الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني الكلام في غسل فرج من به حدث دائم عند الوضوء
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• الأمر المطلق هل يقتضي التكرار؟
[م-661] لم يذكر ذلك الحنفية، ولعل ذلك لأن الاستنجاء ليس بواجب عندهم
(1)
وغسله إنما هو من قبيل الاستنجاء
(2)
.
وأوجب غسل الفرج الشافعية، والحنابلة
(3)
.
(1)
قال في الاختيار (1/ 36): «والاستنجاء سنة من كل ما يخرج من السبيلين إلا الريح» .اهـ
ولا شك أن دم الاستحاضة خارج من أحد السبيلين، فالاستنجاء منه ليس بواجب عندهم، وانظر بدائع الصنائع (1/ 18). وهو رأي مرجوح، تمت مناقشته في حكم الاستنجاء.
(2)
الحنفية لم يوجبوا غسله حتى ولو أصاب ثوبها.
قال في البحر الرائق (1/ 227): «وينبغي لصاحب الجرح أن يربطه تقليلًا للنجاسة، ولو سال على ثوبه فعليه أن يغسله إذا كان مفيدًا بأن لايصيبه مرة أخرى، وإن كان يصيبه المرة بعد الأخرى أجزأه، ولايجب غسله ما دام العذر باقيًا، وقيل: لا يجب غسله أصلًا، واختار الأول السرخسي، والمختار ما في النوازل: إن كان لو غسله تنجس ثانيًا قبل الفراغ من الصلاة جاز ألا يغسله، وإلا فلا» . اهـ وهذا مقيس عليه. ولم أتعرض لمذهب مالك؛ لأننا عرفنا مذهبه أنه لا يوجب الوضوء من الخارج، فإذا كان لا يوجب الوضوء منه، لم يوجب غسل الفرج أيضًا.
(3)
انظر في مذهب الشافعية: مغني المحتاج (1/ 111)، روضة الطالبين (1/ 137)، حاشية البيجوري (1/ 212).
وانظر في مذهب الحنابلة: الإنصاف (1/ 377)، كشاف القناع (1/ 214)، المحرر (1/ 27)، المغني (1/ 421).
وهل يكفي غسله مرة واحدة، أو تغسله لكل صلاة؟
المشهور من مذهب الشافعية ما قاله النووي: «وأما تجديد غسل الفرج وحشوه، وشده لكل فريضة، فينظر فيه: فإن زالت العصابة عن موضعها زوالًا له تأثير، أو ظهر الدم على جوانب العصابة وجب التجديد، وإن لم تزل العصابة عن موضعها ولا ظهر الدم، ففيه وجهان لأصحابنا، أصحهما: وجوب التجديد كما يجب تجديد الوضوء» .اهـ
(1)
.
وأما المشهور من المذهب الحنبلي، أنه لا يلزمها غسل الفرج لكل صلاة إذا لم تفرط
(2)
. وفي مذهب الحنابلة قولان آخران:
قيل: يلزمها ذلك.
وقيل: يلزمها إن خرج شيء، وإلا فلا
(3)
.
• أدلة الشافعية والحنابلة على وجوب غسل الفرج:
استدلوا بأدلة عامة، وخاصة.
أما الدليل الخاص.
(1521 - 263) فاستدلوا بما رواه البخاري من طريق أبي معاوية، حدثنا هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا؛ إنما ذلك عرق، وليس
(1)
شرح النووي لصحيح مسلم (4/ 25).
(2)
قال في الإنصاف (3/ 377): «وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، وقدمه في الفروع وغيره، وجزم به المصنف والشارح، وصححه المجد في شرحه
…
» إلخ كلامه رحمه الله.
وقال في كشاف القناع (1/ 214): «ولا يلزمها إذن إعادة شده، ولا إعادة غسله لكل صلاة إن لم تفرط في الشد للحرج، فإن فرطت في الشد وخرج الدم بعد الوضوء أعادته؛ لأنه حدث أمكن التحرز منه» . اهـ
(3)
الفروع (1/ 279) الإنصاف (1/ 377، 378).
بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (فاغسلي عنك الدم وصلي).
قال ابن رجب في شرحه للبخاري: واختلفوا هل يجب عليها غسل الدم، والتحفظ والتلجم عند كل صلاة؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد.
وربما يرجع هذا الاختلاف إلى الاختلاف المشهور في أن الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أم لا؟ وفيه خلاف مشهور، لكن الأصح هنا أنه لا يقتضي التكرار لكل صلاة، فإن الأمر بالاغتسال وغسل الدم إنما هو معلق بانقضاء الحيضة وإدبارها فإذا قيل: إنه يقتضي التكرار، فالجواب أنه لم يقتضه إلا عند إدبار كل حيضة فقط». اهـ
(2)
.
وأما الأدلة العامة:
فهي من قبيل القياس، فيقاس غسل الفرج من دم الاستحاضة بأحاديث الاستنجاء والاستجمار، بجامع أن كلًا منها قطع للنجاسة من السبيلين. وأحاديث الاستنجاء كثيرة، ويكفي منها:
(1522 - 264) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان، قال:
قيل له: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم. رواه مسلم
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (228)، ومسلم (333).
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 68).
(3)
صحيح مسلم (262).