الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: لا يجب العدد، بل المعتبر الإنقاء، فكيف حصل أجزأ، وهو مذهب الحنفية، والمالكية
(1)
.
وقيل: لا بد من ثلاثة أحجار، فأكثر، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة
(2)
، واختيار ابن حزم
(3)
.
•
دليل الحنفية والمالكية على الاكتفاء بحجر واحد:
الدليل الأول:
(1453 - 195) ما رواه البخاري من طريق عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه،
أنه سمع عبد الله يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة وقال: هذا ركس
(4)
.
وجه الاستدلال:
قال الطحاوي: ففي هذا الحديث ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد للغائط في مكان
(1)
انظر في مذهب الحنفية: شرح معاني الآثار (1/ 121) وما بعدها، بدائع الصنائع (1/ 19)، تبيين الحقائق (1/ 76، 77)، البحر الرائق (1/ 253).
وانظر في مذهب المالكية: المنتقى (1/ 68)، شرح الزرقاني على موطأ مالك (1/ 72)، التاج والإكليل (1/ 270)، التمهيد (11/ 17)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 17)، مواهب الجليل (1/ 290)، بداية المجتهد (1/ 62).
(2)
انظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 22)، المجموع (2/ 120)، المهذب (1/ 27)، الإقناع للشربيني (1/ 54)، شرح زبد بن رسلان (ص: 52)، مغني المحتاج (1/ 45).
وانظر في مذهب الحنابلة: المغني (1/ 102)، الفتاوى الكبرى (1/ 339، 340)، المبدع (1/ 94)، مختصر الخرقي (ص: 17)، منار السبيل (1/ 23)، الكافي (1/ 52)، كشاف القناع (1/ 69)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 211).
(3)
المحلى (1/ 108).
(4)
صحيح البخاري (156).
ليس فيه أحجار، لقوله لعبد الله: ناولني ثلاثة أحجار، ولو كان بحضرته من ذلك شيء لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان، فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وأخذ الحجرين، دل ذلك على استعماله الحجرين، وعلى أنه قد رأى أن الاستجمار بهما يجزيء، ولو كان لا يجزئ الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين، ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثًا، ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين
(1)
.
وطريق آخر للاستدلال على جواز الأقل من ثلاثة:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ابن مسعود ثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين، فإما أن يكون ابن مسعود لم يأته بالثالث، أو أنه أتاه به، وعلى الحالين ففيه دليل على عدم اشتراط ثلاثة أحجار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في الموضعين على ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة.
• وأجيب عن هذا الدليل:
قالوا: كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب حجرًا ثالثًا لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب ثلاثة أحجار، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاث أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد.
قال ابن حزم رحمه الله: «وليس في الحديث أنه عليه السلام اكتفى بالحجرين، وقد صح أمره صلى الله عليه وسلم له أن يأتيه بثلاثة أحجار، فالأمر باق لازم، لابد من إبقائه»
(2)
.
أما قولكم: إنه استعمل في الموضعين ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة، فيحتمل أنه لم يخرج منه شيء إلا من سبيل واحد، خاصة إذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم من عادته إذا أراد الغائط أبعد، حتى يستتر عن أعين الناس، بحيث لا يراه أحد، ولم
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 122).
(2)
المحلى (1/ 113).
يكن يفعل هذا في البول، فقد بال صلى الله عليه وسلم قائمًا، وحذيفة عند عقبه، فقول ابن مسعود:(أتى الغائط، فأمرني) ظاهره أنه لم يأمره حتى أتى مكان قضاء الحاجة، وهذا يرجح أنه كان للبول فقط.
وقال الحافظ: وعلى تقدير أن يكون خرج منهما، فيحتمل أن يكون اكتفى للقبل بالمسح في الأرض، وللدبر بالثلاثة، أو مسح من كل منهما بطرفين.
وأجاب ابن حزم بجواب آخر، وقصر وجوب ثلاثة أحجار للغائط فقط دون البول.
قال رحمه الله: «فإن قيل: أمره عليه السلام بثلاثة أحجار، هو للغائط والبول معًا، فوقع لكل منهما أقل من ثلاثة أحجار.
قلنا: هذا باطل؛ لأن النص ورد بأن لا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، ومسح البول لا يسمى استنجاء»
(1)
.
وهذا أضعف الأجوبة.
وقال ابن حزم أيضًا: «فإن بدأ بمخرج البول، أجزأت تلك الأحجار بأعيانها لمخرج الغائط، وإن بدأ بمخرج الغائط لم يجزه من تلك الأحجار إلا ما كان لا رجيع عليه فقط، والله أعلم»
(2)
.
(1454 - 196) وقد روى أحمد رحمه الله من طريق معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس،
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته، فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فجاءه بحجرين وبروثه، فألقى الروثة وقال: إنها ركس ائتني بحجر
(3)
.
(1)
المحلى (1/ 110).
(2)
المرجع السابق (1/ 108).
(3)
المسند (1/ 450).