الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا؛ وذلك أنّ الله يقول في كتابه:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [سورة آل عمران: 97].
رواه الترمذيّ (812) عن محمد بن يحيى القطعيّ البصريّ، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا هلال ابن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي، حدّثنا أبو إسحاق الهمدانيّ، عن الحارث، عن علي، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقال، وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يضعّف في الحديث".
قلت: الحارث هذا كذّبه الشعبيّ وابن المديني.
وهلال، قال فيه البخاريّ:"منكر الحديث"، وقال ابن عدي:"هو معروف بهذا الحديث، وليس الحديث بمحفوظ". ورُوي نحوه عن أبي هريرة.
رواه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1620) بإسناده عن عبد الرحمن بن القطامي، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة، مرفوعًا:"من مات ولم يحج حجّة الإسلام في غير وجع حابس، أو حجّة ظاهرة، أو سلطان جائر، فليمت أي الميتتين إمّا يهوديًّا أو نصرانيًّا".
ونقل عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: "رجل لقيته أنا ويقال له عبد الرحمن بن القطامي يحدث عن أبي المهزم وكان كذابًا".
وقال الدارقطني: "عبد الرحمن بن القطامي، روي عن أبي المهزم، عن أبي هريرة نسخة موضوعة". ذكره ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(3/ 405).
وفي الباب أحاديث أخرى إلّا أنّها كلّها ضعيفة. انظر: "التلخيص"(2/ 22).
10 - باب وجود الزوج أو المحرم مع المرأة في السفر إلى الحج والعمرة
• عن ابن عباس، قال: سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُول: "لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا ومَعَهَا ذُو مَحْرَم، وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ". فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَال:"انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ أهلك".
متفق عليه: رواه البخاريّ في جزاء الصيد (1862)، ومسلم في الحج (1341) كلاهما من طريق عمرو بن دينار، عن أبي معبد مولى ابن عباس، قال: سمعت ابن عباس يقول (فذكره)، واللفظ لمسلم.
• عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَة، إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا".
متفق عليه: رواه مالك في الاستئذان (37) عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، به، فذكره. ورواه مسلم في الحج (1339: 421) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه البخاريّ في تقصير الصلاة (1088)، ومسلم في الحج أيضًا (1339: 420) كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، حدّثنا سعيد المقبريّ، به، نحوه.
• عن ابن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تسافر المرأة ثلاثًا إلّا ومعها ذو محرم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في تقصير الصّلاة (1087)، ومسلم في الحجّ (1338) كلاهما من طريق يحيى القطان، عن عبيد الله (هو ابن عمر العمري)، أخبرني نافع، عن ابن عمر، به.
• عن قزعة مولى زياد، قال: سمعت أبا سعيد -وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً- قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي:"أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلا صَوْمَ يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى".
متفق عليه: رواه البخاريّ في جزاء الصيد (1864)، ومسلم في الحج (827: 416) كلاهما من طريق شعبة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت قزعة مولي زياد، به، فذكره، واللفظ للبخاريّ. واختصره مسلم مقتصرًا على الحديث الأوّل.
ثم قال: "واقتصّ باقي الحديث" يعني الأحاديث الثلاثة الباقية، كما هي عنده من رواية جرير (هو ابن عبد الحميد الضبي)، عن عبد الملك بن عمير، به.
• عن أبي سعيد قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم".
متفق عليه: رواه البخاري في فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1197)، ومسلم في الحج (827: 416) كلاهما من حديث شعبة وغيره، عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد في سياق طويل. انظر: ما جاء في المساجد التي تُشد إليها الرحال.
• عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أين نزلت؟ " قال: على فلانة. قال: "أغلقت عليك بابها؟ لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم".
صحيح: رواه الدارقطني (2/ 222 - 223) وأبو عوانة - كما في الإتحاف (9026) كلاهما من حديث أبي حميد المصيصي، ثنا حجاج، ثنا ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي معبد مولي ابن عباس، عن ابن عباس، فذكره.
وقرنه الدارقطني بعكرمة بالشك فقال: "أبو معبد أو عكرمة" وهو من أبي معبد بدون شك. والحجاج هو ابن محمد المصيصي الأعور مختلط.
ورواه البزار في مسنده: حدثنا عمرو بن علي، ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، أخبرني عمرو ابن دينار، سمع معبدا مولى ابن عباس، يحدث عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تحج امرأة إلا ومعها محرم" فقال رجل: يا نبي الله! إني اكتتبت في غزوة كذا، وامرأتي حاجة. قال:"ارجع فحج معها" ذكره الزيلعي في "نصب الراية"(3/ 10).
وفيه متابعة للحجاج المصيصي الذي اختلط بآخره لما قدم بغداد، تابعه أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، وهو ثقة حافظ، وإسناده صحيح، وصحّحه أيضا ابن حجر في "الدراية"(2/ 4).
• عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم استند إلى الكعبة، فوعظ الناس، وذَكَّرَهم، ثم قال:"لا يصلين أحد بعد العصر حتى الليل، ولا بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ثلاثة أيام".
حسن: رواه عبد الرزاق في "المصنف"(10750) عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم (الجزري)، أن عمرو بن شعيب أخبره، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، فذكره. ومن هذا الطريق أخرجه أيضا أحمد (6712).
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنه حسن الحديث.
• عن عمر بن الخطاب أنه أَذِنَ لأزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.
صحيح: رواه البخاريّ في جزاء الصيد (1860) فقال: قال لي أحمد بن محمد (هو الأزرقي)، حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن جده أذن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي فذكر الحديث. وقوله:"قال لي": يُحمل على الاتصال.
تنبيه: فإن قيل إن عثمان وعبد الرحمن رضي الله عنهما ليسا محرمين لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكيف خرجْن إلى الحجّ معهما؟ .
الجواب: إنّ المؤمنين كلَّهم محارم لهنّ من حيث النكاح؛ لأن الله حرَّم ذلك إلى الأبد بقوله تعالى: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53] ولأنهن أمهات المؤمنين لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [سورة الأحزاب: 6]، وذلك في تعظيمهن واحترامهن كالأمهات، لا في جواز الخلوة بهن وعدم تزويج بناتهن، فإذا أمن الفتنة، وهيأ لهن خليفة المسلمين أسباب السفر مثل المركب والمأكل والمشرب ورفقة النساء الثقات مع أزواجهن جاز لهن الخروج في سفر الحج، كما حصل لهن في زمن عمر، وكما أنهن استأذن أيضا عثمان في الحج، فقال: أنا أحج بكن، فحج بهن جميعا إلا زينب كانت ماتت، وإلا سودة فإنها لم تخرج من
بيتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
فقه الحديث:
أحاديث الباب تفيد اشتراط المحرم في الحجّ.
قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم، هل يجب عليها الحجّ؟ قال: لا. وقال أيضًا: المحرم من السبيل. وبه قال أيضًا أصحاب الرأي.
وقال الشافعي: "ليس المحرم شرطًا في الحجّ بحال، ولها أن تخرج مع حرّة مسلمة ثقة". وكذلك قال مالك: "تخرج مع جماعة النساء".
وقال الأوزاعي: "تخرج مع قوم عدول".
والأوّل معه الأدلة القاطعة؛ ولذا قال ابن المنذر: "تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كلّ واحد منهم شرطًا لا حجّة معه وعليه".
والمصالح الشرعية تقتضي أيضًا وجود المحرم في الأسفار عمومًا، وفي سفر الحجّ خصوصًا لما تتعرّض له المرأة من المخاطر والمضايقات في الأسفار.
• عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة لها زوجها، ولها مال ولا يأذن زوجها في الحجّ، قال:"ليس لها أن تنطلق إلّا بإذن زوجها".
حسن: رواه الطبراني في "الأوسط"(4259)، و"الصغير"(582) -"مجمع البحرين"(1669) -، والدّارقطني (2441)، والبيهقي في "الكبري"(5/ 223)، وفي "المعرفة"(7/ 501) كلّهم من طريق حسان بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
قال الطبراني: "لم يرو عن نافع إلا إبراهيم الصّائغ، ولا عن إبراهيم إلا حسّان بن إبراهيم، تفرّد به محمد بن أبي يعقوب الكرمانيّ".
وقال البيهقي في "المعرفة": "تفرّد به حسان بن إبراهيم".
قلت: حسان بن إبراهيم هو الكرمانيّ أبو هشام العنزيّ من رجال الصحيح، وهو حسن الحديث، فلا يضر تفرده.
وأما مسألة استئذان المرأة زوجها في حجّ الفريضة ففيها تفصيل وهو: أنّ الأصل في الواجبات والفرائض المسارعة إلى أدائها، وليس للزوج حق في منع الزوجة عند وجوبها، بل الواجب عليه أن يتعاون معها في أداء الواجبات كالصّلاة والصوم والحج وغيرها. ولكن قد تقتضي المصلحة تأخير الحج لمدّة معينة لظروف خاصة؛ لأنّ الحجّ ليس كالصّلاة والصّوم لطول مدّته، فيستحب للمرأة أن تستأذن زوجها بخلاف الصّلاة والصوم، فإن منعها فلها أن تطيعه؛ لأنّ مخالفته قد تؤدي إلى النزاع والشقاق، والإسلام يأمر بإصلاح ذات البين.
وأما إن منعها منعًا مطلقًا فهذا لا يطاع؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل لها أن