الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الكفارات كذا أو كذا" فصاحبه مخير في ذلك أي شيء أحبّ أن يفعل ذلك فعل".
وقال: أما النسك فشاة، وأما الصيام فثلاثة أيام، وأما الطعام فيُطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدان بمد النبيّ صلى الله عليه وسلم" انتهى.
وانظر لمزيد من التفاصيل وأقوال أهل العلم في ذلك "المنة الكبرى"(4/ 44 - 50).
وأما ما رُوي أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يهدي بقرة فهو ضعيف.
رواه أبو داود (1859) وفيه رجل لم يُسم كما أن فيه مخالفة للثقات الذين نصُّوا على الشّاة أو على ما تيسَّر.
12 - باب علاج المحرم
• عَنْ نُبَيْهِ بن وَهْبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَلَلٍ اشْتَكَي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ عَيْنَيْهِ، فَلَمَّا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَسْأَلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَن اضْمِدْهُمَا بِالصَّبِرِ فَإِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَي عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1204) من طريق سفيان بن عيينة وعبد الوارث بن سعيد -فرقهما-، عن أيوب بن موسي، حدّثني نبيه بن وهب، به.
والصَّبِر: عُصارة شجر مُرٍّ مفرده صَبرة، والجمع: صُبور.
قال الترمذي: "العمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بأسًا أن يتداوى المحرم بدواء ما لم يكن فيه طيب".
13 - باب في جواز اشتراط المحرم على ربّه عز وجل التّحلّل بعذر المرض ونحوه
• عن عائشة، قالت: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: "لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ ". قَالَت: وَاللهِ، لا أَجِدُني إِلا وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا:"حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ! مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي". وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (5089)، ومسلم في الحج (1207: 104) كلاهما من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته، ولفظهما سواء.
قوله: "مَحِلِّي" بكسر الحاء، اسم مكان بمعني موضع التحلل من الإحرام.
وهذا الحديث لم يبلغ الشّافعيَّ إلا مرسلًا كما رواه في "الأم"(2/ 158) عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بضباعة بنت الزبير، فقال لها:"أما تريدين الحجّ؟ "
فذكر الحديث.
قال الشافعيّ: "ولو ثبت حديث عروة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الاستثناء لم أعده إلى غيره لأنه لا يحلُّ عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وكذلك رواه ابن ماجه (2937) من طريق وكيع، عن هشام بإسناده مرسلًا.
وعلّق البيهقيّ (5/ 221) على كلام الشافعيّ بقوله: "قد ثبت الحديث من أوجه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. أما حديث ابن عيينة عن هشام فقد روي موصولًا".
ثم رواه من طريق الدارقطني، ثنا ابن صاعد، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، فذكر الحديث.
وقال: وقد وصله أبو أسامة حماد بن أسامة، ومعمر بن راشد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكره. وحديث أبي أسامة في الصحيحين كما رأيت.
وضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب هي ابنة عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد تنسب إلى جدّها عبد المطلب، وهي زوجة المقداد بن الأسود، ولم يكن للزبير بن عبد المطلب عقب إلّا من ضباعة.
• عن ابن عباس، أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنها أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَال: "أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي". قَال: فَأَدْرَكَتْ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1208) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع طاوسًا وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به.
قوله: "فأدركتْ" أي أدركت الحجَّ ولم تتحلّل حتى فرغت منه.
وفي الحديث دليل على أن المحصر يحل حيث يُحبس وينحر بدنه هناك حرمًا كان أو حلًا، وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الحديبية حين أحصر فنحر هديه وحلّ.
• عن ضُباعة بنت الزّبير، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لها:"حجّي واشترطي".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (24/ 336)، والبيهقي (5/ 222) كلاهما من حديث سليمان ابن كثير، عن حميد الطويل، عن زينب بنت نبيط امرأة أنس بن مالك، عن ضباعة، فذكرته.
وفيه سليمان بن كثير العبديّ مختلف فيه غير أنه لا بأس به في غير الزهريّ وهو هنا كذلك.
ورواه الإمام أحمد (27358) عن الضحاك بن مخلد، عن حجاج الصواف، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ضباعة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحرمي وقولي: إنّ مَحِلِّي حيث تحبسني. فإن حُبست أو مرضت فقد أحللتِ من ذلك شرطك على ربِّك عز وجل".
ورواه غيره فأدخل بين عكرمة وبين ضباعة "ابن عباس" كما مضى، وكذلك رواه أيضًا البيهقيّ (5/ 222)
عن عباد، عن الحجاج الصواف بذكر ابن عباس.
• عن أسماء بنت أبي بكر أو سُعدي بنت عوف أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت عبد المطلب، فقال:"ما يمنعك يا عمّتاه من الحج؟ " فقالت: أنا امرأة سقيمة، وأنا أخاف الحبس. قال:"فأحرمي واشترطي أنّ محِلَّكِ حيث حُبسْت".
حسن: رواه ابن ماجه (2936) من طريقين عن عبد الله بن نمير، حدّثنا عثمان بن حكيم، عن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير، عن أسماء بنت أبي بكر أو سعدي بنت عوف قالت: فذكرته.
ورواه الإمام أحمد (26953) من هذا الوجه.
وإسناده حسن من أجل أبي بكر بن عبد الله بن الزبير، روى عنه اثنان؛ ولحديثه أصل ثابت، فيحسن حديثه إلا أن قوله:"يا عمتاه" خطأ، والصواب أنها كانتْ ابنة عمه الزبير.
• عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لضباعة بنت الزبير: "حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني"
حسن: رواه الطبراني في الأوسط (2547)، والبيهقي (5/ 222) كلاهما من طرقٍ عن أبي الزبير، عن جابر قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي الزبير فإنه حسن الحديث.
وفي الباب أيضًا ما روي عن أمّ سلمة أيضًا.
رواه الإمام أحمد (26590). وفيه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
فقه الحديث:
قال الترمذيّ عقب حديث ابن عباس (3/ 270): "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يرون الاشتراط في الحج ويقولون: إن اشترط فعرض له مرض أو عذر، فله أن يحل ويخرج من إحرامه.
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، ولم ير بعض أهل العلم الاشتراط في الحج". ولم يسمهم.
وكان ممن ينكر الاشتراط في الحج عبد الله بن عمر، وكان يقول:"أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنْ حُبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلّ من كلّ شيء حتى يحجّ عامًا قابلًا، فيُهدي أو يصوم إن يجد هديًا".
رواه البخاري في الحج (1810) عن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: أخبرني سالم قال: كان عبد الله بن عمر يقول (فذكره).
قال البيهقيّ (5/ 223): "ولو بلغه حديث ضباعة بنت الزبير لصار إليه، ولم ينكر الاشتراط كما لم ينكره أبوه".
وفائدة الاشتراط أن مَنْ حُبس بمرض أو غيره يحل حيث ما حُبس فإن كان معه هدي يُذبح، وإن