الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمرهم أن ينحروا البقر.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 52): "إسناده صحيح رجاله ثقات".
رُوي أن عمر بن الخطاب أهدي نجيبًا، فأعطى بها ثلاثمائة دينار، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أهديت نجيبًا، فأُعطيت بها ثلاثمائة دينار، أفأبيعها وأشتري بثمنها بُدنا؟ قال:"لا، انحرها إياها".
رواه أبو داود (1756) وعنه البيهقي (5/ 241 - 242) عن النفيلي، حدّثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن جهم بن الجارود، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: أهدى عمر بن الخطاب، فذكره.
قال أبو داود: "أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد خال محمد بن سلمة روى عنه حجاج بن محمد".
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (2911) من طريق محمد بن سلمة، بإسناده مثله.
وإسناده ضعيف فإن جهم بن الجارود مجهول كما قال الذهبي في "الميزان"، وقال ابن القطان:"لا يعرف" ولم يرو عنه غير أبي عبد الرحيم.
وفيه علة أخرى وهي أن جهم بن الجارود لا يعرف له سماع من سالم، كما ذكره البخاريّ في "التاريخ الكبير".
قال أبو داود معلقًا على الحديث: "هذا لأنه كان أشعرها".
وأخذ الشافعيّ وبعض الحنفية بظاهر هذا الحديث بأنه لا يجوز إبدال الهدي مطلقًا. وقال غيرهم بجواز الإبدال بما هو أفضل؛ وأمّا منع النبي صلى الله عليه وسلم عمر من إبدال هديه لأنه كان أفضل لأنّ هذه النَّجيبة كانت نفيسة ولهذا بذل فيها ثمنٌ كثيرٌ فكان إهداؤُها إلى الله أفضَل من أن يهدي بثمنها عدد دونها، وهذا الذي رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي.
18 - باب هل على المحصر قضاء
؟
• عن عبد الله بن عباس، قال: قَدْ أُحُصِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَامَعَ نِسَاءَهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا.
صحيح: رواه البخاريّ في المحصر (1809) عن محمد، حدّثنا يحيى بن صالح، حدّثنا معاوية ابن سلّام، حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس، فذكره.
واختلف في شيخ البخاريّ، فقيل: هو محمد بن يحيى الذهلي، وقيل: هو محمد بن مسلم بن وارة، وقيل: محمد بن إدريس الرازيّ، ومال إليه الحافظ وقال:"ويحتمل أن يكون هو محمد بن إسحاق الصغانيّ، فقد وجدت الحديث من روايته عن يحيى بن صالح". فتح الباري (4/ 7).
• عن الحجاج بن عمرو الأنصاريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كُسِرَ أَوْ
عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ".
صحيح: رواه أبو داود (1863)، والترمذيّ (940)، والنسائي (2861)، وابن ماجه (3077) كلّهم من طريق يحيى بن سعيد، عن الحجاج الصواف، قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو، فذكره.
قال: فحدثتُ به ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق.
وفي رواية قال عكرمة: سألت ابن عباس، وأبا هريرة؟ قالا: صدق.
وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا أحمد (15731) وصحّحه الحاكم (1/ 470، 482 - 483) إلّا أنه رواه من وجه آخر عن الحجاج الصواف وقال: "صحيح على شرط البخاريّ".
وزاد في الموضع الثاني: وقيل: عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو.
قلت: وإليه أشار الترمذيّ أيضًا بعد أن قال: "هذا حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن الحجاج الصواف نحو هذا الحديث. وروي معمر ومعاوية بن سلام هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحجاج الصواف لم يذكر في حديثه عبد الله بن رافع. وحجاج ثقة حافظ عند أهل الحديث.
وسمعت محمدًا يقول: رواية معمر ومعاوية بن سلام أصح".
ثم أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه كلهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر بإسناده كما قال البخاري وغيره.
إلّا أنّ هذا لا يعل الحديث بالإسناد الأول فإنه متصل أيضًا، لا سيما وقد صرّح بالسماع من الحجاج بن عمرو، وقد نصّ الترمذيّ نفسه على تصحيحه، وصحّحه الحاكم على شرط البخاريّ.
فلعلّ عكرمة سمع هذا الحديث من وجهين، وقد صرّح عند الترمذيّ سماعه من الحجاج بن عمرو الأنصاريّ، وكذلك قال أيضًا البيهقيّ في السنن الكبري (5/ 220) ونقل عن علي بن المديني أنه قال:"الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير أثبت".
وفي الحديث دليل على أن المحصر لا يكون من العدو فقط كما قال الشافعي وأهل المدينة، بل يكون أيضًا من المرض وغيره كما قال أبو حنيفة وأهل الكوفة، وهو مذهب ابن مسعود. راجع "المنة الكبرى"(4/ 375 - 376).
وأمّا القضاء فهو تابع للفرض والنفل، فإن كان الحج أو العمرة فرضًا فعليه القضاء، وإن كان نفلًا فلا قضاء عليه. وعليه الجمهور.
وقال أبو حنيفة: عليه القضاء سواء كان فرضًا أو تطوّعًا.
وقد فصلتُ القول في الإحصار وأسبابه وأحكامه وأدلة كل واحد من أهل العلم والراجح في