الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا وجود الزاد والراحلة وضروريات السّفر فهذا لا خلاف بين أهل العلم في إيجاب الحج، فمن لم يجد الزاد والراحلة وضروريات السفر فلا يجب عليه الحج باتفاق.
12 - باب جواز الحجّ على إبل الصدقة إذا أجازه الإمام
• عن أبي لاس الخزاعيّ، قال: حَمَلَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ؟ قَالَ: "مَا مِنْ بَعِيرٍ لَنَا إِلا فِي ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبْتُمُوهَا كَمَا أمَرَكُمْ ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللهُ عز وجل".
حسن: رواه الإمام أحمد (17938)، والطّبرانيّ في "الكبير"(23/ (837) كلاهما من حديث محمد بن عبيد، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عمر بن الحكم ابن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعيّ، فذكره.
وإسناده حسن؛ لأنّ محمد بن إسحاق قد صرّح بالتحديث في الرواية الثانية عند الإمام أحمد (17939).
وصحّحه ابن خزيمة (2377)، والحاكم (1/ 444) وقال:"على شرط مسلم". ووافقه الذّهبي، وزادوا بعد قوله "إبل الصدقة":"ضعاف" للحجّ.
13 - باب أداء الحج والعمرة راكبًا وماشيًا
قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [سورة الحج: 27].
• عن ثُمامة بن عبد الله بن أنس، قال: حجّ أنس على رَحْلٍ ولم يكن شحيحًا، وحدَّث أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حَجَّ على رَحْلٍ وكانت زاملَتَه.
صحيح: رواه البخاريّ في كتاب الحج (1517) تعليقًا، فقال: قال محمد بن أبي بكر (هو المقدمي)، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا عزْرة بن ثابت، عن ثمامة، به، فذكره.
وهذا معلق كما قال المزي في "الأطراف"(1/ 160) ووصله البيهقيّ (4/ 334) من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر بإسناده، مثله. وأشار إلى تعليق البخاريّ.
وكذلك وصله ابن حبان (3754) عن الحسن بن سفيان، وأبو يعلى من كتابه، قالا: حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، بإسناده، ولكن وقع في رواية أبي ذر موصولًا. وهو الذي اعتمده الحافظ في شرحه، وأشار إلى غيره "وقال محمد بن أبي بكر".
قوله: "وكانت زاملته" أي الراحلة التي ركبها، والزّاملة البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع
من الزمل وهو الحمل.
والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه ومتاعه، بل كان ذلك محمولًا معه على راحلته، وكانت هي الراحلة والزاملة. انظر:"فتح الباري"(3/ 381).
• عن أنس بن مالك، قال: حجّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رَحْل رثٍّ، وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي. ثم قال:"اللَّهُمَّ! حجّة لا رياء فيها ولا سُمعة".
حسن: رواه ابن ماجه (2890)، والترمذي في "الشمائل"(334)، وابن أبي شيبة (4/ 106) كلّهم من حديث وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك، فذكره.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الربيع بن صبيح، قال فيه الحافظ في "التقريب":"صدوق سيء الحفظ، وكان عابدًا مجاهدًا".
وشيخه يزيد بن أبان الرّقاشيّ مختلف فيه، فضعّفه أكثر أهل العلم، وقال أبو داود:"رجل صالح"، وقال أبو حاتم:"كان واعظًا بكَاءً كثير الرواية". وقال ابن عدي: "له أحاديث صالحة". ولكن رُوي الحديث من وجه آخر.
رواه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1056) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك، فذكر مثله.
وهذا إسناد قوي، ويقوي الإسناد الأوّل، وبهذين الإسنادين يرتقي الحديث إلى درجة الحسن.
وله شاهد، وهو ما رواه البيهقيّ (4/ 332 - 333) من حديث بشر بن قدامة الضّبابيّ، قال: أبصرتُ عيناي حِبِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا بعرفات مع الناس على ناقة له حمراء قصواء، تحته قطيفة بولانية وهو يقول:"اللَّهم اجعله حجّة غير رياء ولا هباء ولا سمعة" والناس يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سعيد بن بشير: "فسألت عبد الله بن حكيم، فقلت: يا أبا حكيم! وما القصوى؟ قال: أحسبها المبتترة الأذنين؛ فإنّ النوق تبتر آذانها لتسمع". وفيه رجال مجهولون.
• عن عائشة، أنها قالت: يا رسول الله! اعتمرتُم ولم أعتمر؟ فقال: "يا عبد الرحمن، اذهبْ بأختك فأعمِرْها من التنعيم" فأحقبها على ناقة، فاعتمرتْ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1518)، ومسلم في الحج (1211: 120) كلاهما من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، فذكرته، واللفظ للبخاري.
وحديث مسلم بسياق أطول، وفيه:"فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله".
• عن ابن عباس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِوَادِي الأَزْرَقِ، فَقَالَ:"أَيُّ وَادٍ هَذَا؟ "، فَقَالُوا: هَذَا وَادِي الأَزْرَقِ، قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عليه السلام هَابِطًا مِن
الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ"، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى، فَقَالَ: "أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟ ". قَالُوا: ثَنِيَّةُ هَرْشَى قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عليه السلام عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (166) عن الإمام أحمد بن حنبل (وهو في المسند 1854) عن هُشيم، أخبرنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه مسلم أيضًا من وجه آخر عن ابن عدي، عن داود وفيه:"كأني أنظر إلى موسى"(فذكر من لونه وشعره شيئًا لم يحفظه داود) وفيه: "واضعًا إصبعه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية مارًا بهذا الوادي".
وقوله: "جؤار" من جأر يجْأر جأرًا وجؤارًا: رفع صوته، يقال: جأر إلى الله: تضرَّع واستغاث، وفي كتاب الله:{إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ} .
وقوله: "خُلْبة" الليف كما جاء في "حلية الأولياء"(3/ 96): خطامها من ليف.
وأما ما رُوي عن جماعة من الصحابة، منهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وغيرهم من فضيلة الحج ماشيًا فكلَّها ضعيفة.
أما حديث ابن عباس، فرواه الطبراني في "الكبير"(12/ 105)، وفي "الأوسط" -"مجمع البحرين"(1655) -، والحاكم (1/ 460 - 461)، والبزار -"كشف الأستار"(1120) - كلهم من طريق عيسي بن سوادة، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان، قال: مرض ابن عباس مرضة ثقل منها، فجمع إليه بنيه وأهله فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حجّ من مكة ماشيًا حتى يرجع إليها، فله بكلّ خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم"، فقال رجل: وما حسنات الحرم يا رسول الله؟ قال: "فإن كلّ حسنة منها مائة ألف حسنة". ولم يذكر البزار القصة.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد" ورده الذهبي فقال: "ليس بصحيح أخشى أن يكون كذبًا، وعيسى قال أبو حاتم: "منكر الحديث".
قلت: وعيسى بن سوادة هذا النخعيّ، كذّبه ابن معين.
وأما كلام أبي حاتم، فكما في "الجرح والتعديل" (6/ 277):"ضعيف، رُوي عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان، عن ابن عباس، حديثًا منكرًا" كأنه يعني هذا.
ورواه ابن خزيمة (2791) من هذا الوجه وقال: "إن صح الخبر، فإن في القلب من عيسي بن سوادة هذا".
قلت: لم يصح هذا الخبر، لقد سبقه كلام أهل العلم في عيسى بن سوادة هذا أورده المنذري في "الترغيب والترهيب" (1719) ونقل عن البخاري قوله:"هو منكر الحديث"، ومعنى قول البخاري: لا تحل الرواية عنه.
ورواه البزار (1121) من وجه آخر عن يحيى بن سليم، ثنا محمد بن مسلم، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكر نحوه.
قال الهيثميّ في "المجمع"(3/ 309): "رواه البزار، والطّبراني في "الأوسط"، و"الكبير"، وله عند البزار إسنادان أحدهما: هذا فيه كذاب (يقصد به الإسناد السابق الذي فيه عيسى بن سوادة)، والآخر فيه إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيد بن جبير، ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات".
قلت: وفيه علل أخرى منها: يحيى بن سليم وشيخه محمد بن مسلم ضعّفهما الإمام أحمد وغيره.
ومنها ما قاله ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن سليم الطائفي، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكر الحديث.
قال أبي: محمد بن مسلم، عن سعيد بن جبير، مرسل. وهذا حديث يروي عن ابن سيسن رجل مجهول، وليس هذا حديث صحيح". "العلل" (826).
ومنها ما روي عن ابن عباس أيضًا مرفوعًا: "إنّ آدم عليه السلام أتي البيت ألف آتية لم يركب قطّ فيهن من الهند على رجليه".
ذكره المنذريّ في "الترغيب والترهيب"(1720) وعزاه لابن خزيمة (2792) ونقل عنه أنه قال: "في القلب من القاسم بن عبد الرحمن". قال الحافظ المنذري: "القاسم هذا واهٍ".
ومنها ما رُوي عن أبي هريرة يقول: قدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم جماعة من مزينة، وجماعة من هذيل، وجماعة من جهينة فقالوا: يا رسول الله! إنا خرجنا إلى مكة مشاة، وقوم يخرجون ركبانًا. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"للماشي أجر سبعين حجة، وللراكب أجر ثلاثين حجة".
رواه الطبرانيّ في "الأوسط"(7083 - ط. دار الحرمين) عن محمد بن عبد الله بن بكر، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا محمد بن محصن العكاش، ثنا إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الواحد بن قيس، قال: سمعت أبا هريرة، فذكره. "المجمع البحرين"(1656).
قال الحافظ الهيثميّ في "مجمع الزوائد"(3/ 209): "فيه محمد بن محصن العكاش وهو متروك".
ومحمد بن محصن هذا هو محمد بن إسحاق بن إبراهيم نسب إلى جده الأعلى العكاش الغنوي ترجمه ابن حبان في "المجروحين"(966) في ترجمة محمد بن محصن الأسديّ وقال: "شيخ يضع الحديث على الثقات لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه".
ثم ترجم لمحمد بن إسحاق العكاش الغنويّ (977) وقال فيه: "كان ممن يضع الحديث على الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب عند أهل الصناعة". فكأنه ظن أنهما اثنان.
وروي عن أبي هريرة أيضًا مرفوعًا: "كأني أنظر إلى موسي بن عمران مُنهبطًا من ثنية هرشي ماشيًا".
رواه ابن حبان في "صحيحه"(3755)، وفيه علي بن زياد اللحجيّ، ذكره في "ثقاته" (8 /