الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضعفه، فلين القول فيه بأنه يخطئ ويهم؟ .
فإن كان كما قال ابن حبان فقد وجدتُ له متابعًا، وهو ما رواه الحارث في "مسنده" -بغية الباحث (368) - عن هوذة، ثنا داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن ابن لعبد الله بن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (فذكر نحوه).
وهوذة هو ابن خليفة الثقفيّ مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وداود بن عبد الرحمن هو العطار ثقة كما في "التقريب".
إلّا أنه مرسل، فإنّ ابن عبد الله بن عمر هو سالم لم يدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم تنفع هذه المتابعة، وله طرق أخرى أضعف من هذا.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عامر بن ربيعة مرفوعًا: "تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّ متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
رواه الإمام أحمد (15694) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (8796) -، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، فذكره.
وفيه عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدويّ المدني ضعيف باتفاق أهل العلم. قال ابن حبان: "كان سيء الحفظ كثير الوهم".
قلت: وهو كما قال فإنه اضطرب في هذا الحديث اضطرابًا شديدًا، فتارة يروي عن عبد الله بن عامر، عن أبيه كما هنا. وتارة يقول: عبد الله بن عامر، عن أبيه، عن عمر. وأخرى عن عبد الله ابن عامر، عن عمر، ذكر ذلك الدارقطني في "العلل" (2/ 127 - 128) وأطال في بيان اضطرابه وقال:"لم يكن بالحافظ".
قلت: أما روايته عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عمر، فرواه أحمد (167)، وابن ماجه (2887) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن عامر بن عبيد الله، بإسناده، مثله.
وكذلك روايته عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب. فرواه أيضًا ابن ماجه (2887) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عاصم بن عبيد الله، فذكره.
قال الدارقطني: "الاضطراب من قبل عاصم بن عبيد الله، لا مِنْ قِبلِ مَنْ رواه عنه".
9 - باب تعجيل الحجّ لمن قدر عليه
• عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد الحجّ فلْيتعجَّل".
وزاد في رواية: "فإنّه قد يمرض المريض، وتضلّ الضّالة، وتعرض الحاجة".
حسن: رواه أبو داود (1732) عن مسدّد، حدّثنا أبو معاوية محمد بن خازم، عن الأعمش،
عن الحسن بن عمرو، عن مهران أبي صفوان، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه أحمد (1973)، وصحّحه الحاكم (1/ 448) كلاهما من حديث الحسن بن عمرو الفقيميّ، بإسناده، مثله.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأبو صفوان هذا سماه غيره مهران مولي لقريش، ولا يعرف بالجرح".
وهذا وهم منه رحمه الله؛ فإن مهران أبا صفوان هذا "مجهول"، قال الذهبي في "الميزان":"لا يدري من هو؟ ". وقال أبو زرعة: "لا أعرفه إلا في هذا الحديث".
وأمّا ابن حبان فذكره في "ثقاته"(5/ 442) على قاعدته في توثيق من لم يعرف فيه الجرح؛ إلّا أنه لم ينفرد به، بل رُوي الحديث من وجه آخر.
رواه ابن ماجه (2883)، والإمام أحمد (1833، 1834)، والبيهقي (4/ 340) كلّهم من حديث إسماعيل أبي إسرائيل، عن فضيل بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد الحجّ فليتعجّل، فإنه قد يمرض المريض، وتضلّ الضّالة، وتعرض الحاجة".
هكذا رواه أبو الوليد الطيالسيّ عن أبي إسرائيل الملائي من طريقه رواه البيهقيّ.
ورواه غيره عن أبي إسرائيل فقال: عن ابن عباس أو عن الفضل، أو عن أحدهما عن الآخر.
فإن كان من حديث الفضل فإنّ فيه انقطاعًا؛ فإن سعيد بن جبير لم يدركه، واليقين مقدم على الشّك بأنه من رواية ابن عباس، عن الفضل، أو عن ابن عباس نفسه.
ولكنه فيه إسماعيل وهو ابن خليفة العبسيّ أبو إسرائيل الملائيّ الكوفيّ، مختلف فيه فقال الإمام أحمد:"خالف الناس في أحاديث"، وقال الترمذي:"ليس بالقوي عند أصحاب الحديث"، وقال النسائيّ:"ليس بثقة". وتكلّم فيه الجوزجاني بكلام شديد لغلوه في تشيعه فقال: "مفتر زائغ".
ولكن قال أبو زرعة: "صدوق"، وقال أبو حاتم:"حسن الحديث"، وقال ابن سعد:"يقولون إنه صدوق"، وقال أبو داود:"لم يكن يكذب، ليس حديثه من حديث الشّيعة، وليس فيه نكارة".
فمثله إذا تُوبع يحسّن حديثه؛ ولذا اكتفى الحافظ بقوله: "صدوق سيئ الحفظ، نسب إلى الغلو في التشيع". فإنه إذا توبع ولم يكن ما يرويه يؤيد غلوه في التشيع، فالظاهر أنه لم يخطئ فيه، وله طرق أخرى تقويه. والخلاصة أن الحديث حسن.
ووجوب الحجّ على الفور قال به جمهور الفقهاء مالك وأحمد، وأبو حنيفة رحمهم الله جميعًا. وهو قول للشافعي، والأصح في المذهب التراخي.
انظر للمزيد: "المنة الكبرى"(3/ 502 - 503).
وفي الباب ما رُوي عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ملك زادًا وراحلة تبلّغه إلى بيت