الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع
النهي عن العظام والروث للكراهة أو للتحريم
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل في النهي التحريم.
• النهي عن الاستنجاء لا يعني النهي عن سائر الانتفاعات بسبب أنه طعام الجن ودوابهم.
• ظاهر النهي عن الاستنجاء يشمل المملوك والمباح.
• الإخبار بالغيبيات الواجب فيه التسليم؛ لأنه خبر من لا ينطق عن الهوى.
النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث من الإخبار بالغيبيات التي يجب فيها التسليم، والسؤال: هل يشمل النهي المملوك أو يختص بالمباح؟
ظاهر النصوص الإطلاق، فقد يقال: إن هذا خاص بالمباح؛ لأن النهي لما كان من أجل طعام الجن ودوابهم فهو معارض بالملكية السابقة، ومن ملك شيئًا اختص به.
وقد يقال: حتى المباح فهو لمن سبق، ووضع اليد عليه تجعل المستجمر أحق به من غيره، ومع ذلك لما نهي عن الاستنجاء بهما مع سبق يده عليهما دل على أنه منهي عن الاستنجاء بهما، ولو كان يملكهما.
وقد يقال: إن هذا التفصيل يصح في حال الاضطرار إلى العظم والروث، فيقدم المالك وواضع اليد على غيره، أما في حال الاختيار ففي الحجارة غنية عنهما، والنهي عن الاستجمار لا يعني النهي عن سائر الانتفاعات الأخرى بحجة أنه طعام الجن
ودوابهم فحاجة الإنسان مقدمة على غيره؛ لأن الأصل أن الله أباح لنا جميع ما على الأرض إلا ما نهي عنه.
وأما كيف يطعمه الجن ودوابهم فهذا أمر غيبي لم يكشف لنا إلا أنه لا يعني الاستهلاك كما يفعل الآدمي بطعامه؛ لأننا نشاهد العظام والروث تبلى وتفسد، ومع ذلك فالمسلم منهي عن الاستنجاء بهما، ولو فسدتا، والله أعلم.
إذا علم ذلك نأتي إلى بحث ما كلفنا به، وما لم نكلف به فالواجب التفويض؛ لأنه خبر من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فأقول:
[م-644] اختلف الفقهاء هل النهي عن الاستجمار بالروث والعظام هل هو للكراهة أم للتحريم؟
فقيل: يكره، اختاره بعض الحنفية
(1)
.
وقيل: يكره في العظم والروث الطاهرين، وهو مذهب المالكية
(2)
.
وقيل: يحرم، اختاره بعض الحنفية
(3)
، وبعض المالكية
(4)
، وهو مذهب الشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
.
(1)
كتب الحنفية نصت على كراهة الاستنجاء بعظم أو روث كما في بدائع الصنائع (1/ 18)، وتبيين الحقائق (1/ 78)، والجوهرة النيرة (1/ 40)، والبحر الرائق (1/ 255) وأكثر كتبهم لم تفسر الكراهة هل هي للتحريم أو للتنزيه، إلا أن ابن عابدين قال في حاشيته (1/ 339):«أما العظم والروث فالنهي ورد فيهما صريحًا في صحيح مسلم لما سأله الجن الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم، وعلل في الهداية للروث بالنجاسة، وإليه يشير قوله في حديث آخر: (إنها ركس) لكن الظاهر أن هذا لا يفيد التحريم» . اهـ
(2)
مواهب الجليل (1/ 288)، الشرح الكبير (1/ 114).
(3)
مراقي الفلاح (ص: 21).
(4)
الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 17).
(5)
المهذب (1/ 28)، حلية العلماء (1/ 65)، الإقناع للشربيني (1/ 54)، إعانة الطالبين (1/ 108)، التنبيه (ص: 18).
(6)
الفروع (1/ 92)، كشاف القناع (1/ 69)، المبدع (1/ 92)، المحرر (1/ 10).