من الخلاف:
أن لكل واحد من الزوجين أن يجبر الآخر على التنظف له، وهو من العشرة بالمعروف المأمور بها الزوج بقوله تعالى:(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].
وكما أنه يجب للزوج على الزوجة، يجب على الزوج أيضًا، قال تعالى:(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ)[البقرة: 228].
* * *
(1)
قال ابن قدامة في المغني (7/ 225): «وله إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة، رواية واحدة ذكره القاضي» . وانظر الإنصاف (8/ 351).
(2)
المجموع (1/ 342). والمقصود بالتواق: أي الذي يتوق إلى الجماع.