الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في صفة الاستنجاء والاستجمار
الفصل الأول في التسمية عند الاستنجاء والاستجمار
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل في العبادات الحضر.
[م-621] لم أقف على كلام لأحد من أهل العلم أنه استحب للإنسان أن يسمي إذا أراد الشروع في الاستنجاء أو الاستجمار.
وقد ذكرنا الخلاف في مشروعية التسمية عند إرادة الدخول لمكان الخلاء في فصل مستقل، فلعلهم رأوا أن التسمية السابقة لدخول الخلاء إنما هي للبول والغائط والاستنجاء منهما، خاصة إذا علمنا أن الجمهور يكرهون ذكر الله في الخلاء، كما أني لا أعلم دليلًا من السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمي عند مباشرته للاستنجاء، فنستطيع أن نقول: بأن التسمية عند البدء بالاستنجاء أو الاستجمار غير مشروعة، فلا قائل بها فقهًا، ولم يرد فيها أثر منقول فيما أعلم، والله أعلم.
(1403 - 145) ولا يستدل للتسمية للاستنجاء بما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى ابن آدم، حدثنا ابن مبارك، عن الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن
أبي سلمة،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله، فهو أبتر أو قال: أقطع
(1)
.
[فإن إسناده ضعيف ومتنه مضطرب]
(2)
.
(1)
المسند (2/ 359).
(2)
أما ضعف إسناده ففيه قرة بن عبد الرحمن، وفي التقريب يقال: اسمه يحيى.
قال أحمد: منكر الحديث جدًا. الكامل (6/ 53)، لسان الميزان (7/ 492).
وقال يحيى بن معين: ضعيف الحديث، كما في رواية ابن أبي خيثمة. الجرح والتعديل (7/ 131)، تهذيب التهذيب (8/ 333).
وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير. الجرح والتعديل (7/ 131).
وقال النسائي: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (8/ 333).
وذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار (526).
وذكره في الثقات. ثقات ابن حبان (7/ 382) ورد قول ابن السمط أن قرة بن عبد الرحمن أعلم الناس بالزهري، وقال: كيف يكون أعلم الناس بالزهري، وكل شيء روى عنه لا يكون ستين حديثًا.
قلت ما نسبه ابن حبان من قول ابن السمط إنما هو من قول الأوزاعي. انظر الجرح والتعديل (7/ 131)، وتهذيب التهذيب (8/ 333).
وقال الآجري عن أبي داود: في حديثه نكارة. تهذيب التهذيب (8/ 333).
وذكره العقيلي في الضعفاء. الضعفاء الكبير (3/ 485)
وفي التقريب: صدوق له مناكير.
وقد اضطرب إسناده ومتنه.
أما اضطراب الإسناد فقيل فيه كما في إسناد الباب:
الأوزاعي عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وقيل: الأوزاعي، عن الزهري به، سقط منه قرة.
وقيل: الأوزاعي، عن يحيى (قرة بن عبد الرحمن) عن أبي سلمة به، سقط منه الزهري.
وقيل: عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وأما اضطراب المتن، فقيل: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (كل أمر لا يفتح بذكر الله .. ).
وقيل: (لا يبدأ فيه بحمد الله .... ).
وقيل: (لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم
…
).
وقيل: (لا يبدأ بحمد الله والصلاة عليَّ - أي على النبي صلى الله عليه وسلم فزاد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وإليك تفصيل ما أجمل من الإسناد والمتن:
أما رواية: [لا يبدأ فيه بذكر الله]:
فرواها ابن المبارك كما عند أحمد (2/ 359)، وموسى بن أعين كما في سنن الدارقطني (1/ 129) كلاهما عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأما رواية: [لا يبدأ فيه بحمد الله]:
فرواها جماعة:
الأول: الوليد بن مسلم، كما في سنن أبي داود (4840)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (494)، والدارقطني (1/ 229).
الثاني: عبيد الله بن موسى، كما في سنن ابن ماجه (1849).
الثالث: عبد الحميد بن أبي العشرين، كما في صحيح أبن حبان رقم (1).
الرابع: شعيب بن إسحاق، كما في صحيح ابن حبان رقم (2).
الخامس: أبو المغيرة: عبد القدوس بن الحجاج الخولاني كما في سنن البيهقي (3/ 208، 209) خمستهم رووه عن الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة به، فتبين أن أكثر الرواة يروونه بلفظ (الحمد) وليس فيها شاهد على مسألتنا، ولذا قال الحافظ في الفتح (8/ 220) «في تفسير قوله تعالى:(قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) في الكلام على حديث هرقل، قال: وصححه ابن حبان وفي إسناده مقال، وعلى تقدير صحته، فالمشهور فيه بلفظ: حمد الله». اهـ
وأما الرواية بلفظ: [لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم]:
فقد رواه الخطيب في الجامع (1210) من طريق مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن الزهري به.
وهذا الطريق كما أن فيه مخالفة في المتن، فيه مخالفة في الإسناد، حيث أسقط من سنده قرة بن عبد الرحمن.
وأما رواية: [لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَّ]:
فقد أخرجها الخليلي في الإرشاد (1/ 449) من طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامي، عن يونس ابن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة به. =
ومع ضعف الحديث فإن هناك عبادات لا تشرع فيها التسمية، منها الأذان، والدخول في الصلاة، فلا يقال: إن التسمية مشروعة في كل شيء، والاستنجاء شيء، لأننا نقول: إن الاستنجاء يتكرر من النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا، فهل نقل من فعله أنه كان يسمي، أو نقل من قوله: أن الإنسان يسمي إذا شرع في الاستنجاء؟ وإذ لم يوجد تكون التسمية في الاستنجاء بدعة، والله أعلم.
* * *
= قال المناوي في فيض القدير (5/ 14): «وقال الرهاوي غريب تفرد بذكر الصلاة. فيه إسماعيل ابن أبي زياد، وهو ضعيف جدًا، لا يعتبر بروايته ولا بزيادته» .
قال الدارقطني: يضع الحديث، كذاب متروك. الضعفاء والمتروكين له (85). الكشف الحثيث (142)، اللسان (1/ 1/406).
وقال الخليلي: «ليس بالمشهور، كان يكون في دار المهدي. يقال: إنه كان يعلم ولد المهدي، وهو من جملة الحواشي، ويشحن هذا التفسير بأحاديث مسندة يرويها عن شيوخه عن ثور بن يزيد، وعن يونس الأيلي أحاديث لا يتابع عليها» . الإرشاد (1/ 391).
[وأما رواية الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا].
فأخرجها النسائي (496) في عمل اليوم والليلة عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري مرسلًا، وأخرجه (495) عن محمود بن خالد، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري به.