الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ قال: رميتُ بثمان، ومنا من قال: رميتُ بتسع، فلم يروا بذلك بأسًا".
رواه الإمام أحمد (1439) عن عفّان، عن عبد الوارث، حدّثنا ابن أبي نجيح، قال: سألت طاوسًا عن رجل رمي الجمرة بست حصيات، فقال: ليطعم قبضة من طعام. قال فلقيتُ مجاهدًا، فسألته وذكرتُ له قول طاوس. فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن أما بلغه قول سعد بن مالك، قال (فذكره).
ورواه النسائيّ (3077)، والبيهقي (5/ 149) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، فذكره مختصرًا.
قال ابن التركماني في الجوهر النقي: "سكت عنه، وقال ابن القطان: لا أعلم لمجاهد سماعًا من سعد. وقال الطحاوي في "أحكام القرآن" حديث منقطع، لا يثبت أهل الإسناد مثله. وذكر ابن جرير في "التهذيب" أنه لم يستمر العمل به؛ لأنه لم يصح لاختلاف الرّواة عن ابن أبي نجيح فيه، فقد رواه الحجاج بن أرطاة، عنه، عن مجاهد، عن سعد أنّ اختلاف رميهم كان بالزيادة على السّبع لا بالنقصان عنها، وهو أولى بالصّواب وإن كان من رواية الحجاج لموافقة ما تظاهر به الأخبار من وجوب الرمي بسبع، ولأنّ سعدًا لم يذكر أن ذلك كان عن أمره عليه السلام وفعله، ولأنه لو صحّ فهو منسوخ للنقل المستفيض بوجوب السبع" انتهى كلامه.
قلت: وهو كما قال؛ فإنّ الصحيح عند جمهور أهل العلم أن الواجب سبع حصيات كما صحّ ذلك من حديث عبد الله بن عباس، وجابر، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم. كما ذكره محب الطبري في كتابه "القرى" (ص 440) وقال:"وشكّ الشّاك لا يؤثّر في جزم الجازم".
وأما من رمي أقل من سبع فذهب بعض التابعين كعطاء أنه قال: إن رمى بخمس أجزأه، وقال مجاهد: إن رمى بستٍّ فلا شيء عليه، وبه قال أحمد وإسحاق وغيرهما. وقد ذكرت ذلك بالتفصيل في "المنة الكبرى"(4/ 242) فراجعه، فإن فيه مسائل أخرى تتعلّق بالرّمي.
108 - باب استقبال جمرة العقبة عند الرمي وجعل الكعبة عن اليسار ومني عن اليمين
• عن عبد الرحمن بن يزيد، أنه حجّ مع ابن مسعود رضي الله عنه فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات، فجعل البيت عن يساره ومني عن يمينه، ثم قال: هذا مقامُ الذي أُنزلْت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1749)، ومسلم في الحج (1296: 305) كلاهما من طريق إبراهيم (هو النخعي)، عن عبد الرحمن بن يزيد، فذكره.
109 - باب رمي الجمار راكبًا وماشيًا
• عن جابر قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النّحر ويقول: "لتأخذوا مناسككم، فإنّي لا أدري لعلّي لا أحجُّ بعد حجّتي هذه".
صحيح: رواه مسلم في الحج (1297) من طريق عيسي بن يونس، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول (فذكره).
• عن يحيى بن حصين، عن جدّته أمّ الحصين قال: سمعتها تقول: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع فرأيته حين رمي جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشّمس قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا كثيرًا، ثمّ سمعته يقول:"إنّ أمر عليكم عبد مجدع (حسبتها قالت): أسود يقودكم بكتاب الله تعالي فاسمعوا له وأطيعوا".
صحيح: رواه مسلم في الحج (1298) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن يحي بن الحصين، فذكره.
• عن قدامة بن عبد الله، قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار على ناقة. وفي رواية: على ناقة له صهباء ليس ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك.
حسن: رواه الترمذيّ (903)، والنسائيّ (3061)، وابن ماجه (3035)، كلّهم من حديث أيمن ابن نابل، عن قدامة بن عبد الله، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح، وإنما يعرف هذا الحديث من هذا الوجه، وهو حديث أيمن بن نابل، وهو ثقة عند أهل الحديث".
قلت: والحديث رواه أيضًا الإمام أحمد (15410) من هذا الوجه وإسناده حسن من أجل الاختلاف في أيمن بن نابل غير أنه حسن الحديث.
• عن ابن عمر، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رمي الجمار مشى إليها ذاهبًا وراجعًا.
صحيح: رواه الترمذيّ (900) عن يوسف بن عيسى، حدّثنا ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
قال الترمذي: "حسن صحيح".
ورواه أبو داود (1969) عن القعنبيّ، حدّثنا عبد الله -يعني ابن عمر-، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النّحر ماشيًا ذاهبًا وراجعًا، ويخبر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يفعل.
وفيه عبد الله بن عمر بن حفص العمريّ ضعيف، ولكن تابعه أخوه عبيد الله -المصغر- وهو ثقة، كما رأيت.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وقال بعضهم: يركب يوم النحر، ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر.
وكأنّ من قال هذا إنما أراد اتباع النبيّ صلى الله عليه وسلم في فعله؛ لأنه رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه ركب يوم النحر حيث ذهب يرمي الجمار، ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة" انتهى.