الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر -بالشّك-. والصحيح عن ابن عمر موقوف" انتهى.
قلت: ويؤيده أن مالكًا رواه في الموطأ (72) عن نافع، عن ابن عمر، قوله. ولفظه:"لا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، ولا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ ولا على غَيْرِهِ".
ولكن يجوز أن يكون الموقوف على سبيل الفتوى، والمرفوع على سبيل الرّواية، وكلاهما صحيح.
وأما ما رواه عبد الله بن أحمد (5958) قال: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخطّ يده: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا أيوب بن عتبة، حدّثنا عكرمة بن خالد، قال: سألت عبد الله بن عمر عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل، وهو خارج من مكة، فأراد أن يعتمر أو يحجّ؟ فقال:"لا تتزوجها وأنت محرم، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه".
ورواه الدارقطني (3649) من وجه آخر عن الأسود بن عامر، بإسناده، مثله.
وأيوب بن عتبة اليمامي أبو يحيى القاضي، ضعّفه جمهور أهل العلم، وبه أعله الهيثمي في "المجمع"(4/ 268).
قال الترمذي (840) -عقب إخراج حديث عثمان-: "حديث عثمان حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وهو قول فقهاء التابعين، وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، لا يرون أن يتزوج المحرم قالوا: فإن نكح فنكاحه باطل".
قال البيهقي: وروينا عن عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عمر في ردّ نكاح المحرم.
قلت: حديث عمر بن الخطاب، رواه مالك (1/ 349) وعنه البيهقي (5/ 66)، والدّارقطني (3646) عن يحيى بن سعيد كلاهما عن داود بن الحصين، أن أبا غطفان بن طريف المري أخبره، أن أباه طريفًا تزوّج امرأة وهو محرم، فردّ عمر بن الخطاب نكاحه". وإسناده صحيح.
وحديث علي بن أبي طالب. رواه البيهقي عن الحسن، عنه، قال:"من تزوّج وهو محرم نزعنا منه امرأته".
ورواه أيضًا من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، قال:"لا ينكح المحرم، فإن نكح ردّ نكاحه".
وحديث زيد بن ثابت. رواه أيضًا البيهقي أن مولاه شوذب تزوج وهو محرم ففرق بينهما.
وروى البيهقي عن سعيد بن المسيب، أن رجلًا تزوج وهو محرم، فأجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما.
20 - باب زواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من ميمونة هل كان حلالا أو محرمًا
؟
• عن ابن عباس، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوّج ميمونة وهو مُحرم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (5114)، ومسلم في النكاح (1410: 46) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، أخبرنا عمرو بن دينار، حدثنا جابر بن زيد أبو الشّعثاء، أن ابن عباس أخبره، به، فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (4258) من طريق عكرمة، عن عبد الله بن عباس، قال:"تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو مُحرم، وبنى بها وهو حلال، وماتتْ بسرف".
قال البخاريّ: وزاد ابن إسحاق: حدثني ابن أبي نجيح، وأبان بن صالح، عن عطاء ومجاهد، عن عبد الله بن عباس، قال:"تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم ميمونة في عمرة القضاء".
قال الحافظ: "هو موصول في السيرة، وزاد في آخره: "وكان الذي زوّجها منه العباس بن عبد المطلب" ولابن حبان، والطبراني من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق بلفظ: "تزوّج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك -يعني عمرة القضاء- وهو حرام، وكان الذي زوّجه إيّاها العباس". ونحوه للنسائي من وجه آخر عن ابن عباس" انتهى. فتح الباري (7/ 510).
• عن عائشة، قالت: تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم.
صحيح: رواه ابن حبان (4132)، والطحاوي في "مشكله"(5798)، و"معانيه"(2/ 269)، والبيهقي (7/ 212) كلهم من طريق أبي عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، فذكرته. واللفظ لابن حبان وليس عند غيره:"واحتجم وهو محرم".
وإسناده صحيح، المغيرة هو ابن مقسم الضبيّ، وأبو الضّحى هو مسلم بن صبيح.
قال الطّحاوي: "وهذا مما لا نعلمه روي عن عائشة رضي الله عنها مما يخالفه. وقد روي عن أبي هريرة أيضًا ما يوافق ذلك".
ولكن أعلّه البيهقيّ بالإرسال، والصّواب أن من أسنده ثقة، وعنده زيادة علم وهي مقبولة عند المحدثين.
وأمّا حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الطّحاويّ فهو ما رواه الدارقطني (3662)، والطحاوي في "مشكله"(5799) كلاهما من حديث خالد بن عبد الرحمن الخراسانيّ، عن كامل أبي العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:"تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم".
قال الطّحاويّ: "وهذا مما لا نعلم أيضًا عن أبي هريرة فيه خلافًا لذلك".
قلت: بل فيه كامل أبو العلاء مختلف فيه، فوثقه ابن معين، وضعفه النسائيّ، وقال ابن عدي عقب رواية هذا الحديث من طريق خالد بن عبد الرحمن، عن كامل أبي العلاء بإسناده:"ولكامل غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، ولم أر من المتقدمين فيه كلامًا، فأذكره إلا أني رأيت في بعض رواياته أشياء أنكرتها، فذكرته من أجل ذلك، ومع هذا أرجو أن لا بأس به". "الكامل"(6/ 2101 - 2102).
ومن أجله ضعفه الحافظ في "الفتح"(9/ 166) ولكنه قال: "لكنه يعتضد بحديث ابن عباس وعائشة، وفيه رد على قول ابن عبد البر أن ابن عباس انفرد من بين الصّحابة بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرم".
ورُوي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتزوّج المحرم، ولا يزوِّج".
رواه الدارقطني (3652) عن محمد بن علي بن حبيش، حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور، حدّثنا القواريري، حدّثنا محمد بن دينار الطاحي، عن أبان، عن أنس، فذكره.
وفيه محمد بن دينار الطّاحي تكلّم فيه غير واحد من أهل العلم، فقال أبو داود: تغيّر قبل موته، وقال الدارقطنيّ: ضعيف، وقال العقيلي: في حديثه وهم.
وأما النسائي فقال: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجليّ: لا بأس به. فمثله يحسن حديثه في الشواهد إذا لم يخالف.
وقد ثبت عنه ما يخالف هذا لما رواه الطحاويّ في شرح "مشكل الآثار"(14/ 520) من طريق عبد الله بن محمد بن أبي بكر قال: سألت أنسًا عن نكاح المحرم فقال: "لا بأس به، وهل هو إلّا كالبيع".
قال الحافظ في "الفتح"(9/ 166): "إسناده قوي، لكنه قياس في مقابل النّص، فلا عبرة به، وكأن أنسًا لم يبلغه حديث عثمان" انتهى.
• عن يزيد بن الأصم قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّجها وهو حلال.
قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.
صحيح: رواه مسلم في النكاح (1411) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا جرير بن حازم، حدّثنا أبو فزارة (هو راشد بن كيسان العبسيّ)، عن يزيد بن الأصم، حدّثتني ميمونة، فذكرته.
وقوله: قال: "وكانت خالتي
…
" القائل هو يزيد بن الأصمّ.
ورواه أحمد (26828) من وجه آخر عن أبي فزارة يحدث عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالًا، وبنى بها حلالًا، وماتت بسرف، فدفنها في الظُّلة التي بنى فيها، فنزلنا في قبرها أنا وابن عباس.
وزاد ابن حبان (4134) والحاكم (4/ 31): فلما وضعناها في اللحد، مال رأسها، وأخذت ردائي، فوضعته تحت رأسها، فاجتذبه ابن عباس، فألقاه، وكانت حلقت في الحج رأسها، فكان رأسها محمما، وعند الحاكم بعد قوله:"فألقاه": ووضع عند رأسها كنانة، أي: حجارة.
وقوله: "حلقت في الحج" - لعلها لأسباب الأذى، وإلا فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلق
المرأة رأسها.
وقوله: "فكان رأسها محمما" أي: بدأ ينبت فيه الشعر.
• عن ميمونة، قالت: تزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حلال بعدما رجعنا من مكة.
صحيح: رواه أحمد (26815) عن يحيى بن إسحاق، ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة، فذكرته.
ورواه أبو داود (1839)، والطحاوي في "مشكله"(5804)، وابن حبان في "صحيحه"(4137) كلهم من حديث حماد، بنحوه: تزوجني النبيّ صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف.
قولها: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
بعدما رجعنا من مكة" أي: بني بها.
• عن أبي رافع، قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما.
حسن: رواه الترمذيّ (841)، وأحمد (27197)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5800)، وصحّحه ابن حبان (4130) كلّهم من طريق حماد بن زيد، حدّثنا مطر الوراق، عن ربيعة بن عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع، فذكره.
قال الترمذي: "حسن، ولا نعلم أحدًا أسنده غير حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة وقال: وروى مالك بن أنس، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوّج ميمونة وهو حلال. رواه مالك مرسلًا. ورواه أيضًا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلًا. وقال: ورُوي عن يزيد ابن الأصم، عن ميمونة، قالت: تزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال، ويزيد بن الأصم هو ابن أخت ميمونة" انتهى كلام الترمذيّ.
قلت: إسناده حسن من أجل مطر الوراق فإنه صدوق كثير الخطأ كما في "التقريب". ورواه مالك عن ربيعة، عن سليمان بن يسار مرسلًا.
وقد رجّح ابن عبد البر المرسل في "التمهيد"(13/ 151)، ولكن إن كان سليمان بن يسار ولد سنة سبع وعشرين كما قيل، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، كان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فيكون عمر سليمان بن يسار فوق ثماني سنوات، فسماعه منه ممكن، ثم تأكد ذلك من ميمونة نفسها، فلا استحالة في ذلك؛ ولذا رجّح الحافظ ابن القيم في "زاده"، وفي "تهذيب السنن" الموصول. وقال:"وهذا صريح في تزوجها بالوكالة قبل الإحرام" انتهى.
وأمّا ما رُوي عن عبد الله بن عمر: "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوّج ميمونة وهو حلال" ففيه رجل لم يسم.
رواه الدارقطنيّ (3653) من حديث أحمد بن حسين بن جعفر اللهبي، حدثني بعض أصحابنا، عن أبي وهب البصريّ، عن عبيد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.