الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع متى يتعين الاستنجاء بالماء
المبحث الأول إذا تجاوز الخارج موضع العادة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الاستنجاء عبادة معقولة المعنى، والتعبد فيها بالإزالة لا بالمزيل.
• ما قارب الشيء هل يعطى حكمه؟
• الاستجمار هل هو رخصة، أو عزيمة؟
وعلى التسليم بأنه رخصة:
هل النجاسة القريبة من محل الاستنجاء، يكفي فيها الاستجمار بالحجارة؛ لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه.
أو لا بد من غسلها بالماء؛ لأن الرخصة في الاستجمار بالحجارة قاصرة على محل الاستنجاء، دون ما قرب منه.
[م-668] سبق أن ذكرنا الأدلة الكثيرة على جواز الاستجمار، وهو مذهب السواد الأعظم من الناس، واختلف الفقهاء في بعض الصور، هل يجزئ الاستجمار أو يتعين الماء، فمن هذه الصور التي يتعين فيها الماء عند بعض الفقهاء إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد.
فقيل: لا تجزئ الحجارة، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
،
إلا أن الحنفية قالوا: يكفي أي مائع طاهر مزيل
(2)
.
وقال الباقي: يتعين الماء الطهور.
واختلفوا في مقدار التجاوز:
فقيل: أن يكون انتشار النجاسة أكثر من قدر الدرهم مع سقوط موضع الاستنجاء، وهو مذهب الحنفية
(3)
.
وقيل: إذا انتشر انتشارًا كثيرًا: وهو ما زاد على ما جرت العادة بتلويثه كأن ينتهي إلى الألية. وهو مذهب المالكية، والشافعية
(4)
.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: البحر الرائق (1/ 254)، مراقي الفلاح (ص: 18)، الفتاوى الهندية (1/ 48)، مجمع الأنهر (1/ 66)، حاشية ابن عابدين (1/ 339).
وانظر في مذهب المالكية: مواهب الجليل (1/ 285)، الخرشي (1/ 148، 149)، حاشية الدسوقي (1/ 112)، منح الجليل (1/ 105).
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 22)، المجموع (2/ 142)، روضة الطالبين (1/ 68)، حلية العلماء (1/ 66)، المهذب (1/ 28)، شرح زبد ابن رسلان (ص: 53)، مغني المحتاج (1/ 45).
وانظر في مذهب الحنابلة: المبدع (1/ 89)، شرح العمدة (1/ 157)، الإنصاف (1/ 105)، كشاف القناع (1/ 66)، مطالب أولي النهى (1/ 74)، الفروع (1/ 119، 120).
(2)
انظر البحر الرائق (1/ 254).
(3)
البحر الرائق (1/ 254)، وهذا رأي أبي حنيفة وأبي يوسف، فلو كان المجاوز للمخرج لا يجاوز قدر الدرهم في نفسه، وإنما بضم ما على المخرج إليه، فإنه لا يتعين الماء، ويكفي الحجارة؛ لأن ما على المخرج ساقط شرعًا، ولهذا لا تكره الصلاة معه فبقي المجاوز غير مانع، خلافًا لمحمد بناء على أن ما على المخرج في حكم الباطن عندهما، وفي حكم الظاهر عنده.
وقال البحر الرائق (1/ 255) نقلًا من السراج الوهاج: «هذا حكم الغائط إذا تجاوز، وأما البول إذا تجاوز عن رأس الإحليل أكثر من قدر الدرهم، فالظاهر أنه يجزئ فيه الحجر عند
أبي حنيفة، وعند محمد لا يجزئ فيه الحجر إلا إذا كان أقل من قدر الدرهم». اهـ
(4)
قال النووي في المجموع (2/ 142): قال أصحابنا: إذا خرج الغائط فله أربعة أحوال:
أحدها: أن لا يجاوز نفس المخرج فيجزئه الأحجار بلا خلاف.
الثاني: أن يجاوزه، ولا يجاوز القدر المعتاد من أكثر الناس، فيجزئه الحجر أيضا؛ لأنه يتعذر =
وقيل: إلى نصف الألية اختاره بعض الحنابلة.
وقيل: المخرج فقط، وهو قول في مذهب الحنابلة أيضًا
(1)
.
وقيل: يجزئ الاستجمار مطلقًا، تجاوز الخارج أو لم يتجازو، وهو اختيار ابن تيمية
(2)
.
= الاحتراز من هذا القدر.
الحال الثالث: أن ينتشر ويخرج عن المعتاد، ولا يجاوز باطن الألية، فهل يتعين الماء أم يجزئه الحجر؟ فيه قولان (أصحهما) يجزئه الحجر، وهو نصه في الأم (والثاني) يتعين الماء نص عليه في المختصر والقديم.
الرابع: أن ينتشر إلى ظاهر الأليتين، فيتعين الماء قولًا واحدًا في المذهب. اهـ بتصرف يسير.
وهل يتعين الماء في الجميع، أو يقتصر بالماء على الموضع الذي تعدى به الخارج عن موضعه؟
قال العدوي في حاشيته على الخرشي (1/ 148): يغسل الكل، ولا يقتصر على غسل ما جاوز المعتاد؛ لأنهم قد يغتفرون اليسير منفردًا، دونه مجتمعًا.
وقال النووي في المجموع (2/ 143): «إن كان متصلًا تعين الماء في جميعه كسائر النجاسات لندوره، وتعذر فصل بعضه عن بعض، وإن انفصل بعضه عن بعض تعين الماء في الذي على ظاهر الألية، وأما الذي لم يظهر ولم يتصل فهو على الخلاف والتفصيل السابق إن لم يجاوز العادة أجزأ الحجر، وإن جاوزه فقولان أصحهما: يجزئه أيضا» . اهـ
والمشهور من مذهب الحنابلة: أنه إذا تجاوز الخارج موضع العادة وجب الماء.
وقيل: يستجمر بالصفحتين والحشفة، ولا يجب الماء لغير المتعدي.
قال ابن رجب في قواعده (ص: 39): «لو تعدى الخارج من السبيل موضع العادة فهل يجب غسل الجميع أو القدر المجاوز المطيم العادة ويجزئ الحجر في موضع العادة؟ على وجهين. أشهرهما: أن الواجب غسل المتعدى خاصة، وهو قول القاضي (الكبير) وربما نسبه إلى نص أحمد؛ لأن هذا لا ينسب فيه إلى تفريط وتعد بخلاف الوكيل والمضحي.
والثاني: يلزمه غسل الجميع وبه جزم القاضي أبو يعلى الصغير ولم يحك فيه خلافًا». اهـ وانظر الفروع (1/ 119، 120)، وكشاف القناع (1/ 66)، المحرر (1/ 10)، المبدع (1/ 89)، الإنصاف (1/ 105).
(1)
اختلف الحنابلة، فحده ابن تيمية كما في المستدرك على مجموع الفتاوى (3/ 23): بأن ينتشر الخارج إلى نصف باطن الألية فأكثر، والبول إلى نصف الحشفة فأكثر، وقال ابن عقيل: وحد المخرج نفس الثقب، وقال الخرقي: وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء.
(2)
قال في الاختيارات (ص: 90): «ويجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين والحشفة وغير ذلك لعموم الأدلة بجواز الاستجمار، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك تقدير» . اهـ