الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
يبدأ الرجل بالقبل قبل الدبر
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• كل مسألة لا نص فيها من أمور العادات فالأمر فيها على التوسعة.
• الاستحباب حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي.
[م-623] اختلف الفقهاء أيهما أفضل يبدأ في الاستنجاء بالقبل أم بالدبر:
فقيل: يبدأ بالدبر قبل القبل، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله
(1)
.
وقيل: يبدأ بالقبل قبل الدبر، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد من الحنفية
(2)
وقيل: يبدأ بالقبل قبل الدبر إلا إن كان القبل يقطر عند ملاقاة الماء لدبره، اختاره بعض المالكية
(3)
.
وقيل: يستحب إن كان يستنجي بالماء تقديم القبل على الدبر، وإن كان بالحجر قدم الدبر على القبل، اختاره بعض الشافعية
(4)
.
(1)
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 31).
(2)
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 31)، ولم يذكر غيره ابن عابدين في حاشيته (1/ 345).
(3)
الشرح الكبير (1/ 106)، حاشية الدسوقي (1/ 106)، الفواكه الدواني (1/ 132)، الخرشي (1/ 142)، حاشية العدوي (1/ 173، 174)، حاشية الصاوي (1/ 97).
(4)
المنهج القويم (ص: 83)، إعانة الطالبين (1/ 108)، حاشية البجيرمي (1/ 63)، حاشيتا قليبوبي وعميرة (1/ 48)، مغني المحتاج (1/ 46)، وأطلق النووي في كتابيه المجموع (1/ 127)، وروضة الطالبين (1/ 71) تقديم القبل على الدبر مطلقًا، ولم يفصل إن كان المستنجى به ماءً أو حجرًا.
وقيل: يبدأ ذكر وبكر بقبل، والثيب تخير بأيهما تبدأ، وهو مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: إن المرأة تتخير مطلقًا بكرًا كانت أو ثيبًا، وهو وجه في مذهب الحنابلة
(2)
.
هذه هي الأقوال في المسألة، ولا أعلم أن هناك نصًا في استحباب تقديم القبل أو العكس، وإنما المسألة مبنية على تعاليل استنبطها بعض القوم، ورأى أنها كافية في الاستحباب، فمن استحب تقديم القبل على الدبر، قال: من أجل أن يأمن التلوث عند الاستنجاء بالدبر؛ لأن يده قد تمس ذكره، فتتنجس يده.
ومن استحب تقديم الدبر على القبل، قال: لأنه إذا قام بدلك دبره وما حوله قطر البول كما هو مشاهد، فلا تكون هناك فائدة في تقديم القبل، وهذا اختيار
أبي حنيفة، وهو الذي جعل المالكية يستحبون تقديم القبل على الدبر إلا في رجل يعرف من نفسه أنه إذا مس الماء الدبر قطر بوله.
وأما من فرق بين البكر والثيب، رأى أن البكر يخرج بولها فوق الفرج، والعذرة تمنع نزول البول فيه، فأشبهت الرجل من هذا الوجه بخلاف الثيب، والصحيح أن المرأة ليست كالرجل، فإن ذكر الرجل يتدلى وقد يلوث اليد إذا لم يبدأ بالقبل قبل الدبر بخلاف المرأة.
وبهذه التعليلات نعرف أنها كلها مبنية على استحسان ليس أكثر، وليس في المسألة نص، والأمر واسع، ولو كان هناك صفة مشروعة لجاء الشرع بها (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) [مريم: 64] والله أعلم.
* * *
(1)
كشاف القناع (1/ 65)، الفروع (1/ 89)، وقال في الإنصاف (1/ 107): يبدأ الرجل والبكر بالقبل على الصحيح من المذهب. اهـ
(2)
شرح العمدة (1/ 156)، الإنصاف (1/ 107).