الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفق عليه: رواه البخاري في الهبة (2626)، ومسلم في الهبات (1626) كلاهما من حديث قتادة قال: حدثني النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة فذكره.
قال البخاري: وقال عطاء: حدثني جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قلت: وصله مسلم كما سبق.
فقه الباب: العمرى جائزة، وهي أن يقول الرجل للآخر: أعمرتك هذه الدار، أو جعلتها لك عمرك فقبل، فهي كالهبة إذا قبضها، وإذا مات تُورث منه، سواء قال: هي لعقبك من بعدك أو لورثتك، أو لم يقل.
وبه قال جمهور أهل العلم، منهم: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب ابن عمر، وزيد بن ثابت، وكثير من التابعين.
وقال أبو عبيد في "غريب الحديث"(2/ 78): هذه الآثار أصل لكل من وهب هبة، واشترط فيها شرطا باطلا، كالرجل يهب للرجل جارية على أن لا تباع ولا توهب، أو على أن يتخذها سرية، أو على أنه إن أراد بيعها فالواهب أحق بها. قال: هذا وأشبهه من الشروط كلها باطلة".
والقول الثاني في المسألة بعدها.
20 - باب من قال: هي ترجع إلى الواهب إذا لم يقل: هي لك ولعقبك
• عن جابر قال: إنما العمرى التي أجاز رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك. فأما إذا قال: هي لك ما عشت. فإنها ترجع إلى صاحبها. قال معمر: وكان الزهري يفتي به.
صحيح: رواه مسلم في الهبات (1625: 23) من طرق عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر فذكره.
وبه كان يقول جابر. وكان الزهري يفتي به، وهو قول مالك.
ويحكى عنه أنه قال: العمرى تمليك المنفعة دون الرقبة.
قال أبو عبيد الهروي: "وكان مالك يقول: إذا أعمر الرجُل الرجل دارا، فقال: هي لك عمرك، فإنها على شرطها، فإذا مات الموهوب له رجعت إلى الواهب، إلا أن يقول: هي لك ولعقبك من بعدك". غريب الحديث
(2/ 79).
21 -
باب ما جاء في الرقبى
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها".
صحيح: رواه أبو داود (3558)، والترمذي (1351)، وابن ماجه (2383)، والنسائي (3739) كلهم من حديث داود بن أبي هند، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقد رواه بعضهم عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا، ولم يرفعه".
وقال: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الرقبى جائزة مثل العمرى، وهو قول أحمد وإسحاق".
وبه قال أيضًا الشافعي، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الرقبى غير جائزة. وقالوا: إنها عارية لا تورث.
والرقبى هي أن يجعلها الرجل على أن أيهما مات أولا كان للآخر منهما، فكل واحد منها يرقب موت صاحبه.
• عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أعمر شيئًا فهو لمعمره محياه ومماته، ولا ترقبوا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيله".
حسن: رواه أبو داود (3559) عن عبد اللَّه بن محمد النفيلي قال: قرأت على معقل، عن عمرو ابن دينار، عن طاوس، عن حُجر، عن زيد بن ثابت قال فذكره.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا النسائي (3718)، وابن ماجه (2381)، وأحمد (21586)، وصحّحه ابن حبان (5133) ولكنهم اقتصروا على قوله:"جعل العمرى للوارث".
وإسناده حسن. وحُجر هو ابن قيس الهمداني المدري لم يوثّقه غير العجلي فقال: تابعي ثقة، وكان من خيار التابعين. وذكره ابن حبان في الثقات، فهو لا ينزل عن حسن الحديث.
• عن ابن عمر قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الرقبى وقال: "من أرقب رقبى فهو له".
صحيح: رواه النسائي (3734) -واللفظ له-، وأحمد (4801) كلاهما من حديث وكيع، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت ابن عمر يقول فذكره.
هكذا يقول حبيب بن أبي ثابت: "سمعت ابن عمر" في رواية النسائي، فانتفى من ادعى أنه لم يسمع من ابن عمر، وهو ما رواه النسائي (3732) نفسه، وابن ماجه (2382)، وأحمد (4906)، وابن الجارود (990) كلهم من عبد الرزاق (16920) قال: أنبأنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا عمرى، ولا رقبى، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهي له حياته وموته".
قال: "والرقبى أن يقول: هو للآخر مني ومنك موتا. والعمرى أن يجعله حياته بأن يعمر حياته. قلت لحبيب: فإن عطاء أخبرني عنك في الرقبى. قال: لم أسمع من ابن عمر في الرقبى شيئًا، ولم أسمع منه ولا هذا الحديث في العمرى، ولم أخبر عطاء في الرقبى شيئًا.
قال عطاء: فإن أعطى سنة وسنتين يسميه، فتلك منحة يمنحها إياه، ليست بعمرى".
واللفظ من مصنف عبد الرزاق، وأكثرهم رووه مختصرا، فوقع فيه تحريف.
ثم رواه النسائي (3733) من وجه آخر عن عطاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، ولم يسمعه منه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا عمرى، ولا رقبى، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو له حياته ومماته". قال عطاء: هو للآخر. انتهى.
هكذا ينفى هنا سماع عن ابن عمر، والصحيح أنه سمع حديث النهي عن الرقبى كما سبق، ولعله لم يسمع حديث العمرى.
وأما الدارقطني فرجح أنه موقوف، فقد سئل عن هذا الحديث، فقال:
"يرويه عطاء بن أبي رباح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر مرفوعا. ورواه يزيد بن زياد ابن أبي الجعد، عن حبيب، عن ابن عمر مرفوعا في الرقبى دون العمرى.
وروي عن مسعر، عن حبيب في العمرى دون الرقبى مرفوعا أيضًا.
وروي عن أيوب السختياني وعمرو بن دينار وكامل بن العلاء، عن حبيب موقوفا. والموقوف أشبه". العلل (12/ 431)