الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافعية والحنابلة حملوا الأمر بالإيتار إن كان في الثلاث مسحات، فالأصل فيها الوجوب، وما زاد حملوه على الاستحباب، وأخذوا من مفهوم حديث سلمان في مسلم:(ونهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار).
فدل على أن الاكتفاء بأقل من ثلاثة أحجار محرم؛ لأنه الأصل في النهي، فصار الإيتار بثلاثة واجب، وما زاد على الثلاثة فقطعه على وتر مستحب.
•
دليل من قال: يحصل الإيتار ولو بحجر واحد:
(1428 - 170) استدلوا بما رواه أحمد من طريق عيسى بن يونس، حدثنا ثور ابن يزيد، عن حصين الحبراني، عن أبي سعد،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج عليه. ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، ومن أكل بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج
(1)
.
[ضعيف، يرويه مجهول، عن مجهول]
(2)
.
قالوا: فالمعتبر بالاستجمار: هو الإنقاء، دون العدد، فإن حصل بحجر واحد كفاه، وتحقق له سنة الإيتار.
ورد عليهم:
أولًا: أن هذا الحديث ضعيف، لا يرد الأحاديث الصحيحة كحديث سلمان، وحديث أبي هريرة، وحديث عائشة وغيرها.
ثانيًا: لو ثبت أن الحديث صحيح، فلا بد من الجمع بينه وبين الأحاديث التي
(1)
المسند (2/ 371).
(2)
سبق تخريجه في حكم الاستنجاء، انظر ح:(1262).
تنهى عن الاستنجاء دون ثلاثة أحجار، فيحمل الإيتار بما زاد على الثلاثة.
ثالثًا: إذا كان المقصود هو الإنقاء كما تقولون، فإنه معلوم أن الإنقاء لا يحصل بحجر واحد غالبًا، هذا من جهة.
ولو كفى الإنقاء لم يكن لاشتراط العدد معنى في حديث سلمان وحديث أبي هريرة وحديث عائشة وغيرها، فإنا نعلم أن الإنقاء قد يحصل بواحد، وليس هذا كالماء إذا أنقى كفى؛ لأن الماء يزيل العين والأثر، فدلالته قطعية، فلم يحتج إلى الاستظهار بالعدد، وأما الحجر فلا يزيل الأثر، وإنما يفيد الطهارة ظاهرًا لا قطعًا، فاشترط فيه العدد.
(1429 - 171) رابعًا: يرد عليهم بما رواه أحمد، قال: ثنا علي بن بحر، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان،
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا
(1)
.
[إسناده حسن إن كان أبو سفيان سمعه من جابر، وقد رواه أبو الزبير عن جابر في مسلم، ولم يقل: ثلاثًا]
(2)
.
وسوف يأتي مزيد بحث في الكلام على مسألة هل يشترط ثلاثة أحجار، أم يكفي حجر واحد؟
وإنما الكلام في مسألتنا هنا هل قطع الاستنجاء على وتر تتحقق السنة فيه بالحجر الواحد، أم تتحقق فيما زاد على الثلاثة، والله أعلم.
كما أن الكلام في قطعه بالأحجار، أم الماء فالصحيح أنه لا يشرع فيه الإينار لعدم الدليل وقد تقدم الكلام عليه في الفصل الذي قبل هذا، والله الموفق.
* * *
(1)
المسند (3/ 400).
(2)
انظر تخريجه (ص: 302) ح: 1449.