الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ضعيف جدًا]
(1)
.
الدليل الثاني عشر:
(1388 - 130) حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: اتقوا الملاعن.
[رجح الدارقطني وقفه]
(2)
.
هذه الأدلة من السنة، وإن كان في بعضها ضعف، إلا أن أكثرها من الضعف المنجبر، وقد كان يكفي في الاستدلال حديث أبي هريرة في مسلم، إلا أن الكتاب كان من شرطه أن يأتي على أغلب الأحاديث الواردة في الباب، الصحيح منها والسقيم. والله أعلم.
• تنبيهات على هذه المسألة:
التنبيه الأول:
الطريق إذا لم تكن مطروقة فلا بأس بالتبول فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم:(في طريق الناس) أي الذي يحتاجون إليه بطرقه.
(1)
في إسناده داود بن عبد الجبار المؤذن، وهو متروك، وقد كذبه ابن معين.
وفيه سلمة بن المجنون: أبو شرعة، وهو مجهول.
(2)
ذكره الدارقطني في العلل (4/ 378، 379) رقم 641، وفيه: سئل عن حديث قيس بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الملاعن.
فقال: يرويه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد، فرواه شعبة عن بيان، واختلف عنه، فرفعه ابن حميد الرازي، عن أبي داود، عن شعبة.
ورواه أبو عباد يحيى بن عباد، عن شعبة، عن بيان، فقال: أظنه رفعه.
ورواه غيرهما عن شعبة موقوفًا، وكذلك رواه أبو الأحوص وخالد الواسطي، عن بيان.
وأما إسماعيل بن أبي خالد، فرواه عن قيس موقوفًا على سعد. والموقوف، هو المحفوظ.
حدثنا ابن مخلد، ثنا محمد بن سعيد بن غالب، ثنا أبو عباد يحيى بن عباد، ثنا شعبة، عن بيان، عن قيس، عن سعد، أظنه رفعه: قال إياكم والملاعن: أن يلقي أحدكم أذاه في الطريق فلا يمر به أحد إلا قال: من فعل هذا لعنه الله». اهـ
وفي حديث أبي هريرة: (من سل سخيمته في طريق عامرة من طرق المسلمين) وسبق تخريجه.
وفي حديث حذيفة: (من آذى المسلمين في طرقهم).
والطريق المهجور لا يؤذي المسلمين، فالحكم يدور مع علته.
التنبيه الثاني:
الظل الذي لا ينتفع به فلا بأس بالتبول فيه، فالمراد هنا بالظل: هو الظل الذي اتخذه الناس مقيلًا ومنزلًا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة تحته، ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن جعفر: كان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل.
وقال ابن خزيمة في تفسير قوله: هدف أو حائش نخل، فقال: الهدف: هو الحائط. والحائش من النخل: هو النخلات المجتمعات، وإنما سمي البستان حائشًا لكثرة أشجاره، ولا يكاد الهدف يكون إلا وله ظل إلا وقت استواء الشمس، فأما الحائش من النخل فلا يكون وقت من الأوقات بالنهار إلا ولها ظل، والنبي صلى الله عليه وسلم قد كان يستحب أن يستتر الإنسان في الغائط بالهدف والحائش، وإن كان لهما ظل انتهى
(1)
.
ولقوله في حديث أبي هريرة: (قيل: وما اللعنان يا رسول الله: قال الذي يتبول في طريق الناس أو في ظلهم).
فحين أضاف الظل إليهم علم أنه الظل الذي يستظلون به، أما الظل الذي لا يستظلون به، فليس هو من ظلهم، والله أعلم.
التنبيه الثالث:
ذكر بعض الفقهاء من الحنفية والمالكية بأنه يلحق بالظل في الصيف محل الاجتماع في الشمس في الشتاء.
(1)
صحيح ابن خزيمة (1/ 37).
وهذا قياس جلي؛ لأن العلة ليست من أجل الظل أو من أجل الشمس، إنما العلة أذية المؤمنين في أماكن اجتماعهم، ويدخل فيه محل مدارسهم، وأماكن بيعهم، ونحوها
(1)
.
قال ابن عابدين: ينبغي تقييده بما إذا لم يكن محلًّا للاجتماع على محرم، أو مكروه، وإلا فقد يقال بطلب ذلك لدفعهم عنه.
قلت: قد يقول قائل: إن النهي مطلق، فيدخل حتى هذا في النهي عن البول، وقد يقال: بأن ذلك يغتفر؛ لأنه من باب إزالة المنكر، كما أن هجر المسلم محرم، ويغتفر إذا كان ذلك رادعًا له أو لغيره عن بدعة ونحوها، لكن ينبغي ألا يفعل ذلك حتى يغلب على ظنه أن الفعل يحقق المصلحة منه، ولا يحملهم على منكر أكبر، وأن النصيحة لا تجدي في تغيير المنكر، ولا يفعل ذلك إلا إذا كان ما يفعل في تلك الأماكن محرمًا، وليس مكروهًا، والله أعلم.
التنبيه الرابع:
اشتملت الأحاديث على النهي عن الموارد. والمقصود بالموارد، قال الخطابي: هي طرق الماء، واحده: مورد
(2)
.
وفي فيض القدير: المراد بها: مناهل الماء، أو الأمكنة التي يأتي إليها الناس، ورجح الأول بموافقته لقوله في الحديث:(أو نقع ماء) والحديث يفسر بعضه بعضًا، وإرادة طرق الماء بعيدة هنا. والله أعلم
(3)
.
أو يكون مقصوده النهي عن البول في الماء الراكد، وقد ذكرنا أحاديث النهي عنه في مباحث المياه، وذكرنا حكم البول في الماء الراكد،
(1)
انظر حاشية ابن عابدين (1/ 343) وحاشية العدوي على الخرشي (1/ 145).
(2)
معالم السنن (1/ 19).
(3)
فيض القدير (1/ 136).
فقيل: يحرم البول في الماء القليل مطلقًا؛ لأنه ينجسه ويتلفه على نفسه وعلى غيره. ولأن الأصل في النهي التحريم.
وقد اختار هذا بعض الحنفية وبعض المالكية، والنووي من الشافعية.
وقيل: يكره مطلقًا، كما هو مذهب الشافعية.
وفرق الحنابلة بين البول والتغوط، فحرموا التغوط فيه، وكرهوا البول، والله أعلم
(1)
.
التنبيه الخامس:
قوله: (اتقوا اللاعنين) وقوله: (اتقوا الملاعن) قال النووي في الأذكار: «ظاهر هذه الأحاديث تدل على جواز لعن العاصي مع التعيين، أي أنه لو لم يجز لعنه كانت اللعنة على لاعنه، والمشهور حرمة لعن المعين. وأجاب الزين العراقي: بأنه قد يقال: إن ذلك من خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم لقوله: اللهم إني أتخذ عهدًا عندك أيما مسلم سببته أو لعنته. الحديث، والله أعلم»
(2)
.
التنبيه السادس:
قيد جمهور الفقهاء بأن تكون الشجرة لها ثمرة.
قال النووي: وإنما لم يقولوا بتحريم ذلك؛ لأن تنجس الثمار به غير متيقن
(3)
.
وفي حاشية ابن عابدين: ذكر العلة، فقال: خوفًا من إتلاف الثمر، وتنجسه، والمتبادر أن المراد وقت الثمرة، ويلحق به ما قبله بحيث لا يأمن زوال النجاسة بمطر
(1)
انظر حاشية ابن عابدين (1/ 342)، وحاشية العدوي على الخرشي (1/ 144)، المجموع (2/ 108، 109).
(2)
نقلًا من فيض القدير (1/ 137).
(3)
المجموع (2/ 103).
أو نحوه كجفاف أرض من بول، ويدخل فيه الثمر المأكول وغيره، ولو مشمومًا لاحترام الكل، والانتفاع به
(1)
.
قال النووي: وهذا الذي ذكره -يعني: من كراهية البول في مساقط الثمار- متفق عليه، ولا فرق بين الشجر المباح (غير المملوك) والذي يملكه، ولا بين وقت الثمر، وغير وقته؛ لأن الموضع يصير نجسًا، فمتى وقع الثمر تنجس، وسواء البول والغائط، وإنما ذكروا البول تنبيهًا للأعلى على الأدنى
(2)
. اهـ
قلت: قد يأتي إلى الشجرة صاحبها لسقي أو تقليم أو غيره، ولو لم يكن تحتها ثمرة، فيتأذى من النجاسة، ويدخل في عموم النهي عن أذية المؤمنين.
وقيل: بتحريم ذلك، وهي رواية في مذهب أحمد بشرط أن يكون عليها ثمرة مقصودة، فإن لم يكن عليها ثمرة، ولم يكن لها ظل مقصود لم يحرم، والله أعلم.
* * *
(1)
حاشية ابن عابدين (1/ 343).
(2)
المجموع (2/ 102).