الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: لا تجزئ الحجارة مع القدرة على الماء، اختاره ابن حبيب من المالكية
(1)
.
وقيل: لا يجوز الاستنجاء بالماء، وهو مذهب قديم مهجور لبعض السلف، وسبق ذكر دليله والجواب عنه.
ومنع بعض العلماء المعاصرين الجمع بينهما، واعتبر الجمع بين الحجارة والماء من البدع، حيث لم يثبت في السنة الجمع بينهما
(2)
.
•
دليل من قال باستحباب الجمع بين الحجارة والماء:
ذكروا دليلين، صريح ضعيف، وصحيح غير صريح.
الدليل الأول:
(1533 - 275) ما رواه البزار، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثنا أحمد ابن محمد بن عبد العزيز، وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله،
عن ابن عباس: لما نزلت هذه الآية في أهل قباء (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء.
قال البزار: «لا نعلم أحدًا رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، ولا عنه إلا ابنه» . اهـ
[ضعيف جدًا، والمعروف من حديث أهل قباء ذكر الاستنجاء بالماء دون ذكر الحجارة]
(3)
.
(1)
البيان والتحصيل (17/ 485)، المفهم للقرطبي (1/ 520)، ونقل خلافه عن ابن حبيب، فقد قال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 283):«وعن ابن حبيب من المالكية أنه منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم. ثم قال: والمنقول عن ابن حبيب أنه منع الاستجمار مع وجود الماء» . اهـ وعليه فيكون هناك قولان متقابلان عن ابن حبيب: الأول: المنع من الاستنجاء بالماء، والمنع من الاستنجاء بالحجارة.
(2)
تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص: 65).
(3)
لم يروه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، انفرد به عنه ابنه أحمد بن محمد، وأحمد وأبوه لا يحتج بهما. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في إسناده محمد بن عبد العزيز بن عمر.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبى عنه فقال هم ثلاثة إخوة محمد بن عبد العزيز، وعبد الله بن
عبد العزيز، وعمران عبد العزيز، وهم ضعفاء الحديث ليس لهم حديث مستقيم، وليس لمحمد عن أبى الزناد والزهري وهشام بن عروة حديث صحيح. الجرح والتعديل (8/ 7).
وقال البخاري: منكر الحديث. التاريخ الكبير (1/ 167).
وقال النسائي: متروك الحديث. الضعفاء والمتروكين (528).
وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، وإذا انفرد أتى بالطامات عن أقوام أثبات حتى سقط الاحتجاج به، وهو الذي جلد بمشورته مالك بن أنس. المجروحين (2/ 263).
وقال الدارقطني: ضعيف. لسان الميزان (5/ 259).
وفي إسناده أيضًا: ابنه أحمد بن محمد بن عبد العزيز مجهول الحال، لم يوثقه أحد.
كما أن في إسناده أيضًا: عبد الله بن شبيب، ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل بأنه رفيق أبيه بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سمع منه والده، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا (5/ 83).
وقال ابن حبان: أخبرنا عن شيوخنا يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به لكثرة ما خالف أقرانه في الروايات عن الأثبات. المجروحين (2/ 47).
وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. لسان الميزان (3/ 299).
وقال فضلك الرازي: يحل ضرب عنقه. تاريخ بغداد (9/ 474).
ومع ضعف إسناده فقد انفرد هؤلاء الضعفاء بذكر الجمع بين الحجارة والماء، والمعروف من حديث أهل قباء الاستنجاء بالماء وحده، جاء من عدة أحاديث منها:
الحديث الأول:
ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 67) ح 11065، والحاكم (1/ 187) وعنه البيهقي (1/ 105) من طريق ابن إسحاق، عن الأعمش، عن مجاهد،
عن ابن عباس: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا) قال: لما نزلت هذه الآية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة، فقال: ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ فقالوا: يا نبي الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره. -أو قال مقعدته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ففي هذا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد حدث به سلمة بن الفضل هكذا عن محمد ابن إسحاق. وأقره الذهبي.
قلت: قال أبو حاتم في العلل (2/ 210): «الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس» .
ومع ضعف إسناده إلا أنه أقوى من طريق البزار، وله شواهد كما سيأتي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث الثاني:
ما رواه أحمد (3/ 422) والطبري في التفسير (11/ 690)، والطبراني في الكبير (17/ 140) رقم 348 عن حسين بن محمد، حدثنا أبو أويس، ثنا شرحبيل، عن عويم بن ساعدة الأنصاري، أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء، فقال: إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء والطهور في قصة مسجدكم، فماذا هذا الطهور الذي تطهرون به؟ قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئًا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا.
وأخرجه الطبري في تفسيره (11/ 30) والطبراني في الأوسط (5885) وفي الصغير (828) من طريق إسماعيل بن صبيح اليشكري.
وأخرجه ابن خزيمة (83) والحاكم (1/ 155) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن أبي أويس به.
وفي إسناده أبو أويس عبد الله بن عبد الله المدني، جاء في ترجمته:
قال النسائي: ليس بالقوي. الضعفاء والمتروكين (674).
قال الدارقطني: في حفظه شيء. من تكلم فيه (397).
وفي إسناده أيضًا شرحبيل بن سعد، جاء في ترجمته:
قال ابن أبى ذئب: حدثنا شرحبيل بن سعد، وكان متهمًا. الجرح والتعديل (4/ 338).
وقال الدوري، عن يحيى بن معين، قال: شرحبيل بن سعد ليس بشيء، هو ضعيف. المرجع السابق.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبى عن شرحبيل بن سعد، وقيل له: في حديثه لين؟ قال: نعم ضعيف الحديث.
وقال أبو زرعة: مديني، فيه لين. المرجع السابق.
كما أن فيه علة أخرى، وهو سماع شرحبيل من عويم، قال ابن حجر: وفي سماعه من عويم فيه نظر؛ لأن عويمًا مات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقال: في خلافة عمر رضي الله عنه. تهذيب التهذيب (2/ 158).
وقد صححه الحاكم.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 212): «رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة، ووثقه ابن حبان» . اهـ
وجاءت متابعة لشرحبيل بن سعد، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 141) حدثنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن مجمع بن يعقوب بن مجمع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم ابن ساعدة: ما هذا الطهور الذي أثنى الله به عليكم؟ قالوا: نغسل الأدبار. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومجمع لم يدرك عويمًا؛ لأن عويمًا مات في خلافة عمر رضي الله عنه، ومجمع مات سنة ستين ومائة، وقيل: بعدها.
الحديث الثالث:
ما رواه أبو داود (44) والترمذي (3100)، وابن ماجه (357) قالوا: حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا، معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية.
ومن طريق أبي داود رواه البيهقي (1/ 105).
وإسناده ضعيف، في إسناده يونس بن الحارث:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ذكر أبى يونس بن الحارث، فقال: أحاديثه مضطربة. قال: وسألته مرة أخرى، فضعفه. الجرح والتعديل (9/ 237).
وقال يحيى بن معين: ضعيف لا شيء. المرجع السابق.
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي. المرجع السابق.
وقال النسائي: ضعيف. الضعفاء والمتروكين (620).
وذكره العقيلي في الضعفاء (4/ 461).
وفي إسناده أيضًا إبراهيم بن أبي ميمونة، لم يرو عنه إلا يونس بن الحارث، ولم يوثقه إلا ابن حبان حيث ذكره في الثقات (6/ 19)، وفي التقريب: مجهول الحال.
الحديث الرابع:
ما رواه ابن ماجه (355) قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عتبة بن
أبي حكيم، حدثني طلحة بن نافع أبو سفيان قال:
حدثني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، أن هذه الآية نزلت (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل، من الجنابة ونستنجي بالماء، قال: فهو ذاك فعليكموه.
وأخرجه الحاكم (1/ 155) وعنه البيهقي (1/ 105) من طريق محمد بن شعيب بن شابور، حدثني عتبة بن أبي حكيم به.
وفي إسناده عتبة بن أبي حكيم:
قال الجوزجاني: يروي عن أبي سفيان طلحة بن نافع حديثًا يجمع فيه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم نجد منها ثم الأعمش ولا ثم غيره مجموعة. يعني: حديثنا هذا. أحوال الرجال (309).
وكان أحمد يلينه. بحر الدم (669). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. الكامل (5/ 357).
وقال عباس الدوري والمفضل بن غسان الغلابي، عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو بكر بن
أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ضعيف الحديث. تهذيب الكمال (19/ 302).
وقال الآجري، عن أبي داود: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنه لمنكر الحديث.
وقال أبو حاتم الرازي: كان أحمد بن حنبل يوهنه قليلًا. الجرح والتعديل (6/ 370).
وقال عثمان بن سعيد الدارمي، عن دحيم: روى عنه الشيوخ، لا أعلمه إلا مستقيم الحديث. المرجع السابق.
وقال أبو حاتم الرازي: صالح لا بأس به. الجرح والتعديل (6/ 370).
وقال النسائي: ضعيف، وقال في موضع آخر: ليس بالقوي. المرجع السابق.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
وفي التقريب: صدوق يخطئ كثيرًا.
كما أن في إسناده هشام بن عمار، قال الحافظ في التقريب: صدوق كبر، فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح.
وقال أبو داود كما في التهذيب: قد حدث هشام بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل.
وقال أبو حاتم: هشام صدوق، ولما كبر تغير حفظه، وكل ما دفع إليه قرأه، وكل ما لقن تلقن، وكان قديمًا أصح.
ولم يخرج له البخاري في صحيحه سوى حديثين قد توبع عليهما.
كما أن أبا سفيان طلحة بن نافع مختلف فيه، وقال ابن عيينة: أحاديثه عن جابر صحيفة، وقال شعبة: لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث. اهـ
وليس له في البخاري إلا أربعة أحاديث مقرونًا فيها بغيره، فالحديث إسناده ضعيف.
وقد ضعفه الحافظ في التلخيص (1/ 200)، وابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 105)، وحسن إسناده الزيلعي في نصب الراية (1/ 219).
الحديث الخامس:
ما رواه أحمد (6/ 6) قال: ثنا يحيى بن آدم، ثنا مالك -يعني: ابن مغول- قال: سمعت يسارًا
أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا في قباء، قال: إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا، أفلا تخبروني قال: يعني: قوله: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال: فقالوا يا رسول الله: إنا نجده مكتوبًا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء.
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 141) حدثنا يحيى بن آدم به. =