الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
دليل من منع المكث فوق الحاجة:
الأول: قالوا: إن فيه كشفًا للعورة بلا حاجة.
الثاني: ما يروى عن لقمان الحكيم.
(1301 - 42) ذكره ابن المنذر بلا إسناد، قال: وروينا عن لقمان أنه قال لمولاه: إن طول القعود على الخلاء يجمع منه الكبد، ويأخذ منه الناسور
(1)
.
الثالث: الإجماع، قال النووي في المجموع: وهذا الأدب -يعني: عدم إطالة القعود- مستحب بالاتفاق
(2)
.
وقال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته: قد حكي الإجماع على تحريمه.
قلت: وفي ذلك نظر، فلعله يعني الإجماع الذي نقله النووي، فإنه ينقل كثيرًا من إجماعات النووي، وهو إجماع على الاستحباب، لا على التحريم، وقد ذكرنا وجهًا في مذهب أحمد أنه يجوز بلا كراهة
(3)
.
هذا غاية ما يمكن أن يستدل به لهذا القول.
ويمكن مناقشة هذا القول بما يلي:
أما الجواب عن قولهم بأنه كشف للعورة بلا حاجة، فسوف يأتي الجواب عنه في مسألة: رفع الثوب قبل الدنو من الأرض.
وأما الجواب عن الاستدلال بما يروى عن لقمان الحكيم، فهذا لا أصل له.
(4)
.
(1)
الأوسط (1/ 340).
(2)
المجموع (2/ 105).
(3)
انظر تصحيح الفروع (1/ 114).
(4)
السيل الجرار (1/ 71).
وأما الجواب عن قولهم: بأنه يدمي الكبد، ويورث الناسور.
فإن ذلك مرجعه إلى الطب، فإذا أخبر طبيب ثقة، ولو كافرًا بأن هذا يحصل منه ذلك، حرمناه.
والعجب من الحنابلة كيف يعتبر رفع الثوب قبل دنوه من الأرض مكروهًا فقط مع أنه كشف للعورة بلا حاجة، ويعتبر إطالة المكث من المحرمات، مع أنه قد يقال: إن إطالة اللبث في الخلاء تبع لأمر مباح، بخلاف من فعل ذلك ابتداء من غير حاجة، وقد يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الاستدامة، وقد يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، فيتسامح في إطالة المكث، ما لا يتسامح في كشفه لعورته قبل دنوه من الأرض، والله أعلم.
(1302 - 43) وأما ما رواه الترمذي في سننه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك البغدادي، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو محياة، عن ليث، عن نافع،
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والتعري؛ فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم.
قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو محياة اسمه يحيى بن يعلى.
[إسناده ضعيف]
(1)
.
فالراجح: أن القول بالتحريم قول ضعيف، وأما الكراهة فيتجه إلا أنه مبني على مسألة حكم كشف العورة والإنسان خالٍ، فإن كان ذلك مباحًا فهو مباح، وإلا كان مكروهًا، ولا يتجاوز به الكراهة.
* * *
(1)
سنن الترمذي (2800)، وفيه الليث بن أبي سليم، متفق على ضعفه.