الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الباب ما روي عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن عسب الفحل في حديث طويل.
رواه أحمد (1254)، وأبو يعلى (357) كلاهما من حديث حسن بن ذكوان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي فذكره.
وحسن بن ذكوان أبو سلمة البصري ضعيف، ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وغيرهم.
ثم إن حسن بن ذكوان لم يسمع هذا الحديث من حبيب بن أبي ثابت، بينهما عمرو بن خالد، وهو متروك الحديث، كما قال ابن عدي في الكامل (5/ 1776)، إلا أن الحسن بن ذكوان أسقطه من شدة ضعفه.
قوله: "عسب الفحل" هو ماؤه فرسا كان، أو بعيرا، أو تيسا. فأخذ الأجرة عليه حرام لدناءته، وبه قال جماعة من الصحابة، وأكثر الفقهاء.
وقيل: إن سبب النهي عن ثمن ماء الفحل -وهو أجرة على الجماع- فيه جهالة وغرر؛ لأن الفحل قد يضرب، وقد لا يضرب، وقد تلقح الأنثى، وقد لا تلقح.
وأما إعارة الفحل فهي مندوبة، وقد ثبت في الصحيح:"من حق الإبل إعارة فحلها". وفي لفظ: "إطراق فحلها". رواه مسلم (988).
42 - باب ما جاء من الرخصة في ذلك
• عن أنس بن مالك أن رجلًا من كلاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل، فنهاه، فقال: يا رسول اللَّه، إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له في الكرامة.
صحيح: رواه الترمذي (1274)، والنسائي (4672)، والبيهقي (5/ 339) كلهم من حديث إبراهيم بن حميد الرؤاسي، حدثنا هشام بن عروة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد، عن هشام ابن عروة".
قلت: بل روى من أوجه أخرى أيضًا غير إبراهيم بن حميد إلا أن هذا الإسناد أصح ما روي به هذا الحديث. وإسناده صحيح.
43 - باب النهي عن بيع ما لم يقبض
• عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه".
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (40) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (2126)، ومسلم في البيوع (1526) كلاهما من طريق مالك، به مثله.
• عن عبد اللَّه بن عمر أنه قال: كنا في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام، فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواء قبل أن نبيعه.
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (42) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه مسلم في البيوع (1527: 33) من طريق مالك، به مثله.
ورواه البخاري في البيوع (2123) من وجه آخر عن نافع به نحوه.
• عن عبد اللَّه بن عمر قال: كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق، فيبيعونه في مكانهم فنهاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه.
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (2167) عن مسدد، حدثنا يحيى (بن سعيد القطان) عن عبيد اللَّه قال: حدثني نافع، عن عبد اللَّه فذكره.
ورواه مسلم في البيوع (1526) من وجه آخر عن عبيد اللَّه به نحوه.
• عن ابن عمر أنهم كانوا يُضْربون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا، أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم.
متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (6852) ومسلم في البيوع (1527: 37) كلاهما من حديث عبد الأعلى، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، فذكره، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
• عن زيد بن ثابت قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
حسن: رواه أبو داود (3499)، وأحمد (21668)، والدارقطني (2831)، والبيهقي (5/ 314) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، حدثني أبو الزناد، عن عبيد بن حنين، عن عبد اللَّه بن عمر قال: قدم رجل من أهل الشام بزيت، فساومته فيمن ساومه من التجار، حتى ابتعته منه، فقام إليَّ رجل، فربَّحني فيه حتى أرضاني، قال: فأخذت بيده لأضرب عليها، فأخذ رجل بذراعي من خلفي، فالتفت إليه فإذا هو زيد بن ثابت فقال فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه مدلس إلا أنه صرح بالتحديث، ومن طريقه رواه ابن حبان (4984)، والحاكم (2/ 40). وتابعه إسحاق بن حازم وجرير بن حازم كلاهما عن أبي الزناد عند الدارقطني.
وقوله: "لأضرب عليها" أي أُنهي صفقة البيع، ولعل ابن عمر نسي هذا الحكم حتى ذكَّره زيد ابن ثابت، فتذكر، وبدأ يحدث بما كان يعرفه من عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
• عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه".
قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله.
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (2135)، ومسلم في البيوع (1525: 29)، كلاهما من طريق عمرو بن دينار، سمع طاوسا يقول: سمعت ابن عباس يقول فذكره. واللفظ لمسلم.
وفي رواية "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله".
فقلت لابن عباس: لم؟ فقال: "ألا تراهم يتابعون بالذهب والطعامُ مرجأ". أي مؤخر.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه".
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1529) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا روح، حدثنا ابن جريج، حدثني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول فذكره.
• عن أبي هريرة أنه قال لمروان: أحللتَ بيع الربا فقال مروان: ما فعلت. فقال أبو هريرة: أحللتَ بيع الصكاك، وقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى. قال: فخطب مروان الناس، فنهى عن بيعها. قال سليمان: فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس.
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1528) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد اللَّه الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة فذكره.
وفي لفظ له: "من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله".
• عن أبي هريرة قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان.
حسن: رواه البزار -كشف الأستار (1265) -، والبيهقي (5/ 316) كلاهما من حديث مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.
قال البزار: "لا نعلمه عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، تفرد به مخلد، عن هشام".
قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 98): "فيه مسلم بن أبي مسلم الجرمي لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله رجال الصحيح".
كذا قال: مع أن ابن حبان ذكره في "الثقات"(9/ 158) وقال: "ربما أخطأ". وترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 100) ووثّقه. وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 351).
وأما ما روي عن جابر قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري. ففيه ضعف.
رواه ابن ماجه (2228)، والدارقطني (2819)، وعنه البيهقي (5/ 316)، وعبد بن حميد (1059) كلهم من حديث ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضُعِّف من قبل حفظه، وبه أعله البوصيري.
وعزاه الحافظ في الفتح (4/ 351) إلى الدارقطني، وسكت عليه، ولعله لوجود شاهد له، وهو حديث أبي هريرة.
• عن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول اللَّه، إني رجل أشتري بيوعا، فما يحل منها وما يحرم؟ قال:"يا ابن أخي، إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه".
حسن: رواه ابن الجارود في المنتقى (602)، وابن حبان (4983)، والدارقطني (2822)، كلهم من طرق عن همام بن يحيى قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثنا يعلى بن حكيم قال: ثنا يوسف بن ماهك، عن عبد اللَّه بن عصمة، عن حكيم بن حزام فذكره. واللفظ لابن الجارود، ولفظهما نحوه. وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن عصمة، وهو حسن الحديث.
وتابع هشام الدستوائي همامَ بن يحيى فرواه عن يحيى بن أبي كثير بإسناده. ومن طريقه رواه ابن الجارود، والبيهقي (5/ 313) إلا أن الأخير لم يذكر بين يحيى بن أبي كثير وبين يوسف بن ماهك (يعلى بن حكيم)، ولذا تعقبه بقوله: لم يسمعه يحيى بن أبي كثير من يوسف، إنما سمعه من يعلى ابن حكيم عن يوسف.
وكذلك تابعه شيبان، فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم بإسناده. ومن طريقه رواه ابن الجارود، والبيهقي.
قال البيهقي: "هذا إسناد حسن متصل". وقال: "وكذلك رواه همام بن يحيى وأبان بن عطار، عن يحيى بن أبي كثير".
قلت: حديث أبان العطار رواه الدارقطني (2820).
إذا عرفت هذا فاعلم أنه جاء في السنن والمسانيد: أبي داود (3503)، والترمذي (1232)، والنسائي (4613)، وابن ماجه (2187)، وأحمد (15312) وغيرهم عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام فذكره.
وهذا إسناد منقطع فان يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام، وما جاء في بعض الرواية التصريح بالسماع منه فإنه لا شيء، وقد جزم البخاري وغيره أن يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام. فقول الترمذي:"هذا حديث حسن" ليس بحسن؛ فإن الإسناد المقطع لا يكون حسنا، إلا أن يحمل قوله على أنه حسن من طرق أخرى؛ لأنه حكم على الحديث، لا الإسناد.
• عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك".
حسن: رواه أبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائي (4611)، وابن ماجه (2188)، وصحّحه الحاكم (3/ 17) كلهم من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره. ومنهم من اختصره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: "حسن صحيح".
وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط جملة من أئمة المسلمين".
ورُوي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ويعلى بن أمية، وابن عباس وغيرهم "أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أَسِيد على مكة، وقال له: "انههم عن بيع ما لم يقبضوا، أو ربح ما لم يضمنوا، وعن قرض وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع وسلف".
وفي كله مقال. أخرج حديثهم ابن أبي شيبة، وابن ماجه، والبيهقي، وابن عدي، والطبراني، وغيرهم.
وأما ما روي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع وشرط". فليس بصحيح.
رواه الطبراني في معجمه الأوسط (4361 بتحقيق: طارق بن عوض اللَّه) عن عبد اللَّه بن أيوب القربي، ثنا محمد بن سليمان الذهلي، ثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة، فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة، قلت: ما تقول في رجل باع بيعا، وشرط شرطا، فقال: البيع باطل، والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائز، والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز، والشرط جائز. فقلت: يا سبحان اللَّه! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا. حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن بيع وشرط". البيع باطل، والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:"أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها". البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر قال:"بعتُ النبي صلى الله عليه وسلم ناقةً وشرط لي حملانها إلى المدينة". البيع جائز، والشرط جائز". انتهى.
ورواه الحاكم أبو عبد اللَّه في كتاب علوم الحديث في باب الأحاديث المتعارضة، عن أبي بكر ابن إسحاق، ثنا عبد اللَّه بن أيوب بن زاذان الضرير، ثنا محمد بن سليمان الذهلي بإسناده.
وفي الإسناد عبد اللَّه بن أيوب بن زاذان الضرير يعرف بالقربي أو بالقرني الخراز، سئل عنه الدارقطني فقال:"متروك". سؤالات الحاكم للدارقطني (125).
وقوله: "نهى عن بيع وشرط" لم يرد من وجه صحيح عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده