الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في العمرة (1791) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن إسماعيل، عن عبد الله بن أبي أوفى، فذكره. ورواه مسلم في الحج (1332) من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد عنه مختصرا.
• عن وَبَرَة، قال: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَر، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الْمَوْقِفَ؟ فَقَال: نَعَمْ. فَقَال: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لا تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَوْقِفَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقَدْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمَوْقِفَ، فَبِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تَأْخُذَ أَوْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؟ ! .
صحيح: رواه مسلمٌ في الحجّ (1233) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن وَبَرة (وهو ابن عبد الرحمن المسْليّ)، به، فذكره.
ورواه من طريق بيان (هو ابن بشر الأحمسي) عن وبرة قال: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ؟ فَقَال: وَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَال: إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ فُلانٍ يَكْرَهُهُ، وَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ رَأَيْنَاهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا! ، فَقَال: وَأَيُّنَا أَوْ أَيُّكُمْ لَمْ تَفْتِنْهُ الدُّنْيَا؟ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ فَسُنَّةُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعَ مِنْ سُنَّةِ فُلانٍ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا.
قلت: وما نسبه السائل لابن عباس، فالظّاهر منه أنه يريد بالطّواف طواف الإفاضة؛ لأنه لا يخفى على مثله طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت أوّل قدومه إلى مكة في حجّة الوداع، وقد كان طاف معه كما في الصّحيحين.
37 - باب ما جاء في الوقوف عند الملتزم
• عن عمرو بن شعيب، عن أبيه قال: طُفْتُ مَعَ عبد الله بن عمرو بن العاص فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ، قُلْتُ: أَلا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِن النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَال: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ.
حسن: رواه أبو داود (1899) من طريق عيسي بن يونس، وابن ماجه (2962) من طريق عبد الرزاق - كلاهما عن المثنى بن الصباح، قال: حدّثني عمرو بن شعيب، به، فذكره، واللفظ لأبي داود.
وفي لفظ ابن ماجه، قال: طفتُ مع عبد الله بن عمرو، فلما فرغنا من السّبع ركعنا في دبر
الكعبة، فقلت:(فذكره).
ووقع عنده: عن أبيه، عن جدّه. وهو الصّواب في حديث عبد الرزاق كما في "مصنفه"(9043)، وكذلك رواه أيضًا الدارقطني.
ويؤيّد هذا ما رواه عبد الرزاق أيضًا عن ابن جريج قال: قال عمرو بن شعيب: طاف محمد -جدّه- مع أبيه عبد الله بن عمرو، فلما كان سبعها، قال محمد لعبد الله حيث يتعوّذون: فاستعذ، فقال عبد الله: أعوذ بالله من الشيطان، فلما استلم الرّكن تعوّذ بين الرّكن والباب، وألصق جبهته وصدره بالبيت ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك.
وإسناده حسن، والمثنى بن الصبّاح ضعيف، ولكن يقويه الطريق الثاني طريق ابن جريج.
وقوله: "عن أبيه" قال المنذريّ في "المختصر": "هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وقد سمع من عبد الله بن عمرو على الصّحيح، ووقع في كتاب ابن ماجه: عن أبيه، عن جدّه. فيكون شعيب ومحمد طافًا جميعا مع عبد الله".
قلت: وهو كما قال، فقد أخرج الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 349) من طريق ابن جريج، والمثنى بن الصبّاح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، أنه قال:"طاف محمد بن عبد الله مع أبيه عبد الله بن عمرو" فذكره.
وفي الباب ما روي عن عبد الرحمن بن صفوان، قال:"لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قُلْتُ: لأَلْبَسَنَّ ثِيَابِي -وَكَانَتْ دَارِي عَلَى الطَّرِيقِ- فَلأَنْظُرَنَّ كَيْفَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ مِن الْكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَد اسْتَلَمُوا الْبَيْتَ مِن الْبَابِ إِلَى الْحَطِيمِ، وَقَدْ وَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسْطَهُمْ".
رواه أبو داود (1898)، والإمام أحمد (15552)، وصحّحه ابن خزيمة (3017) كلّهم من حديث جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن صفوان، فذكره.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشميّ مولاهم، جمهور أهل العلم مطبقون على تضعيفه.
ومن نكارته سؤال عبد الرحمن بن صفوان لعمر بن الخطاب: "وكيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة؟ قال: صلّى ركعتين".
رواه أحمد (15553) من وجه آخر عن جرير، بإسناده.
ولم يرد في الرِّوايات الصّحيحة أن عمر كان ممن دخل البيت حتى يُسأل: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس قال: سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلًا بين الباب والركن وهو يقول: "اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال: "ما هذا؟ "، فقال: حملني رجل أن أدعو له ها هنا، فقال: "قد غُفر لصاحبك".
رواه الفاكهيّ في "أخبار مكة"(1/ 177) وفيه الحارث بن عمران الجعفري المدني، قال ابن
حبان: "كان يضع الحديث على الثقات"، وقال الدارقطني:"متروك"، وهو من رجال "التهذيب"، قال الحافظ في "التقريب":"ضعيف".
وكذلك لا يصح ما روي عن محمد بن عبد الله بن السائب، عن أبيه أنه كان يقود ابن عباس، فيقيمه عند الشّقة الثالثة مما يلي الرّكن الذي يلي الحجر مما يلي الباب، فيقول له ابنُ عباس:"أُنبئت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي هنا؟ فيقول: نعم. فيقوم فيصلي".
رواه أبو داود (1900)، والنسائي (2921) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد، حدّثنا السائب بن عمرو المخزوميّ، حدثني محمد بن عبد الله بن السائب، فذكره. ومحمد هذا مجهول، قاله أبو حاتم.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما بين الركن والباب ملتزم من دعا مِنْ ذي حاجة أو كربة أو ذي غمّة فرّج عنه بإذن الله".
رواه الطبرانيّ في "الكبير"(11/ 321)، وابن عدي في "الكامل" واللفظ له. وفيه عباد بن كثير الثقفيّ البصريّ متروك. قال أحمد:"روى أحاديث كذب". وبه أعلّه الهيثميّ في "المجمع"(3/ 246).
وروي عن ابن عباس بأسانيد أخرى كلّها هالكة. وروي عنه موقوفًا بإسناد صحيح.
رواه عبد الرزاق (9047) عن ابن عيينة، عن عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: "هذا الملتزم بين الركن والباب".
وروى عبد الرزاق (9045) بسند صحيح عن مجاهد قال: "جئتُ ابن عباس وهو يتعوّذ بين الرّكن والباب".
ورواه البيهقي (5/ 164) من حديث أبي الزبير عنه: أنه كان يلزم ما بين الركن والباب، ويقول:"ما بين الركن والباب يدعى الملتزم لا يلزم ما بينهما أحدٌ يسأل الله شيئًا إلّا أعطاه إياه".
قال النوويّ في "المجموع"(8/ 261): "رواه البيهقيّ موقوفًا على ابن عباس بإسناد ضعيف" ثم قال: "وقد سبق مرّات أن العلماء متفقون على التّسامح في الأحاديث الضّعيفة في فضائل الأعمال ونحوها مما ليس في الأحكام" انتهى.
ورُوي عن هشام بن عروة، عن أبيه:"أنه كان يلصق بالبيت صدره ويده وبطنه".
وقال منصور: سألت مجاهدًا: إذا أردت الوداعَ كيف أصنع؟ قال: "تطوف بالبيت سبعًا، وتصلي ركعتين خلف المقام، ثم تأتي زمزم فتشرب من مائها، ثم تأتي الملتزم ما بين الحجر والباب، فتستلمه، ثم تدعو، ثم تسألُ حاجتك، ثم تستلم الحجر وتنصرف".
واستحبّ الشافعيّ للحاج إذا طاف للوداع أن يأتي الملتزم فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ويبسط يديه على الجدار، فيجعل اليمني مما يلي الباب، واليسرى مما يلي الحجر الأسود، ويدعو بما أحبّ من أمر الدنيا والآخرة.