الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
(1371 - 113) استدل بعضهم بما رواه البخاري من طريق مالك، عن يحيى
= ورواه أحمد (6/ 184)، وإسحاق بن راهوية (1096)، والدارقطني (1/ 59) والبيهقي (1/ 92) من طريق علي بن عاصم، عن خالد الحذاء به.
وقيل: عن خالد الحذاء، عن عراك، دون ذكر خالد بن أبي الصلت.
رواه إسحاق بن راهوية (1094) والدارقطني (1/ 59) من طريق أبي عوانة، والقاسم بن مطيب، ويحيى بن مطر فرقهم، عن خالد الحذاء، عن عراك، عن عائشة.
وقيل: عن خالد الحذاء، عن رجل، عن عراك، عن عائشة.
رواه ابن أبي شيبة (1/ 140) وأحمد (6/ 183)، وإسحاق بن راهوية في مسنده (1093)، والدارقطني (1/ 60) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد به، بنحوه.
وقيل: عن عراك، عن عروة، عن عائشة موقوفًا عليها.
ساقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 155)، وابن أبي حاتم في العلل (ح 50)، وذكرنا تصويب البخاري وأبي حاتم الرازي لهذا الطريق على غيره، وأن المعروف أن الحديث موقوف على عائشة، والله أعلم.
والغريب مع هذا الاختلاف الكبير في إسناده مما يجعل الباحث يميل إلى اضطرابه لولا أن البخاري وأبا حاتم رجحا وقفه على عائشة، تجد الإمام النووي يقول في شرحه لصحيح مسلم بأن إسناده حسن.
ويقول الكناني في مصباح الزجاجة (1/ 47): «وهذا الذي علل به البخاري ليس بقادح، فالإسناد الأول حسن رجاله ثقات معروفون، وقد أخطأ من زعم أن خالد بن أبي الصلت مجهول، أقوى ما علل به هذا الخبر أن عراكًا لم يسمع من عائشة، نقلوه عن الإمام أحمد، وقد ثبت سماعه منها عند مسلم، رواه الدارقطني في سننه من هذا الوجه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه كما رواه ابن ماجه عنه» . اهـ
ابن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان،
عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول: إن ناسًا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، فقال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيت يومًا على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته. الحديث
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها، فكون الرسول صلى الله عليه وسلم استدبر القبلة في حديث ابن عمر، وحديث جابر دليل على جواز استقبالها، فهذا دليل على أن النهي عن الاستقبال والاستدبار منسوخ، وأن الاستقبال والاستدبار كلاهما جائز.
• ونوزع هذا الاستدلال بما يلي:
أما القائلون بالتحريم مطلقًا، فأجابوا عن حديث ابن عمر بأجوبة منها:
الجواب الأول:
يحتمل أن يكون فعل ابن عمر قبل النهي عن استدبار القبلة؛ لأنه على البراءة الأصلية.
قال ابن حزم: «ليس فيه -يعني: حديث ابن عمر- أن ذلك كان بعد النهي، وإذا لم يكن ذلك فيه، فنحن على يقين من أن ما في حديث ابن عمر موافق لما كان الناس عليه قبل أن ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهذا ما لا شك فيه، فحكم حديث
ابن عمر منسوخ قطعًا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، هذا يعلم ضرورة، ومن الباطل المحرم ترك اليقين بالظنون، وأخذ المتيقن نسخه، وترك المتيقن أنه ناسخ، وقد رجحنا في غير هذا المكان أن كل ما صح أنه ناسخ، لحكم منسوخ، فمن المحال الباطل أن يكون الله تعالى يعيد الناسخ منسوخًا، والمنسوخ ناسخًا، ولا يبين ذلك تبيانًا لا إشكال فيه، إذ لو كان هذا لكان الدين مشكلًا غير بين، ناقصًا غير كامل، وهذا
(1)
صحيح البخاري (148)، ومسلم (266).
باطل، قال الله تعالى:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)[المائدة: 3] وقال تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)[النحل: 44]. انتهى كلام ابن حزم
(1)
.
الجواب الثاني:
حديث ابن عمر فعل، وأحاديث النهي قول، والقول مقدم على الفعل؛ لأن الفعل قد يكون فعله معذورًا، أو ناسيًا بخلاف القول، وقد يكون الفعل خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
• ورد هذا:
أن الأصل عدم العذر والنسيان، وكونه خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم سبق الجواب عليه.
الجواب الثالث:
أن حديث ابن عمر لو أخذنا به فليس فيه إلا جواز الاستدبار، وليس فيه جواز الاستقبال. وهذا القول بناء على أن حديث جابر لم يثبت عندهم، أو لم يطلعوا عليه، وسبق لنا أنه حديث حسن إن شاء الله تعالى.
• جواب القائلين بالتفريق بين الصحراء وغيرها:
أن حديث ابن عمر دليل على جواز ذلك في البنيان، وأن المنع مختص بالصحراء؛ لأننا لما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة واستدبرها، واستحال أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نهى عنه، علمنا أن الحال التي استقبل فيها القبلة واستدبرها غير الحال التي نهى عنها، فأنزلنا النهي عن ذلك في الصحاري، والرخصة في البيوت؛ لأن حديث ابن عمر في البيوت، ولم يصح لنا أن يجعل أحد الخبرين ناسخًا للآخر؛ لأن الناسخ يحتاج إلى تاريخ، أو دليل لا معارض له، ولا سبيل إلى القول بالنسخ ما وجد إلى استعمال الدليلين، والقول بالنسخ إبطال لأحدهما
(2)
.
(1)
المحلى (1/ 191).
(2)
التمهيد بتصرف (3/ 106).