الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا لا يختص بالصلاة، فكذلك الاستنجاء بالكتب الشرعية، والله أعلم.
•
تعليل من قال: لا يجزئ:
الدليل الأول:
أن الاستجمار بغير الماء رخصة؛ لأن الأصل أن الاستنجاء يكون بالماء وحده، والرخصة لا تستباح بمعصية.
الدليل الثاني:
أن هذا مخالف لأمر الله ورسوله، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فإذا صححنا الفعل المحرم نكون بذلك قد رتبنا على الفعل المحرم أثرًا صحيحًا، وهذا فيه مضادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن تصحيح الفعل المحرم فيه تشجيع على فعله، بخلاف ما إذا جعل لغوًا، فهذا يحمله على تركه.
(1486 - 228) وقد روى مسلم من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، قال
أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد
(1)
.
وقد سبق أن نقلنا كلام ابن القيم في شرحه لقوله: فهو رد. وأن الرد: فَعْل بمعنى المفعول، أي فهو مردود، ومعلوم أن المردود هو الباطل بعينه، بل كونه ردًا أبلغ من كونه باطلًا، إذ الباطل قد يقال لما لا نفع فيه أو منفعته قليلة جدًا، وقد يقال لما ينتفع به ثم يبطل نفعه، وأما المردود فهو الذي لم يجعله شيئًا ولم يترتب عليه مقصوده أصلًا
(2)
.
• الراجح من الخلاف:
أرى أن القول بتحريم الاستجمار بالكتب الشرعية هو القول الراجح، وإذا
(1)
صحيح مسلم (1718).
(2)
تهذيب السنن (3/ 99).
خالف فعليه التوبة وعدم العود إلى هذا الفعل، مع الإجزاء، وقولهم: إن الاستنجاء بغير الماء رخصة، والرخصة لا تستباح بالمعصية غير مسلم لا في مقدمتها ولا في نتيجتها، أما المقدمة: وهو قولهم: إن الاستجمار رخصة، فنقول: الصحيح أن الاستجمار ليس برخصة، وأن النجاسة إذا زالت بأي مزيل زال حكمها، وقد ناقشنا هذا في مسألة مستقلة، وقدمت أدلة كثيرة على إزالة النجاسة بغير الماء، فإذا لم تصح المقدمة لم تسلم النتيجة، وعلى فرض أن تكون المقدمة صحيحة فلا نسلم النتيجة، وأن الرخصة لا تستباح بمعصية، بل الرخصة إذا حصل سببها أبيحت، ففي المسح على الخفين يمسح المسافر مطلقًا سواء كان المسافر في سفر طاعة أم معصية، وكذلك يقصر الصلاة ويفطر في رمضان؛ لأن النصوص مطلقة غير مقيدة، ولا يقيد النص الشرعي إلا نص مثله، وقد ناقشت هذه المسألة بشيء من التفصيل في كتابي المسح على الحائل، فليراجعه من شاء، والله أعلم.
* * *