الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثًا يوجب الوضوء عند تجدد الصلاة أو خروج الوقت، ولذا حملنا الأمر على الاستحباب.
الدليل الثالث:
دم العرق لاينقض الوضوء، فلو خرج دم من عرق اليد، أو الرجل لم ينتقض وضوؤه على الصحيح، فكذلك دم الاستحاضة، فإنه دم عرق كما في أحاديث الصحيحين، ولا يقال: إن خروجه من الفرج جعل حكمه يختلف؛ لأن المني يخرج من الفرج، ومع ذلك هو طاهر.
الدليل الرابع:
من النظر، قال ابن المنذر في الأوسط: «والنظر دال على ما قال ربيعة -يعني: في عدم وجوب الوضوء- إلا أنه قول لا أعلم أحدًا سبقه إليه. وإنما قلت: النظر يدل عليه؛ لأنه لا فرق بين الدم الذي يخرج من المستحاضة قبل الوضوء، والذي يخرج في أضعاف الوضوء، والدم الخارج بعد الوضوء؛ لأن دم الاستحاضة إن كان يوجب الوضوء فقليل ذلك وكثيره في أي وقت كان يوجب الوضوء، فإذا كان هكذا، وابتدأت المستحاضة في الوضوء، فخرج منها دم بعد غسلها بعض أعضاء الوضوء، وجب أن ينتقض ما غسلت من أعضاء الوضوء؛ لأن الدم الذي يوجب الطهارة في قول من أوجب على المستحاضة الطهارة قائم.
وإن كان ما يخرج منها بين أضعاف الوضوء، وما خرج منها قبل أن تدخل الصلاة، وما حدث في الصلاة منه لاينقض طهارة، وجب كذلك أن ما خرج منها بعد فراغها من الصلاة لا تنقض طهارة إلا بحدث غير دم الاستحاضة هذا الذي يدل عليه النظر». اهـ
(1)
.
فالراجح ما ذهب إليه مالك رحمه الله، ولا ينهض عندي تحسين الأحاديث
(1)
الأوسط (1/ 164).
الضعيفة بالشواهد؛ لأن اللفظ في حديث عائشة بالأمر بالوضوء لكل صلاة شاذ، والشاذ لا يصلح للشواهد، وما عداه لا يكفي للتحسين بمثل هذه المسألة التي يحتاج إليها، وقد وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتكرر وقوعه مرات، فلو كان الأمر بها محفوظًا لجاءت الأحاديث الصحيحة التي تبين وجوب الوضوء بصورة تقوم بمثلها الحجة. والله أعلم.
ولو قلنا: بموجب حديث: توضئي لكل صلاة، لكان الوضوء واجبًا لكل صلاة، فرضًا كانت أو نفلًا، خرج الوقت أو لم يخرج، وهذا رأي ابن حزم، للأمر بالوضوء لكل صلاة.
وأما حمل الأمر بالوضوء لكل صلاة: أي لوقت كل صلاة، كما هو مذهب الحنفية فيحتاج الأمر إلى دليل على أن المراد الوقت، وليس خروج الوقت حدثًا، ويكفي أن حملهم خلاف ظاهر اللفظ بلا مسوغ.
والجواب عما قاله الحنفية رحمهم الله: أن إطلاق الصلاة قد يطلق ويراد بذلك الوقت إذا صح إنما يصح لقرينة تمنع من إرادة الصلاة نفسها، وإلا فالأصل في الكلام عدم الحذف وعدم التقدير، ولا قرينة هنا تمنع من إرادة الصلاة، أي فعلها، فوجب حمل اللفظ على ظاهره، لو قلنا بصحة الحديث.
وأما حمل الشافعية الصلاة بأن المراد بها الفريضة دون النافلة، فهذا من أضعف الأقوال.
* * *