الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول اللَّه، رويدك أسألك: إني أبيع الابل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء".
رواه أبو داود (3354)، والترمذي (1242)، والنسائي (4583)، وابن ماجه (2262)، والحاكم (2/ 44)، والبيهقي (5/ 284)، وأحمد (4883) كلهم من طرق عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا".
وأما الحاكم، فقال:"صحيح على شرط مسلم".
والصواب أنه حديث ضعيف؛ فإن سماك بن حرب وهم في رفع هذا الحديث، وغيره رووه موقوفا. وقد أشار ابن معين إلى أن سماك بن حرب أسند أحاديث لم يسدها غيره، وهو ثقة.
وقال النسائي: "كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن". وقد أشار الترمذيّ إلى أنه تفرّد برفع هذا الحديث، وداود بن أبي هند رواه موقوفا.
قلت: وهو ما رواه ابن أبي شيبة (1/ 332)، وأبو يعلى (5604) كلاهما من طريق ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر يكون عليه الورق، فيعطي بقيمته دنانير إذا قامت على سعر، ويكون عليه الدنانير فيعطي الورق بقيمتها.
وكذلك رواه النسائي (4585) عن محمد بن بشار قال: أنبأنا مؤمل قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر أنه كان لا يرى بأسا يعني في قبض الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم. انتهى.
وقال البيهقي: "والحديث ينفرد برفعه سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير بين أصحاب ابن عمر". وهو كما قالوا.
قال الترمذيّ عقب تخريج الحديث: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أن لا بأس أن يقضي الذهب من الورق، والورق من الذهب. وهو قول أحمد، وإسحاق. وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم ذلك". اهـ.
17 - باب في النهي عن بيع المزابنة والمحاقلة
• عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة. والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا.
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (23) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (2185)، ومسلم في البيوع (1542) كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم من وجه آخر عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر قال:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة. والمزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلا، وبيع الزبيب بالعنب كيلا، وعلى كل ثمر بخرصه".
ورواه أيوب عن نافع، عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى المزابنة. والمزابنة أن يباع ما في رؤوس النخل بتمر كيلا مسمى، إن زاد فلي، وإن نقص فعلي.
ورواه الترمذيّ (1300) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها.
قال الترمذيّ: "حديث زيد بن ثابت هكذا روى محمد بن إسحاق هذا الحديث. وروى أيوب، وعبيد اللَّه بن عمر، ومالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة".
وبهذا الإسناد عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص في العرايا، وهذا أصح من حديث محمد بن إسحاق. انتهى.
مراد الترمذي أن ابن إسحاق أخطأ، فأدخل حديثا في حديث؛ فإن الذي رواه ابن عمر عن زيد ابن ثابت هو الاستثناء في العرية فقط، كما سيأتي. وأما النهي عن المزابنة فرواه عن النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة زيد بن ثابت، فخالف محمد بن إسحاق أيوبَ، وعبيد اللَّه بن عمر، ومالكا في ذلك.
وأما تفسير المزابنة فظاهره أنه مرفوع؛ لأنه اصطلاح شرعي، لم يكن معروفا قبل الإسلام، فكون تفسيره من النبي صلى الله عليه وسلم أقرب إلى الصواب.
ولكن رواه الإمام أحمد (5320) عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة.
قال: فكان نافع يفسرها: الثمرة تشترى بخرصها تمرا بكيل مسمى، إن زاد فلي، وإن نقصت فعلي.
وهذا مشعر بأن التفسير من نافع، والصحيح هو الأول، ولعل نافعا أراد بذلك تأكيد هذا التفسير المأثور، لا أنه فسره من عند نفسه.
وقد رواه الإمام أحمد (4490) عن إسماعيل (وهو ابن علية)، عن أيوب مثل رواية مسلم وغيره بأن التفسير من النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي مثل ذلك عن أبي سعيد الخدري أيضًا.
وقد رجح الحافظ ابن حجر أيضًا أن التفسير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: "المزابنة" مفاعلة من الزّبْن -بفتح الزاي، وسكون الموحدة-، وهو الدفع الشديد، ومنه سميت الحرب الزبون لشدة الدفع فيها. وقيل للبيع المخصوص المزابنة؛ لأن كل واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقه.
والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن المزابية والمحاقلة باطلة، وبه قال مالك، والأوزاعيّ، والشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهوية، وغيرهم.
• عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة. والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل. والمحاقلة كراء الأرض بالحنطة.
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (24) عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
ورواه البخاريّ في البيوع (2168)، ومسلم في البيوع (1546) كلاهما من طريق مالك به مثله. إلا أن البخاري لم يذكر تفسير المحاقلة، وأما مسلم ففسرها بكراء الأرض، ولم يقل: بالحنطة.
• عن ابن عباس قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة، والمزابنة.
صحيح: رواه البخاري في البيوع (2187) عن مسدد، حدّثنا أبو معاوية، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
• عن جابر بن عبد اللَّه أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهى عن المزابنة والحقول، فقال جابر بن عبد اللَّه: المزابنة الثمر بالتمر. والحقول كراء الأرض.
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1536/ 103) عن الحسن الحلواني، حدّثنا أبو توبة، حدّثنا معاوية، عن يحيى بن أبي كثير، أن يزيد بن نُعيم أخبره أن جابر بن عبد اللَّه أخبره فذكره.
قال ابن شهاب: وحدثني سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
• عن جابر بن عبد اللَّه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، وأن تشترى النخل حتى تشقه -والإشقاه أن يحمر، أو يصفر، أو يؤكل منه شيء-. والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم. والمزابنة أن يباع النخل بأوساق من التمر. والمخابرة الثلث والربع وأشباه ذلك.
صحيح: رواه مسلم (1536: 83) من طرق عن زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد اللَّه، عن زيد بن أبي أنيسة، حدّثنا أبو الوليد المكي -وهو جالس عند عطاء بن أبي رباح- عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.
قال زيد: قلت لعطاء بن أبي رباح: أسمعت جابر بن عبد اللَّه يذكر هذا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ . قال: نعم.
• عن أبي هريرة قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة.
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1545) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب (يعني ابن عبد الرحمن القاري)، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.