الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه الإمام أحمد (15232) عن حسن، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الزبير، فذكره. وابن لهيعة فيه كلام معروف.
وقوله: "لم نكن نطوف بعد صلاة الصبح
…
" فيه نكارة واضحة، فإنّ المنع ليس من الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وإنما النهي عن الصلاة بعدهما. ولذا من كره الصلاة بعدهما أخرها بعد طلوع الشمس أو بعد غروبها. كما قال به أبو حنيفة ومالك وغيرهما.
وفي الموطأ في الحج (119) عن مالك، عن أبي الزبير المكي أنه قال:"لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، ما يطوف به أحد".
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(12/ 176): "هذا خبر منكر، يدفعه كلّ من رأي الطّواف بعد الصبح والعصر، ولا يرى الصلاة حتى تغرب الشمس".
53 - باب استحباب الرجوع إلى الحجر الأسود لاستلامه بعد ركعتي الطواف
• عن جابر بن عبد الله، قال: فَجَعَلَ (يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم) الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلا عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (1218) من طريق حاتم بن إسماعيل المدنيّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكر الحديث بطوله.
54 - باب وجوب السَّعي بين الصَّفا والمروة في الحجّ والعمرة
• عن عروة، قال: قلتُ لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنينَ -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ-: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، ، فَمَا عَلَى الرَّجُلِ شَيْءٌ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلا! لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَتْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؛ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ الله تبارك وتعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
متفق عليه: رواه مالك في الحج (129) عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال (فذكره). ورواه البخاريّ في الحج (1790) من طريق مالك، به، مثله.
وقال: زاد سفيان وأبو معاوية عن هشام: "مَا أَتَمَّ الله حَجَّ امْرِئٍ وَلا عُمْرتَهُ لَمْ يَطُفْ بين الصّفا
والمرْوَة".
ولم يروه مسلم من طريق مالك، ولكن رواه من طريق أبي معاوية (1277: 259)، وأبي أسامة (260) كلاهما عن هشام، به، وزاد الزيادة المذكورة.
ورواه البخاريّ (4861) من حديث سفيان، حدّثنا الزهريّ، قال: سمعت عروة: قلت لعائشة رضي الله عنها، فقالت: إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ لا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فَطَافَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ. هكذا مختصرًا.
ورواه مسلم (1277/ 262) من وجه آخر عن عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني عروة ابن الزبير، فذكر الحديث وقال عائشة: قد سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطّواف بهما.
ورواه ابن خزيمة (2769) من حديث عبد الرحيم -يعني ابن سليمان-، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، فذكرت الحديث، وقالت: فلعمري! ما أتَمَّ الله حجَّ من لم يطف بين الصفا والمروة؛ لأنّ الله عز وجل يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فهما شعائر الله.
• عن عاصم، قال: قلت لأنس بن مالك رضي الله عنه: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَال: نَعَمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَنْزَلَ الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (1648)، ومسلم في الحجّ (1278) كلاهما من طريق عاصم (هو ابن سليمان الأحول)، به، واللفظ للبخاري.
قوله تعالى: يدلّ على أنّ السّعي بينهما أمر حتم لا بدّ منه؛ لأنّ شعائر الله عظيمة لا يجوز التهاون بها، وقد أشار البخاريّ في "صحيحه" إلى ذلك فقال:"باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله".
قال الحافظ نقلًا من ابن المنيّر: "وجوب السعي مستفاد من كونهما جعلا من شعائر الله".
• عن علي بن أبي طالب: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصّفا والمروة في المسعى كاشفًا عن ثوبه، قد بلغ إلى ركبتيه.
حسن: رواه عبد الله بن أحمد من زياداته على المسند (597) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن أبي زياد القطوانيّ، حدّثنا زيد بن الحباب، أخبرني حرب أبو سفيان المنقريّ، حدّثنا محمد بن علي أبو جعفر، حدّثني عمّي، عن أبي، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث.
ورواه أبو بكر البزار -"كشف الأستار"(1117) - من طريق زيد بن الحباب، ثنا حرب بن
سريج، عن محمد بن علي بن الحسين، عن ابن الحنفية، عن علي، قال (فذكره).
وفي هذا الإسناد التصريح بأن العم هو ابن الحنفية، والأب هو علي بن أبي طالب.
وإسناده حسن من أجل الكلام في حرب أبي سفيان، وهو ابن سريج بن المنذر المنقري غير أنه حسن الحديث إذا لم يأت في حديثه ما ينكر عليه؛ لأنه كان يخطئ كثيرًا كما قال ابن حبان.
وقال البخاريّ: "فيه نظر". ولكن وثقه ابن معين. وقال الإمام أحمد: "لا بأس به". وقال أبو الوليد الطيالسيّ: "كان جارنا لم يكن به بأس ولم أسمع منه".
ومعنى حديثه قريب من حديث حبيبة بنت أبي تجراة.
• عن حبيبة بنت أبي تَجراة، قالت: دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ، وَهُوَ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ:"اسْعَوْا فَإِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُم السَّعْيَ".
حسن: وله طرق منها:
ما رواه الإمام أحمد (27367) - واللفظ له، والطبراني 24/ (227)، والدارقطني (2584)، والحاكم (4/ 70)، والبيهقي (5/ 98) كلّهم من طريق عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن، حدّثنا عطاء، عن صفية بنت شيبة، عن حبية بنت أبي تجراة، فذكرته.
وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي:"لم يصح".
قلت: عبد الله بن مؤمل هو ابن هبة المخزوميّ "ضعيف"، وبه أعلّه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1456)، وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي وابن معين. وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 247):"فيه عبد الله بن المؤمّل وثقه ابن حبان، وقال: "يخطئ" وضعّفه غيره".
ومنها ما رواه الدارقطنيّ (2582)، والبيهقي (5/ 97) كلاهما من حديث ابن المبارك، قال: أخبرني معروف بن مُشكان، أخبرني منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية، قالت: أخبرتني نسوة من بني عبد الدّار اللائي أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلن: "دخلنا دار ابن أبي حسين، فاطلعنا من باب مقطع فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد في المسْعى حتى إذا بلغ بني فلان موضعًا قد سماها من المسعي- استقبل الناس فقال: "يا أيها الناس! ، اسعوا، فإنّ السّعي قد كُتب عليكم".
وهذا إسناد حسن، ومعروف بن مُشكان -بضم أوله وسكون المعجمة- المكيّ حسن الحديث.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في "التنقيح"(3/ 513): "إسناد هذا الحديث صحيح، وإن كان غير مخرّج في السّنن، ومعروف بن مشكان صدوق، لا نعلم أحدًا تكلّم فيه ومنصور بن عبد الرحمن هذا ثقة، مخرج له في الصّحيحين، ولم يتكلّم فيه أبو حاتم، بل قال فيه: صالح الحديث". انتهى.
ومنها ما رواه الإمام أحمد (27463) وصحّحه ابن خزيمة (2765) كلاهما من حديث عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن واصل مولى أبي عيينة، عن موسى بن عبيد، عن صفية بنت شيبة،
أنّ امرأة أخبرتها أنها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة يقول: "اكتب عليكم السعيّ فاسعوا".
وإسناده لا بأس به؛ فإنّ موسي بن عبيد روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبان، وهو من رجال "التعجيل" إلّا أنّ فيه موسى بن عبيدة - بزيادة هاء كما في بعض نسخ المسند، والدارقطني (587). وقد نبّه الحافظ في "التعجيل" بأنه "عبيد" بدون هاء.
ولم ينبه إليه الحافظ الهيثمي في "المجمع"(3/ 247) فظنّ أنه الرّبذيّ فضعّفه من أجله.
قال ابن خزيمة: "هذه المرأة التي لم تسم في هذا الخبر هي: حبيبة بنت أبي تجراة".
ومنها: ما رواه ابن خزيمة (2764) عن محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، ثنا الخليل بن عثمان، قال: سمعت عبد الله بن بنيه، عن جدته صفية بنت شيبة، عن جدتها بنت أبي تجراة، قالت: كان لنا خلفة في الجاهلية، قالت: اطلعت من كوة بين الصفا والمروة، فأشرفت على النبيّ صلى الله عليه وسلم وإذا هو يسعى، وإذا هو يقول لأصحابه:"اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السّعي" فلقد رأيته من شدّة السّعي يدور الإزار حول بطنه حتى رأيت بياض بطنه وفخذيه". وفي الإسناد من لم توجد له ترجمة.
وبجموع هذه الطرق يكون الحديث حسنًا إن شاء الله تعالي.
وأمّا قول الحافظ في "الفتح"(3/ 498): "وله طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة مختصرًا، وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولي وإذا انضمّت إلى الأولى قويتْ" ففيه نظر؛ فإنّ الحديث من طرقه الكثيرة يشدّ بعضه بعضًا، وحديث ابن عباس لا يفيد شيئًا فإن في إسناده المفضل بن صدقة متروك كما قال الهيثمي (3/ 148)، وهو لا يصح أن يكون شاهدًا، ولذا لم أخرجه. انظر للمزيد "المنة الكبرى"(4/ 196 - 197).
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على أنّ السّعي فرض، وهو قول الكافة، وأنه لا يتحلّل ما لم يأت به.
عن عمرو بن دينار، قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف باليت سبعًا في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصّفا والمروة سبعًا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ..
وسألنا جابر بن عبد الله فقال: لا يقربنّها حتى يطوف بين الصفا والمروة. أخرجهما البخاري (1793، 1794).
وهذا مذهب عائشة، وابن عمر، وجابر بن عبد الله. وهو قول مالك، والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.
وذهب جماعة منهم: أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وفي رواية عن أحمد بأنه واجب وليس بفرض، وعلى من تركهـ دم.