الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
الوضوء من نتف الإبط
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• كون الشيء حدثًا يوجب الوضوء متلقى من جهة الشرع، لا من جهة العقل، فاعتبار أكل لحم الإبل ومس الذكر حدثًا غير معقول المعنى.
• لم يثت أن زوال التفث والمغسول والممسوح، يعتبر حدثًا ناقضًا للوضوء.
[م-856] الخلاف في الوضوء من نتف الإبط كالخلاف فيه من تقليم الأظفار وحلق الشعر.
وقد ذكرنا هناك ثلاثة أقوال:
الأول: ليس عليه شيء، وهو الراجح.
الثاني: عليه إعادة الوضوء.
الثالث: عليه غسل موضعه فقط أو مسحه إن كان ممسوحًا. وقد نسبنا كل قول إلى قائله، وذكرنا أدلة كل قول، فارجع إليه غير مأمور. ونذكر من الآثار ما لم نذكره هناك، منها:
(2149 - 100) روى ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا ابن علية، عن عبيد الله ابن العيزار،
عن طلق بن حبيب، قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا حك إبطه أو مسه، فقال: قم فاغسل يديك أو تطهر
(1)
.
(1)
المصنف (1/ 54) رقم 565.
[رجاله ثقات إلا أنه مرسل، طلق لم يدرك عمر]
(1)
.
(2150 - 101) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد،
عن عبد الله بن عمرو أنه كان يغتسل من نتف الإبط
(2)
.
[إسناده صحيح والأعمش عده الحافظ ممن تقبل عنعنته]
والاغتسال هنا كالاغتسال للتبرد، فلعله فعله طلبًا للنظافة من أثر الشعر، كما يغتسل الإنسان بعد حلق شعره، وليس هذا كالاغتسال للجنابة أو للجمعة، إذ لو كان واجبًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
(2151 - 102) وروى ابن أبي شيبة أيضًا، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن ليث، عن مجاهد،
عن ابن عباس، قال: ليس عليه وضوء في نتف الإبط
(3)
.
(1)
قال أبو زرعة: طلق بن حبيب عن عمر مرسل، جامع التحصيل في أحكام المراسيل (315). ورواه ابن أبي شيبة أيضًا (1/ 126) رقم 1451 حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد،
قال عمر: من نقَّى أنفه أو حك إبطه توضأ.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا، فيه علتان: ضعف ليث، والانقطاع، فإن مجاهدًا لم يسمع من عمر، ولعله لو ثبت عن عمر، فإنه يقصد بالوضوء غسل اليد، لا أنه حدث ناقض للوضوء، كما في الأثر الأول، فإنه قال: قم فاغسل يديك أو تطهر. والله أعلم.
ورواه الدارقطني (1/ 151) قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، نا الحسن بن يحيى، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عمر بن الخطاب، قال: إذا مس الرجل إبطه فليتوضأ.
وهذا إسناد لا بأس به لولا أنه منقطع، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عمر بن الخطاب مرسل. انظر جامع التحصيل (486).
وقد رواه الدارقطني أيضًا (1/ 150) من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار به.
(2)
المصنف (1/ 55) رقم 570، وقد اختلف في رواية مجاهد عن عبد الله بن عمرو، قال العلائي: أخرج البخاري عنه حديثين.
(3)
المصنف (1/ 55) رقم 567.
[ضعيف]
(1)
.
(2152 - 103) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن إدريس، عن هشام،
عن الحسن أنه سئل عن الرجل يمس إبطه، فلم ير به بأسًا إلا أن يدميه
(2)
.
[صحيح].
(2153 - 104) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون،
عن محمد، قال: هؤلاء يقولون: من مس إبطه أعاد الوضوء، وأنا لا أقول ذلك، ولا أدري ما هذا
(3)
.
[صحيح].
قال ابن حزم: برهان إسقاطنا الوضوء من كل ما ذكرنا، هو أنه لم يأت قرآن، ولا سنة، ولا إجماع بإيجاب وضوء في شيء من ذلك، ولا شرع الله تعالى على أحد من الإنس والجن إلا من أحد هذه الوجوه، وما عداها فباطل، ولا شرع إلا ما أوجبه الله تبارك وتعالى، وأتانا به رسوله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
* * *
(1)
خلف بن خليفة
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبى قال: رأيت خلف بن خليفة، وهو كبير، فوضعه إنسان من يده، فلما وضعه صاح - يعنى: من الكبر - فقال له انسان: يا أبا أحمد حدثكم محارب بن دثار، وقص الحديث، فتكلم بكلام خفي، وجعلت لا أفهم، فتركته، ولم أكتب عنه شيئًا. الضعفاء الكبير (2/ 22).
وقال ابن سعد: كان ثقة، ثم أصابه الفالج قبل أن يموت، حتى ضعف، وتغير لونه واختلط. الطبقات الكبرى (7/ 313).
قلت: روى له مسلم من حديث ابن أبي شيبة عنه، إلا أن الحاكم ذكر في المدخل أن مسلمًا إنما أخرج له في الشواهد، وهو كما قال: فقد أخرج له مسلم ثلاثة أحاديث متابعا عليها.
(2)
المصنف (1/ 55) رقم 568.
(3)
المصنف (1/ 55)569.
(4)
المحلى (مسألة: 169).