الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يقال: إن هذه الرواية ليست معارضة لرواية الصحيحين، بل هي مبينة لها؛ فتكون معنى: إذا دخل الخلاء: أي إذا أراد أن يدخل؛ لأن إذا تأتي قبلية، وبعدية، ومصاحبة بحسب القرائن
(1)
.
الدليل الثاني:
(1288 - 29) ما رواه مسلم، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع،
عن ابن عمر، أن رجلا مرَّ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم، فلم يرد عليه
(2)
.
(1)
فقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ): أي إذا أردت أن تقرأ.
ومثله: إذا دخل الخلاء: أي إذا أراد أن يدخل.
وأما البعدية: فقوله في الحديث: إذا كبر الإمام فكبروا.
وأما المصاحبة، فقوله في الحديث: إذا أمن الإمام فأمنوا. أي معه، كما تفيده رواية: وإذا قال الإمام ولا الضالين، فقولوا: آمين.
ومثله قوله تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ)، والله أعلم.
(2)
صحيح مسلم (375).
والحديث مداره على نافع، عن ابن عمر، يرويه عن نافع ثقتان:
الأول: الضحاك بن عثمان، كما في رواية مسلم المذكورة في الباب، أخرجها ابن أبي شيبة (5/ 247) رقم 25736، وأبو داود (16)، والترمذي (90، 2720)، والنسائي (37)،
وابن ماجه (353)، وأبو عوانة (1/ 215)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (815)، والطحاوي (1/ 85)، وابن الجارود في المنتقى (38)، وابن خزيمة (73)، والبيهقي (1/ 138).
الثاني: يزيد بن الهاد، عن نافع به، وزاد ذكر التيمم لرد السلام، فقد أخرجه أبو داود (331)
حدثنا جعفر بن مسافر، حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي، حدثنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، أن نافعًا حدثه عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه، ثم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجل السلام.
وأخرجه البيهقي (1/ 206) من طريق أبي داود. وجعفر بن مسافر في التقريب: صدوق ربما وهم، لكن قد تابعه ثقة، فقد أخرجه الدراقطني (1/ 206) من طريق الحسن بن عبد العزيز الجردي، أخبرنا عبد الله بن يحيى المعافري، نا حيوة بن شريح به. وهذا إسناد حسن.
والتيمم لرد السلام له شاهد من حديث أبي الجهيم الأنصاري في الصحيحين، فقد روى البخاري رحمه الله (337)، قال: حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال: سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم الأنصاري: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. وأخرجه مسلم (369).
كما أن له شاهدًا من حديث المهاجر بن قنفذ وغيره وسنأتي على ذكرها إن شاء الله تعالى.
وأجيب:
بأنه يحتمل أنه لم يرد عليه؛ لأنه على غير طهر، كما جاء في بعض الأحاديث.
(1289 - 30) فقد روى أبو داود من طريق عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان،
عن المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر، أو قال: على طهارة
(1)
.
[صحيح]
(2)
.
(1)
سنن أبي داود (17).
(2)
اختلف في لفظه: هل قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، أو قال: وهو يتوضأ، وعلى اللفظ الثاني ليس فيه موضع شاهد لمسألتنا.
والحديث رواه شعبة، كما عند الحاكم (592).
…
وهشام الدستوائي كما في سنن الدارمي (2641)، والأوسط لابن المنذر (1/ 133)، والطبراني في الكبير (20/ 329) رقم 780.
ومعاذ بن معاذ، كما في سنن النسائي الكبرى (37)، والصغرى (38). ثلاثتهم عن قتادة به، بلفظ: أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، وأنه تيمم لرد السلام.
ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، واختلف على سعيد:
فرواه روح بن عبادة كما في مسند أحمد (5/ 80)، وسنن ابن ماجه (350).
وعبد الوهاب بن عطاء، كما في شرح معاني الآثار (1/ 85).
ويزيد بن زريع، كما في معجم الطبراني في الكبير (20/ 329) رقم 781، ثلاثتهم رووه عن سعيد، بلفظ: أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتوضأ.
وخالفهم عبد الأعلى، كما في سنن أبي داود (17)، وصحيح ابن حبان (806) فرواه عن سعيد ابن أبي عروبة به، بلفظ شعبة وهشام الدستوائي ومعاذ بن معاذ.
وأرى أن لفظ شعبة ومن معه أولى بالحفظ من لفظ سعيد؛ لأن سعيدًا واحد، وقد اختلف عليه، وهؤلاء جماعة، وقد جاء الحديث من غير طريق قتادة، وفيه ذكر البول، فقد رواه ابن أبي شيبة (5/ 247) رقم 25735 حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جرير بن حازم، قال: حدثنا الحسن، عن المهاجر، أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فلم يرد عليه حتى فرغ.
وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات إلا زيد بن الحباب فإنه صدوق، إلا أن الحسن قد دلسه عن المهاجر، ولم يسمعه منه إنما سمعه من حضين كما في طريق قتادة.
ورواه أحمد (5/ 81)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 85) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، عن الحسن، عن المهاجر، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول، أو قد بال، فسلمت عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم رد علي. اهـ
والشك هنا لا يقضي على يقين طريق قتادة، فالذي يظهر لي أن السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، وقد ذكره ثلاثة حفاظ من أصحاب قتادة: هم شعبة وهشام، ومعاذ بن معاذ، والله أعلم.