الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• عن ابن عبّاس، قال: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَنْ أَرادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1526)، ومسلم في الحج (1181: 11) كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، ولفظهما سواء.
رواه البخاريّ أيضًا (1530)، ومسلم (1181: 12) من طريق وُهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، به، نحوه.
وقوله: "ممن أراد الحجّ والعمرة" فيه بيان أن الإحرام من هذه المواقيت إنما يجب على من كان مروره بها قاصدًا حجًّا أو عمرة دون من لم يرد شيئًا منهما.
فلو أنّ مدنيًّا مرّ بذي الحليفة وهو لا يريد حجًا ولا عمرة فسار حتى قرب من الحرم، فأراد الحج أو العمرة، فإنه يحرم من حيث حضرته النية ولا يجب عليه دم كما يجب على من خرج من بيته يريد الحجّ أو العمرة فطوى الميقات وأحرم بعد ما جاوزه. أفاده الخطابي.
قوله: "فمن كان دونهن فمهله من أهله" أي ميقاته منزله وبيته ولا يجاوزه من غير إحرام إنْ أراد الحج والعمرة، وأما أهل مكة فإن أرادوا الحج فيهل من بيته، وإن أراد العمرة فيخرج إلى الحل، ويحرم منه.
3 - باب من قال: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق
• عن أَبي الزُّبَير أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يُسْأَلُ عَنِ المُهَلِّ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ -أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ".
صحيح: رواه مسلم (1183) من طرق عن محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، به، فذكره.
هكذا رواه ابن جريج على الشّك، وبناء عليه ضعّفه النووي في "المجموع"(7/ 194) وذكر أن ابن ماجه (2915) رواه من طريق إبراهيم بن يزيد الخوري -بضم المعجمة- باسناده عن جابر مرفوعًا بغير شكّ. لكن الخوزيّ ضعيف لا يحتجّ بروايته.
ورواه الإمام أحمد (6697) عن جابر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بلا شك أيضًا، لكن من رواية الحجاج ابن أرطاة وهو ضعيف" انتهى.
وفاتته طريق ثالثة وهي ما رواه البيهقي (5/ 27) بإسناد حسن من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ومهلّ العراق من ذات عرق". ورواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة مستقيمة.
ورواه الإمام أحمد (14615) عن حسن، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرًا عن المهلّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ومهل أهل الطريق الأخرى من الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم".
وفاتته أيضًا طريق رابعة، وهي ما أشار إليها البيهقيّ عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير إلّا أنّ البيهقيّ قال:"والصحيح رواية ابن جريج" انتهى.
وترجيح البيهقيّ رواية ابن جريج المشكوك في رفعها من دون اعتبار من لم يشك في رفعه فيه نظر، وخاصة رواية ابن لهيعة التي عن أحد العبادلة عنه.
وقد قال كثير من أهل العلم: إذا روى عنه أحد العبادلة وهم: ابن المبارك، وابن وهب، والمقرئ فهو صحيح. ذكره عبد الغني بن سعيد الأزديّ، والسّاجي وغيرهما.
ومتابعة حسن وهو ابن موسى الأشيب لابن وهب يقوّي أن ابن لهيعة لم يخطئ فيه ولم يختلط.
• عن عائشة قالت: وقّت رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلِيْفَةِ، ولأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ، ولأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، ولأَهْلِ نجد قرنًا، ولأهل الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ.
صحيح: رواه النسائيّ (2656) عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصليّ، قال: حدّثنا أبو هاشم محمد بن علي، عن المعافى بن عمران، عن أفلح (هو ابن حميد)، عن القاسم، عن عائشة، فذكرته.
رواه أبو داود (1739)، والنسائيّ (2653) كلاهما من حديث هشام بن بهرام المدائنيّ، حدّثنا المعافي بن عمران، بإسناده فذكره مثله إلّا أنّ أبا داود اختصره بلفظ:"وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق".
وأبو هاشم محمد بن علي هو الأسدي، قال فيه العجلي:"ثقة رجل صالح". قال محمد بن غالب التمتام: قلت ليحيى بن معين: كتبت "جامع الثوري" عن أبي هاشم عن المعافى. فقال يحيى: بلغني أنّ هذا الرجل نظير المعافي أو أفضل منه. والخلاصة أنه "ثقة".
ثم هو لم ينفرد في ذكر ذات العرق لأهل العراق بل تابعه أيضًا هشام بن بهرام كما في رواية أبي داود، وهشام بن بهرام قال فيه ابن معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن سعد والعجليّ، وذكره ابن حبان في الثقات. وأخرجه أيضًا البيهقيّ (5/ 28) من طريقه بالتفصيل الذي عند النسائي وقال: رواه أبو داود عن هشام مختصرًا.
ولكن ذكر ابن عدي في "الكامل" في ترجمة (أفلح بن حميد)(1/ 408): أن الإمام أحمد أنكر على أفلح في هذا الحديث قوله: "ولأهل العراق ذات عرق" ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئًا.
وقال: قال ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد. فقيل له: يروي عنه غير المعافي؟ فقال: المعافي بن عمران ثقة.
قال ابن عدي: "أفلح بن حميد أشهر من ذاك، وقد حدّث عنه ثقات الناس، مثل ابن أبي زائدة، ووكيع، وابن وهب، وآخرهم القعنبي، وهو عندي صالح، وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها. وهذا الحديث ينفرد به معافي عنه".
قلت: فهو يحمل هذا التفرد على المعافى بن عمران الذي أكّد فيه الإمام أحمد بأنه ثقة.
والمقصود بالتّفرد هنا قوله: "وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق"، ولكن له شواهد كما تقدم، وكما سيأتي.
• عن ابن عمر، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلَأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ".
صحيح: رواه الإمام أحمد (5492) عن محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، سمعت صدقة بن يسار، قال: سمعت ابن عمر يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره. وإسناده صحيح.
وقوله: "ولأهل العراق
…
إلخ" لم يسمعه ابن عمر من النبيّ صلى الله عليه وسلم وإنّما سمعه من بعض الصّحابة، كما يدل عليه ما رواه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 93 - 94) من طريق جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل الطّائف قرنًا قال ابن عمر: وحدّثني أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق.
قال أبو نعيم: "هذا حديث صحيح ثابت من حديث ميمون، لم نكتبه إلّا من حديث جعفر عنه".
وهذا الحديث يكون جوابًا من ابن عمر في قوله في بداية الأمر لما سئل عن العراق، فقال:"لا عراق يومئذ" وهو ما رواه الإمام أحمد (4584) عن سفيان، سمع صدقةُ ابن عمر يقول -يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم-:"يهل أهل نجد من قرن، وأهل الشام من الجحفة، وأهل اليمن من يلملم".
ولم يسمعه ابن عمر، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم "مُهلّ أهل المدينة ذا الحليفة" قالوا له: فأين أهل العراق؟ قال ابن عمر: لم يكن يومئذ. ورواه أيضًا (6257) عن جرير، عن صدقة بن يسار، نحوه.
وقوله: "ولم يسمعه ابن عمر" أي "أهل اليمن من يلملم" كما ثبت ذلك في الصّحيحين كما سبق.
ثم عرف ذلك بواسطة بعض الصّحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم، ولأهل العراق ذات عرق.
فكان ابن عمر أحيانًا يضيف ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومرسل الصحابي حجة باتفاق، وأحيانًا
يضيفه إلى مَنْ أخبره به مِن الصّحابة. ويفهم من هذا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر بهذه المواقيت في أوقات مختلفة، والله أعلم.
• عن الحارث بن عمرو السّهميّ، قال:"أَتَيْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ النَّاسُ قَالَ فَتَجِيءُ الأَعْرَابُ فَإِذَا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا: هَذَا وَجْهٌ مُبَارَكٌ. قَال: وَوَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ".
حسن: رواه أبو داود (1742) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا عتبة بن عبد الملك السّهميّ، حدثني زرارة بن كُريم، أن الحارث بن عمرو السهمي حدّثه فذكره.
ورواه الدارقطني (2502)، والبيهقي (5/ 28) كلاهما من حديث أبي معمر عبد الله بن عمرو، فذكرا مثله. وزاد البيهقي بعد قوله:"ذات عرق لأهل العراق""ولأهل المشرق".
وقال البيهقي: وإلى هذا ذهب عروة بن الزبير فيما رواه هشام بن عروة عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المشرق ذات عرق.
قلت: إنه مرسل جيد.
وحديث الحارث بن عمرو حسن من أجل زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهميّ قالوا: له رؤية. ولكن ذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 267) في ثقات التابعين.
وقول البيهقي في "المعرفة"(7/ 96): "وفي إسناده من هو غير معروف" الصواب أنهم معروفون.
وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الزيلعيّ في نصب الراية (3/ 14) إلا أنها معلولة كلها.
وأما ما رُوي عن ابن عباس: "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المشرق العقيق" فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (1740)، والترمذيّ (832) كلاهما من حديث وكيع، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، فذكره. ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (3205). قال الترمذي: حسن.
قلت: ليس هو بحسن، بل هو ضعيف لسببين:
السبب الأول: أن فيه يزيد بن أبي زياد فإنه ضعيف باتفاق أهل العلم.
قال النووي في "المجموع"(7/ 195) رادًا على تحسين الترمذي: "هو ضعيف باتفاق المحدثين".
وقد ضعّفه قبله المنذري، وقال البيهقي في "المعرفة" (3/ 533): تفرّد به يزيد بن أبي زياد.
والسبب الثاني: أن فيه انقطاعًا فإن محمد بن علي لم يسمع من جده ابن عباس، وإنما الصحيح أنه يروي عن أبيه، عن جدّه.
قال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام": "هذا حديث أخاف أن يكون منقطعًا؛ فإن