الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
كان معروفًا ذكر الله في حال الخلاء عن بعض السلف، وهذا يذكر للاستئناس، وليس ذكره من باب الاحتجاج
(1296 - 37) روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد -يعني: ابن سيرين- سئل عن الرجل يعطس في الخلاء؟ قال: لا أعلم به بأسًا بذكر الله عز وجل
(1)
.
[صحيح].
(1297 - 38) وروى أيضًا من طريق منصور، عن إبراهيم، قال: يحمد الله فإنه يصعد
(2)
.
[وسنده صحيح].
(1298 - 39) وروى ابن أبي شيبة أيضًا، قال: حدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن الشعبي في الرجل يعطس على الخلاء، قال: يحمد الله
(3)
.
[رجاله ثقات]
(4)
.
فهؤلاء ثلاثة من التابعين يرون أنه لا بأس بذكر الله في الخلاء.
فالراجح من الخلاف: جواز ذكر الله تعالى ولو كان على حاجته، فإذا عطس فلا يمنع أن يحمد الله، وإذا سمع المؤذن فلا مانع من إجابته، ولم أقف على دليل صحيح صريح يمنع من ذكر الله حال قضاء الحاجة، والله أعلم.
* * *
(1)
المصنف (1/ 108).
(2)
المرجع السابق (1/ 108).
(3)
المصنف (1/ 108).
(4)
إن سلم من تغير حصين، وقد أخرج مسلم لحصين من رواية ابن إدريس، ولم أقف على من نص على أن رواية ابن إدريس قبل أو بعد تغير حصين، فالظاهر أن الإسناد صحيح إن شاء الله تعالى.
مسألة
بسملة المتوضيء في الخلاء
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• إذا تعارض الأمر والنهي فإن كان الأمر للوجوب والنهي لغير التحريم قدم الأمر، وإلا قدم النهي.
[م-594] إذا توضأ الرجل في الخلاء فهل يبسمل؟
أما من يرى وجوب التسمية في الوضوء، وكذلك من يرى إجابة المؤذن فإنه يفعل ذلك ولو كان في الخلاء؛ لأن المكروه تبيحه الحاجة، فلا يبقى مكروهًا مع الحاجة، فما بالك بالواجب.
وأما من يرى سنية التسمية وإجابة المؤذن، فهنا تعارض الأمر والنهي على القول بكراهة ذلك، فهل يقدم الأمر، أو يقدم النهي؟
(1299 - 40) فالظاهر تقديم النهي؛ لما رواه البخاري من طريق مالك، عن
أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، ورواه مسلم
(1)
.
(1)
صحيح البخاري (7288)، مسلم (1337).
فالأمر يتعلق بالاستطاعة، والنهي حتم تركه.
وسوف نأتي على حكم التسمية في الوضوء في باب سنن الوضوء، والأقوال فيها ثلاثة:
فقيل: تجب التسمية.
وقيل: بل هي من سنن الوضوء.
وقيل: لا تشرع.
ومع ذلك لا ينبغي أن يعطى حكمًا عامًا، بل يرجع إلى طبيعة الخلاف، فليس كل خلاف يكون الراجح قويًا، والمرجوح ضعيفًا، ففي بعض المسائل تتجاذب الأقوال، فيكون أحدها قويًا، والآخر أقوى منه، وليست المقابلة بين ضعيف وقوي، والخلاف في التسمية ليس كالخلاف في إجابة المؤذن، وهكذا، وسوف نأتي في سنن الوضوء على أدلة حكم التسمية في الوضوء، وما فيه من آثار إن شاء الله تعالى.
* * *