الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس في حكم استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل في العادات الحل.
• النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط، هل هو للخارج النجس، أو لكشف العورة ونحوها؟
• أحكام القبلة توقيفية فيشرع استقبالها في الدعاء، ويشرع استدبارها للإمام حال خطبة الجمعة، وينهى عنهما حال قضاء الحاجة، وما سكت عنه فلا يشرع إلا بتوقيف.
• لا يستدل بالأخص على الأعم، ولا بالأخف على الأغلظ، فالنهي عن استقبال القبلة حال الغائط أخص من النهي عن كشف العورة حال استقبالها.
[م-613] اختلف العلماء في استقبال القبلة واستدبارها عند الاستنجاء:
فقيل: يكره الاستقبال والاستدبار، وهو المشهور من مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: يكره الاستقبال فقط، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: لا يكره الاستقبال والاستدبار حال الاستنجاء، ومثله الجماع، وخروج
(1)
حاشية ابن عابدين (1/ 655)، البحر الرائق (1/ 54)، بدائع الصنائع (5/ 126)، الهداية شرح البداية (1/ 65).
(2)
جاء في الفروع (1/ 112): ويكره استقبالها في فضاء باستنجاء. وانظر الإنصاف (1/ 102).
الريح، وهو المشهور من مذهب الشافعية
(1)
، وقول في مذهب الحنابلة
(2)
.
وقال المراداوي من الحنابلة: ويتوجه التحريم
(3)
.
ولم أقف على نص في مذهب المالكية إلا أن تكون مقيسة على الجماع، وهم قد نصوا على تحريم الوطء في الفضاء مستقبلًا القبلة أو مستدبرها
(4)
.
ويرجع اختلافهم إلى اختلافهم في علة المنع من استقبال القبلة بالبول والغائط، هل هو للخارج النجس، أو لكشف العورة ونحوها؟
فمن علل بالأول أباح الاستنجاء، ومن علل بالثاني منعه، والله أعلم.
والصحيح جواز الاستنجاء مستقبل القبلة، لعدم وجود الدليل المقتضي للتحريم، أو الكراهة، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) [مريم: 64].
ولأن الأصل في الأشياء الحل. فلا نحرم ولا نكره شيئًا إلا بنص.
وتكريم القبلة في مثل هذا الأمر يحتاج إلى توقيف، نعم جاء النص فيه بالبول والغائط، فلا يتعداه إلى غيره، ولو كان الانحراف عن القبلة من شرع الله حال الاستنجاء أو الوطء لجاء النص فيه من الشرع لحاجة الناس إليه، بل قد بالغ الحنفية حتى كرهوا مد الرجل إلى القبلة في النوم وغيره عامدًا، وهذا تكلف لا يعرف عن السلف رحمهم الله
(5)
.
* * *
(1)
المجموع (2/ 94).
(2)
الإنصاف (1/ 102).
(3)
الإنصاف (1/ 102).
(4)
جاء في المدونة (1/ 117): أيجامع الرجل امرأته مستقبل القبلة في قول مالك؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئًا، وأرى أنه لا بأس به؛ لأنه لا يرى بالمراحيض بأسًا في المدائن والقرى، وإن كانت مستقبلة القبلة. إلخ.
ونص المالكية على تحريم الوطء في الفضاء مستقبلًا القبلة أو مستدبرها، انظر حاشية الدسوقي (1/ 108، 109)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 93)، الخرشي (1/ 146)، مواهب الجليل (1/ 280)، المنتقى شرح الموطأ (1/ 336، 337).
(5)
حاشية ابن عابدين (1/ 655).