الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخالفه الحسن بن ذكوان، فرواه عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس. قال الدّارقطني: إنه أصح.
قال الحافظ: وهو كما قال؛ لكنه يقوي المرفوع لأنه من غير رجاله، وقد رواه الإسماعيلي في "معجمه" من طريق أخرى عن أبي الزبير، عن جابر. وفي إسنادها من يحتاج إلى النظر في حاله. فيجتمع من هذا صحة الحديث"، انتهى. انظر: "التلخيص الحبير" (958).
قلت: رواه الدارقطني من عدة طرق علّل بعضها، وصحّح بعضها.
وقد كثر الكلام حول هذا الحديث، وخلاصته كما قال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (1/ 345):"أعلّه الطّحاويّ بالوقف، والدّارقطني بالإرسال، وابن المغلس الظاهريّ بالتدليس، وابن الجوزي بالضّعف، وغيرهم بالاضطراب والانقطاع، وقد زال ذلك كله بما أوضحناه في الأصل". يعني "البدر المنير"(6/ 45 - 51).
قلت: لقد أجبت عن كلّ هذه العلل في "المنة الكبرى"(3/ 480) ولا حاجة إلى إعادته، فراجعه.
وعزرة هو ابن عبد الرحمن الخزاعيّ الكوفي، ثقة من رجال مسلم، ومن قال غيره فقد وهم.
وهذا الخبر المفسّر لا يعارضه حديث المرأة الخثعمية وحديث أبي رزين لأسباب لا يحتاج إلى بيانها، وهو أمر معلوم لدى طلبة هذا العلم.
22 - باب حجّ الصّبي وأجرُه لمن حجّ به
• عن ابن عباس، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا: هَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ".
صحيح: رواه مالك في الحج (244) عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه مسلم في الحج (1336) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن عقبة، به، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا بالرّوحاء، فقال:"من القوم؟ ". قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: "رسول الله" فرفعتْ إليه امرأة صبيًّا، فقالت: ألهذا حجّ؟ قال (فذكره).
ورواه مختصرًا من طريق سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، به.
• عن الجعيد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول للسائب ابن يزيد وكان قد حُجَّ به في ثقل النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه البخاريّ في جزاء الصيد (1859) عن عمرو بن زُرارة، أخبرنا القاسم بن مالك، عن الجعيد بن عبد الرحمن، به، فذكره.
ورواه أيضًا (1858) من طريق محمد بن يوسف (هو الكنديّ)، عن السائب بن يزيد، قال:"حُجّ بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين".
• عن جابر بن عبد الله قال: رفعتْ امرأةٌ صبيًّا لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ، لهذا حجّ؟ قال:"نعم، ولك أجر".
صحيح: رواه الترمذي (924)، وابن ماجه (2910)، والبيهقي (5/ 156) كلّهم من حديث محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
وإسناده صحيح، وقول الترمذي:"هذا حديث غريب" لم أعرف وجه الغرابة.
وفي الباب ما رُوي عن جابر، قال: كنا إذا حججنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فكنا نلبّي عن النساء، ونرمي عن الصبيان.
رواه الترمذي (927)، وابن ماجه (3038)، والبيهقي (5/ 156) كلهم من طريق أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وقد أجمع أهل العلم على أن المرأة لا يلبي عنها غيرُها، بل هي تلبي عن نفسها، ويكره لها رفع الصوت بالتلبية".
قلت: أشعث هو ابن سوَّار الكنديّ قاضي الأهواز، ضعَّفه جمهور أهل العلم.
ولا تفيد ما رواه البيهقي (5/ 156) من وجه آخر عن أيمن بن نابل، عن أبي الزبير لأنه لم يذكر فيه:"كنا نلبي عن النساء".
وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: "أيها الناس! أسمعوني ما تقولون، وافهموا ما أقول لكم، أيما مملوك حجّ به أهله فمات قبل أن يُعتق فقد قضى حجّه، وإن عتق قبل أن يموت فليحجج، وأيّما غلام حجّ به أهله فمات قبل أن يدرك، فقد قضى عنه حجّه وإن بلغ فليحجج" فهو موقوف.
رواه الشافعي في الأمّ (2/ 177) عن سعيد، عن مالك بن مغول، عن أبي السفر، قال: قال ابن عباس (فذكره).
وقد رُوي مرفوعًا: رواه الحاكم (1/ 481)، والبيهقيّ (4/ 325) كلاهما من حديث محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، ثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيّما صبي حجّ، ثم بلغ الحدث فعليه أن يحجّ حجّة أخرى، وأيّما أعرابي حجّ ثم هاجر فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حجّ ثم أعتق فعليه حجة أخرى".
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
ولكن قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 220): "رواه ابن خزيمة (3050)، والإسماعيلي في "مسند الأعمش"، والحاكم، والبيهقي، وابن حزم -وصحّحه-، والخطيب في "التاريخ" من حديث محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عنه. قال
ابن خزيمة: الصحيح موقوف. وأخرجه كذلك من رواية ابن أبي عدي عن شعبة. وقال البيهقي: تفرّد برفعه محمد بن منهال. ورواه الثوري عن شعبة موقوفًا".
قلت: وقد رفعه أيضًا الحارث بن سريج الخوارقيّ، عن يزيد بن زريع، عن شعبة.
ومن طريقه رواه ابن عدي في "الكامل"(2/ 615) في ترجمة الحارث بن سريج النقال، وقال:"وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع. وأظن الحارث بن سريج هذا سرقه منه. وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما. ورواه ابن أبي عدي وجماعة معه عن شعبة موقوف" انتهى.
قلت: الحارث بن سريج هذا مختلف فيه فوثقه ابن معين وابن حبان وغيرهما، وضعّفه ابن معين في رواية، بل كذّبه واتهمه موسي بن هارون الحمال كما ذكره ابن عدي في "الكامل"، فمثله لا تنفع متابعته.
وقال الترمذيّ: "وقد أجمع أهل العلم أنّ الصبيّ إذا حجّ قبل أن يدرك، فعليه الحجّ إذا أدرك لا تجزئ عنه تلك الحجة عن حجة الإسلام. وكذلك المملوك إذا حجّ في رقِّه ثم أُعتق، فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا. لا يجزئ عنه ما حجّ في حال رقّه، وهو قول سفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق". انتهى.
• * *